أعربت العديد من المنظمات الحقوقية عن استيائها الشديد مما وصفته ب "الحكم الجائر" الصادر أمس بالسجن المؤبد ل229 متهمًا، بينهم الناشط السياسي أحمد دومة، وهند نافع مسئولة برنامج المدافعين عن حقوق الإنسان بمركز هشام مبارك للقانون وآخرين، وتغريمهم متضامنين ب 17 مليون جنيه، والسجن لمدة 10 سنوات ل39 متهم من الأحداث القصر، وذلك في القضية المعروفة إعلاميًا "بقضية مجلس الوزراء". واعتبرت المنظمات الحقوقية أن "هذه المحاكمة دليل دامغ على وجود خلل جسيم في نظام العدالة في مصر، ففي الوقت الذي صدر فيه هذا الحكم الجماعي القاسي بحق المتظاهرين والمعتصمين، لم تتم محاسبة أي من أفراد الجيش والشرطة الذين شاركوا في فض هذا الاعتصام وقتلوا ما يقرب من 17 متظاهرًا وقاموا بتعرية المشاركات والاعتداء عليهن، ومن بينهن على سبيل المثال هند نافع التي تعرضت للضرب المبرح، وحكم عليها أمس بالسجن المؤبد، بينما لم يحاسب أحد على ضربها وإهانتها". ورأت أن "كل مايحدث يؤكد انهيار العدالة المصرية". والمنظمات الموقعة علي البيان هي: "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، جمعية حقوق الإنسان لمساعدة السجناء، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، مركز أندلس لدراسات التسامح ومناهضة العنف، مركز قضايا المرأة المصرية، مركز هشام مبارك للقانون، مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية (أكت)، مصريون ضد التمييز الديني، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة، الائتلاف المصري لحقوق الطفل". ورأت تلك المنظمات أن "مثل تلك المحاكم وأحكامها التعسفية أظهرت القضاء المصري كخصم ، وليس حكم يفرط في توقيع أقصى العقوبات، يهدر أقل ضمانات العدالة، ويصدر أحكامًا بالجملة على المئات بالإعدام والمؤبد". وأضافت أن "الحكم الجماعي بالمؤبد في أحداث مجلس الوزراء لم يكن الأول من نوعه، فقبله بيومين صدر حكم بإعدام 183شخصًا، وقبل ذلك صدر حكم بإعدام 220شخصًا آخر في محكمتي المنيا وبني سويف، فضلاً عن أحكام جماعية بالمؤيد على 492شخصًا في أحداث المنيا، وغيرها الكثير من الأحكام التي لا يتسع هذا البيان لذكرها، والتي من شأنها أن تعزز من الدوافع لممارسة أعمال الثأر والانتقام والعنف السياسي، والمستفيد الوحيد منها هم الجماعات الإرهابية". وأشار البيان إلى "أن قضية أحداث مجلس الوزراء شهدت العديد من التجاوزات القانونية من قِبل هيئة المحكمة بحق المتهمين وهيئة الدفاع على حد سواء، بدءًا من تصريح القاضي رئيس الدائرة بموقفه الشخصي العدائي من المتهمين، مرورًا بإصدار المحكمة قرارها في وقت لاحق بالسجن ثلاث سنوات لأحمد دومة بتهمة إهانة المحكمة، بعدما اعترض على إبداء رئيس الدائرة رأيه في الدعوى". واتهم البيان هيئة المحكمة بأنها "مارست إرهابًا على المحامين من هيئة الدفاع، إذ سبق وأحالت خمسة محامين من أعضاء فريق الدفاع، المكونة من ستة محامين، إلى التحقيق بتهم مختلفة، لإصرارهم علي تحقيق طلباتهم وإكمال الجزء الناقص أو المفقود من أوراق القضية". وقال البيان إن "كل هذه التجاوزات التي مارست عليهم دفعت نقيب المحامين إلى إصدار قرار في 22نوفمبر 2014 بمنع حضور أي محام أمام تلك الدائرة، وإلزام المحامين بعدم قبول الانتداب في هذه القضية، وإحالة المخالفين لقرار مجلس النقابة للتأديب". الأمر الذي أشار البيان إلى أنه حدث بالفعل مع محامي قَبِّل الانتداب في القضية، "وذلك ردًا على الاعتداء المتكرر من قاضي الدائرة على المحامين والإخلال بالضمانات الممنوحة لهم بموجب الدستور والقانون، وتعسف هيئة المحكمة في استخدام الصلاحيات المقررة لها قانونًا لضبط الجلسة في اتهام المحامين وشكايتهم، بعد ترويعهم وإقصائهم عن التمسك بطلبات الدفاع الجوهرية عن موكليهم، فضلًا عن الاستهانة والاستخفاف بالمحامين الحاضرين أمام تلك الدائرة، وذلك على حد نص القرار". وقالت المنظمات الموقعة على البيان إن "ما يدعو للاستياء أن مجلس القضاء الأعلى لم يلتفت إلى القرار الصادر من مجلس نقابة المحامين رغم إبلاغه به، وعزف عن التدخل لاحتواء الأزمة أو مجرد التحقق من جدوى قرار نقابة المحامين، فما كان من القاضي إلا أن صمم على عقد الجلسات بدون محامين أصلاء عن دومة، المتهم الوحيد الحاضر، ملتفًا عن حقه في الدفاع ومستندًا إلى ثغرات النصوص التي تجيز له ندب محام لاستيفاء الشكل فقط". وطالبت المنظمات، المجلس الأعلى للقضاء لما له من مكانة وسلطة أدبية على القضاء في مصر ب "التدخل لوقف مسلسل انهيار منظومة العدالة المستمر، وإيجاد سبل لإصلاحه، أهمها أن ينأى القضاء بنفسه عن الدخول في الصراع السياسي، والالتزام بتحقيق العدل". جدير بالذكر أن أحمد دومة كان قد سبق الحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه 50 ألف جنيه لمشاركته في مظاهرة أمام محكمة عابدين، ورفضت المحكمة قبول النقض في تلك القضية مؤخرًا، كما صدر بحقه حكمًا بالسجن ثلاث سنوات بتهمة إهانة المحكمة التي تنظر قضية أحداث مجلس الوزراء، وحُكم عليه أمس بالسجن المؤبد في القضية نفسها.