أصدَر بشار الأسد مرسومًا تشريعيًّا يقضي بتعديل مادتين من قانون العقوبات رقم 148 للعام 1949 تتعلقان بالتجمعات والتظاهرات، وجاء في المرسوم الذي حمل الرقم 110 أنه "تعدل الغرامة الماليَّة في المادة 335 على أن تصبح عشرين ألف ليرة سورية"، كانت المادة 335 قبل تعديلها تنص على عقوبة الحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة مائة ليرة، كما نصَّ المرسوم التشريعي على تعديل مطلع المادة 336 ليصبح على النحو الآتي: "كل حشد أو تجمع موكب على الطرق العامَّة أو في مكانٍ مباح للجمهور يعد تجمعًا للشغب، ويعاقَب عليه بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة بخمسين ألف ليرة سوريَّة". للمراسيم المعلنة أعلاه معانٍ وأبعادٌ متعددة، فبالرغم من تكرار ادِّعاءات النظام بأنه أصدر حزمة من الإصلاحات "الورقيَّة والإعلاميَّة" والتي تخالف الواقع وتناقض ما يجري على الأرض، فإنه بمثل هذه المراسيم يتنكب حتى على ادِّعاءاته اللفظيَّة ليعمد إلى تشديد العقوبات بحق المتظاهرين، وحين يكون تشديد العقوبات موجهًا نحو جانب الغرامة الماليَّة ليتمّ مضاعفتها بأكثر من 200 مرة، فإن الأمر يشير إلى أزمة ماليَّة خانقة يعاني منها النظام، مما يعطي المصداقيَّة للتقارير والتي تعددت مشيرة إلى عجز النظام عن دفع المال للشبيحة، لدرجة أن بعضهم يفكر في التوقف عن أعمال القمع والقتل مما يهدِّد النظام بانهيار السريع. الحصار المالي المضروب غربيًّا على النظام، والشهور الستة العاصفة استنزفت الكثير من أرصدة الحكم الماليَّة بالإضافة إلى ابتعاد العديد من رجال المال عنه خشية وقوعهم تحت طائلة عقوبات تجمد أرصدتهم الخارجيَّة وتقضي على استثماراتهم الغربيَّة، أمور ضيقت الخناق على النظام السوري وحاصرته في زوايا الإفلاس والانهيار. وإذا كان النظام يستخدم الجيش السوري -والذي استنزفت بناء مقدراته ثروات الوطن وضرائب المواطن- لتدمير البلاد وتمزيق وحدتها الوطنيَّة وقتل أبنائها وإذلالهم، فإنه وبعقلية المافيا يريد من المتظاهرين عبر مراسيم عجيبة أن يموِّلوا من جيوبهم ومدخرات عائلاتهم الشبيحة والذين يقومون باعتقالهم وقتلهم. من الواضح أن الأوضاع الاقتصاديَّة المتداعية قد توجه الضربة القاضية لنظام يترنح، من هنا فمن واجب المواطنين التعامل مع المسألة الماليَّة والاقتصاديَّة بحذر كبير ووعي رفيع، إن كان من جهة سحب مدخراتهم من بنوك الدولة أو لجهة الامتناع عن تمويل النظام والشبيحة من أجل الإفراج عن أحبتهم وأبنائهم، ومع تقديرنا الكبير لمعاناة المواطنين في الداخل ونبل محاولة تخليص أحبتهم من السجون وهو أمر إنساني رفيع، فإن دفع تلك الأموال سيدعم النظام ماليًّا ويشجعه على المزيد من الاعتقالات بسبب ومن غير سبب.