الحكم جاء قاصرًا في بيان واقعة الدعوى متضاربا في أسبابه وتناقض في جملة الأموال الدائر عليها جريمة الاستيلاء وتسهيله، وجاء تدليله فاسدًا. أودعت محكمة النقض حيثيات حكمها الصادر بإلغاء حكم محكمة جنايات القاهرة بمعاقبة الرئيس الأسبق حسني مبارك بالسجن المشدد لمدة 3 سنوات، ومعاقبة نجليه جمال وعلاء بالسجن المشدد لمدة 4 سنوات لكل منهما، في قضية القصور الرئاسية. وإعادة محاكمتهم من جديد أمام دائرة أخرى مغايرة. صدر الحكم برئاسة المستشار سلامة عبد المجيد، نائب رئيس المحكمة، وعضوية كل من المستشارين يحيي عبد العزيز ماضي وعصمت عبد المعوض ومجدي تركي ومعتز زايد وعلاء الدين صالح ومحمود عبد الرحمن وناصر إبراهيم وهشام رسمي وأيمن العشري وسكرتارية عماد عبد اللطيف وأحمد ممدوح
أكدت المحكمة في أسبابها أن حكم الجنايات المشار إليه جاء قاصرا في بيان واقعة الدعوى متضاربا في أسبابه وتناقض في جملة الأموال الدائر عليها جريمة الاستيلاء وتسهيله، وجاء تدليله فاسدا في شأن خروج المال من حوزة الدولة في شأن العقارات المملوكة لها ولم يدلل بما يسوغ على توافر جريمتي التزوير والاستعمال في حقهم وكذا عناصر الاشتراك وما أورده في شأن المساعدة لا يصلح ولا ينهض لقيامها في حق الطاعنين الثاني والثالث مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وأشارت الأسباب إلى أن الحكم المطعون عليه لم يوضح أسباب ما انتهى إليه من إدانة الطاعنين وفقا لما سبق وشملت الحيثيات أن الحكم السابق المطعون فيه تضمن صورتين للواقعة بشان التزوير في الفواتير، بأنها كانت بناء على تعليمات من رئيس السكرتارية الخاصة للرئيس الأسبق ثم عاد الحكم وذكر أن الطاعن الأول مبارك وآخرين زوروا المحررات الرسمية حال تحريرها المختص بوظيفته، مما يتعارض مع ما خلص إليه الحكم سالف الذكر نقلا عن أمر الإحالة من أن موظفى الرئاسة هم من قاموا بالتزوير، وأنه وافق على ما قاموا به من اصطناع للفواتير والمستخلصات، الأمر الذي معه يكون اعتناق الحكم لهاتين الصورتين المتعارضتين للأفعال التي دان بها الطاعن الأول مبارك بارتكابها يدل على اختلال فكرته عن عناصر الواقعة وعدم استقرارها الأمر الذي يستحيل معه على محكمة النقض أن تتعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى، فضلا عما يبين منه من أن الواقعة لم تكن واضحة للمحكمة الأمر الذي يؤمن معه خطؤها في تقدير مسؤولية الطاعنين ومن ثم يكون حكمها متخاذلا في أسبابه متناقضا في بيان الواقعة بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وأوضحت المحكمة في أسبابها إلى أن الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن مقدار الأموال المستولى عليها 125 مليونًا و779 ألفا و273 جنيها و53 قرشا، بينما كانت مجموع المبالغ التي أوردها بأقوال الشهود على التفصيل بالقضية جاءت جملتها 72 مليونا 706 ألف 817 جنيهًا، دون أن تبرر المحكمة في منطوق حكمها هذا الاختلاف بين المقدارين، ومن ثم يكون الحكم فوق قصوره مشوبا بالتناقض. وأضافت المحكمة أن الحكم المطعون فيه قد أعرض عن بحث ملكية العقارين رقمي 13 و15 بمصر الجديدة المخصصين لإقامة الطاعن الأول مبارك بصفته مبررا ذلك لارتيابه في صحة ما قدم من مستندات تفيد ملكية المخابرات العامة للعقار المذكور واعتد بالحيازة وحدها فان استدلاله في شان ذلك يكون مشوبا بالفساد إذ الحيازة بمجردها وان كانت تصلح لقيام جريمة الإضرار العمدي بالمال العام إذا ما ثبت مع قيام القصد الجنائي أن ما أجري على العقار محل الحيازة من اتفاق لم يكن له من مقتضي وهو ما لم يدلل الحكم عليها ولا تصلح لقيام جريمة الاستيلاء أو تسهيله وذلك لانتفاء الركن المادي كما تنتفي معه نية التملك وهي عماد التفرقة بين جريمتي الاستيلاء على المال العام في صورتى الجناية والجنحة بالمادة 113 بقانون العقوبات، حيث إن التسليم بحق الدولة على المال وانتهاج سلوك المستعير أو المستأجر تنتفى به نية التملك بما يعنى اكتساب الحيازة الناقصة أو اليد العارضة. وانتهت المحكمة في أسبابها إلى أنه بالنسبة لما شمله الحكم من إدانة الطاعنين الثاني والثالث جمال وعلاء مبارك بجريمة الاشتراك في الاستيلاء على المال العام بطريقي الاتفاق والمساعدة فان اتخاذ الحكم من امتناع الطاعنين جمال وعلاء مبارك عن سداد قيمة الأعمال التي أقيمت في مقراتهم الخاصة عمادا لقيام الاشتراك في حقهما مع كون ذلك فعل سلبي فانه يكون فوق قصوره في التدليل علي توافر الاشتراك فاسد الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه ولا يجزى في ذلك أن يكون الحكم قد أعمل في حق الطاعنين بنص المادة 32 من قانون العقوبات وأنزل عليهم عقوبة واحدة المقررة للجريمة الأشد وأخذا بالعقوبة المبررة،وما دام الطاعنون ينازعون في الواقعة بأكملها على ما يبين من محاضر جلسات المحاكمة أمام محكمة الموضوع وأسباب الطعن، فإنه يتعين النقض بإعادة المحاكمة دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن.
وكان مبارك ونجليه تقدموا بمذكرة للطعن عبر المحامى فريد الديب، تضمنت 22 وجها من أوجه الطعن منها أن مبارك لم يصدر تعليمات إلى مرؤوسيه في شأن تدبير النفقات المالية لعمليات التحسينات، التي طالت المقار موضوع الاتهام، وأن المتهمين الأربعة الذين أدخلوا في الدعوى، من مهندسى رئاسة الجمهورية وشركة المقاولون العرب، قرروا بالتحقيقات أنه لم تصدر إليهم أية تعليمات أو توجيهات من الطاعنين لاتخاذ ثمة أية إجراءات حول عمليات تطوير وتحسين المقار المملوكة لهم، كما أن مبارك ليست له صلة بعملية تزوير المحررات والمستخلصات المالية الخاصة بالمقار التي أدخلت عليها التعديلات والتحسينات، وأنه ونجليه لا علاقة لهم بمثل هذا التصرف ولم يكونوا طرفا فيه بأى وجه من الأوجه، كما شملت أوجه الطعن فقدان محكمة الجنايات، التي أصدرت الحكم لصلاحيتها، في ضوء إصدار المحكمة لبيان أعلنته من أعلى المنصة- قبيل النطق بالحكم- تفصح فيه عن عقيدتها بالإدانة، وأن مثل هذا الإجراء يمثل سببًا قويًا لبطلان الحكم برمته، وفقا لما استقرت عليه القوانين وأحكام محكمة النقض، التي استقرت على أن المحكمة يجب أن تلتزم بإعلان منطوق الحكم فقط.