من المشاهد التي أحبها في السينما العربية المشهد الاخير من فيلم بخيت وعديلة 2 (الجردل والكنكة) هذا المشهد العبقري الذي صاغه المؤلف لينين الرملي حين دخل بخيت وعديلة مجلس الشعب ووجدا أن أكبر الاعضاء سنا هو مدير البنك المرتشي ووجدا عن يمينهما تاجر المخدرات وعن يسارهما النصاب الذي أطلق لحيته. طفق هذا المشهد أمام عيني حين شاهدت العديد من المرشحين في دائرتي لعضوية مجلس النواب 2015 وهم يتسابقون في عمل الدعاية والإعلان ويقدمون أنفسهم كي ينتخبهم الشعب كي يشرعوا لمصر قوانينها التي ستنظم العمل خلال الفترة القادمة من عمر الوطن، فهذا مرتشي والثاني حرامي والثالث نصاب والرابع لا يملك من المؤهلات ما يؤهله لفعل أي شئ وكل ما يملك هو المشاركة في المآتم والافراح، وهذا يملك من المال الكثير ويريد الوجاهة الإجتماعية بأن يصبح عضوا في البرلمان، وذاك يملك من المال الكثير ولكنه يتطلع إلي المزيد والمزيد من خلال الطرق الغير سوية والغير مشروعة والتي يظن بأنها ستستمر كما كانت من قبل، وآخر لا يعرف الفرق بين مجلس النواب ومجلس الآباء في المدرسة الإبتدائية الموجودة بقريته والتي كان يعمل بها ولكنه يبحث عن المقعد الذي كان يشغله أخوه، وآخر يحمل صكوك وأختام الفلول كفل أصيل يبحث عن السبيل لعودة الماضي القريب أو الماضي التليد بكل ما يحمل من مرارات وفساد وبكل ما له وما عليه، وآخر يستخدم آساليبه المجربة من قبل مثل اللعب علي أوتار الدين والفضيلة والعفة والشرف وباقي الصفات الحصرية والتي وصل بها لسدة الكرسي المنتظر أسفل القبة بما لا يخالف شرع الله. أعلم أن معايير الإختيار لنواب المجلس النيابي لا تقوم علي أسس الكفاءة والنزاهة ولكن يؤسس لمعايير الإختيار علي القبلية والعصبية –خاصة في محافظات الشعيد والمحافظات الحدودية، ورأس المال واللعب بالثلاث ورقات، وكذلك اللعب بورقة الدين وتعتبر هذه هي العوامل الحاكمة في الإختيار، والبداية الحقيقة لنهضة مصر تبدأ من الإختيار الجيد والمناسب للنواب الجدد، بغض النظر عن المعايير سالفة الذكر، فمصر في أمس الحاجة لنائب يعرف التوظيف الوظيفي لمهامه كنائب والتي يجب أن يقوم بها علي الوجه الاكمل، ويقتصر دور النائب علي التشريع ومراقبة أعمال الحكومة بعد الموافقة علي تشكيلها وتحويل مواد الدستور إلي قوانين معدة بعناية فائقة لتلبي إحتياجات المواطن المشروعة في العيش بحرية وبأمان وبعدل ومساواة، فالمرشح الذي سينجح سيصبح نائبا يشرع لوطن بأكمله ولن يشرع لأهله أو لعشيرته فقط، والإختيار الخاطئ لن يدفع ثمنه سوي الوطن والمواطن والأجيال القادمة.. أنا لا أريد أن أري في المجلس القادم أي من اللصوص أو الفلول أو من المتاجرين بالدين وبأحلام البسطاء.. لا أريد أن أري الوجوه الكريهة التي سئمنا طلتها ولم تجلب لمصر سوي الدمار والتخلف، وكم أتمني أن أري وجودا حقيقيا للشباب الذي عادة ما يجر قاطرة الأوطان إلي الامام بما يحمل من قلوب خضراء ونقاء ثوري وروح وثابة ونظرة حالمة لمستقبل أفضل يصنعه بنفسه ولنفسه، فهل سيسمح كدابين الزفة من محترفي اصول لعبة الإنتخابات بهذا لا أظن، ولكني أراهن علي مشاركة الشباب وقدرتهم علي تغيير أصول اللعبة. وللحديث بقية إن كان في العمر بقية
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.