في ردّ غير تقليدي، وربما غير مسبوق في الأعراف الدبلوماسيَّة، خرج علينا السفير السوري، بهجت سليمان، بردّ ضد التظاهرات التي تطالب بطرده من عمان، يطفح بما يمتلكه من قلة أدب واحترام ليس فقط للمواطنين الأردنيين، وكأنّهم بلا حكومة، بل لنظامه المتهافت، الذي يظهر في سطور ردّ السفير، بوصفه نظامًا همجيًّا لا يعرف الأعراف الدبلوماسيَّة ولا حقوق الناس بالتعبير والتجمهر، هذا في عمان، فكيف هي الحال في دمشق والمدن الأخرى؟! السفير، وهو بالمناسبة مقرَّب من الرئيس السوري، وقد شارك بفعالية في مجازر حماة في الثمانينات، لم يتركْ شتيمة ولا إهانة إلا وجهها للمواطنين، واستخدم كل ما في جعبة النظام الهالك من دعايات سياسيَّة جوفاء فارغة ليقذف بها كرامة المواطنين الذين تظاهروا، ويشكك في "وطنيتهم" الأردنيَّة وانتمائهم العربي، ويسبهم (ألا تخجلون من أنفسكم!- هكذا يقول السفير للمتظاهرين!). فقط لأنهم يتظاهرون أمام السفارة السوريَّة للمطالبة بطرده احتجاجًا على المجازر الهمجيَّة التي يرتكبها نظامه ضدّ شعبه! السفير، وكعادة نظامه، أراد مصادرة موقف الشارع الأردني عبر القفز مباشرة إلى استهجانه من المطالبة بطرده بدلًا من السفير الإسرائيلي، وكأنّ المتظاهرين الموجودين يرحبون بالسفير الإسرائيلي، ولو فكَّر الرجل قليلًا بحججه المتهاوية لأدرك أنّ كثيرًا من المتظاهرين قد تعرضوا للضرب المبرح من قوات الأمن والاحتكاك بهم سنوات طويلة لأنهم حاولوا الوصول إلى السفارة الإسرائيليَّة أو التوجه إلى الحدود للتأكيد على حق العودة. المؤسف، الذي لفلفه رد السفير، هو لماذا تساوي الجماهير اليوم بين المطالبات بطرد السفير الإسرائيلي والسوري؟! ليس فقط في عمان بل في دول عربيَّة عديدة، هل المشكلة في الجماهير ووعيها أم في النظام السوري الذي وصل إلى مرحلة تساوى فيها مع كيان الاحتلال، بل أعتقد أنه تجاوزها كثيرًا، فجنرالات الجيش الإسرائيلي يقتلون وينكلون بشعب آخر، أما جنرالاته وشبيحته ومدرعاته فهي تقصف شعبها الأعزل وتهدم البيوت على رءوس أصحابها وتعتقل عشرات الآلاف وتقوم بمجازر جماعيَّة وبمذابح وجرائم إبادة، وتعتقل وتطارد الضباط والمسئولين الشرفاء الذين يرفضون تنفيذ الأوامر الظالمة ضد شعبهم. ما يقفز عنه السفير برده الوقح أنّ تلك اللغة الممجوجة لا تسوّق اليوم على أطفال مدارس درعا فكيف على الشعوب العربيَّة بأسرها، فهذا النظام الذي يذل شعبه ويقتل الأطفال والنساء ليس مؤهلًا لمعركة العرب الحضاريَّة والتحررية، كيف ذلك وهو نظام يقوم على إذلال المواطن السوري وسحق حريته وكرامته؟ أشكر السفير أن أتاح للعالم بأن يتصفح أكثر من أي إناء ثقافي وأخلاقي وسياسي ينهل "أزلام" هذا النظام، وأتساءل فيما إذا كانت الحكومة الأردنيَّة ووزير الخارجيَّة والمسئولون قد قرءوا رد السفير الذي تجاوز الأدب والأعراف الدبلوماسيَّة وتهجم على مواطنين أردنيين جهارًا نهارًا أم أنّهم فقدوا القدرة على القراءة؟ المصدر: الإسلام اليوم