أكد المستشار الدكتور إسلام إحسان، عضو مكتب فني رئيس هيئة النيابة الإدارية، أن مشروع قانون الخدمة المدنية سيترتب عليه مشاكل عملية خطيرة في مجال المساءلة التأديبية على المخالفات المالية. وقال "إحسان" إن مشروع القانون ألغى الاختصاص الحالي للنيابة الإدارية بالتحقيق في كل المخالفات المالية، وذلك بأن نص مشروع القانون على أن المخالفات المالية التي تختص النيابة الإدارية وجوبيا بالتحقيق فيها، يشترط أن يترتب عليها ضرر مالي يتعذر اقتضاؤه وتحصيله من الموظف، وهو ما سيؤدى حتما إلى تقليص اختصاص النيابة الإدارية في هذا الصدد، دون مبرر مقبول أو سبب سائغ ' وتذرع واضعو المشروع بأن ذلك التقليص بهدف تخفيف العبء عن النيابة الإدارية..التي لم يصدر عنها أية مطالبة بذلك من قبل، والتي تختص وحدها دون غيرها بالتحقيق في المخالفات المالية أيًا كانت قيمة الضرر المالي منذ عام 1983 و تصل نسبة انجازها للقضايا التي تباشر التحقيق فيها إلى 96% سنويا، بما يدل على ان التعديل المقترح ليس له ما يبرره أو يدعو إلى إجرائه. وأضاف المستشار الدكتور إسلام إحسان، أن القانون المقترح سيثير مشكلات قانونية في التطبيق العملي إذ أن تحديد عجز الموظف عن سداد قيمة الضرر المالي الناتج عن المخالفة التأديبية هو أمر قد لا يتضح فور اكتشاف المخالفة وإنما قد يتأخر إلى بعد انتهاء جهة الإدارة من التحقيق وتوقيع جزاء إداري على الموظف بناء على تحقيقاتها التي قد يتعهد فيها المتهم بسداد قيمة الأضرار التي تسبب فيها ثم يتعسر في السداد لأي سبب من الأسباب فيكون من المحتم في هذه الحالة إبلاغ النيابة الإدارية وجوبيا بذات المخالفة المالية، متسائلًا: ماذا سيكون مصير قرار الجزاء السابق صدوره عن جهة الإدارة عن ذات المخالفة والذي قد يكون في أغلب الأحوال قد تم تنفيذه على الموظف بالفعل.. وهنا ستثور إشكالية قانونية إذ كيف سيعاد التحقيق في هذه المخالفة.. رغم سبق مجازاة الموظف عنها و هو ما يتعارض و مبدأ عدم جواز العقاب على الجرم الواحد مرتين، كما اغفل مشروع قانون الخدمة المدنية النص على غل يد جهة الإدارة عن مباشرة التحقيق في ذات المخالفات التي تباشر النيابة الإدارية التحقيق فيها على النحو المنصوص عليه في قانون العاملين المدنيين بالدولة الحالي لمنع ازدواج التحقيقات بين النيابة الإدارية و جهة الإدارة، و هي ضرورة عملية لا مناص من النص عليها لمنع ازدواج التحقيقات.
وأشار "إحسان" إلى أن تحديد نصاب مالي للمخالفات المالية التي تحال إلى النيابة الإدارية أمر يتعارض والسياسة التشريعية التي ينتهجها المشرع في تحديد اختصاص سلطات التحقيق إذ لم يحدد المشرع الجنائي نصاب مالي معين لتحديد اختصاص النيابة العامة بالتحقيق في جرائم المال العام ولم يشترط أن تتولى التحقيق في الجرائم الجنائية التي ينشأ عنها ضرر يتعذر تداركه على نحو ما ابتدعه واضعو مشروع قانون الخدمة المدنية بالنسبة للنيابة الإدارية.