انطلق في مدينة إسطنبول اليوم الخميس؛ المؤتمر الثالث لدراسة أوضاع اللاحئين السوريين في لبنان، بدعوة من اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية في لبنان، وبرعاية مؤسسة قطر الخيرية، وهيئة الإغاثة الإنسانية IHH، تحت شعار: "إغاثة، تنمية، ريادة". ويسعى المجتمعون من خلال المؤتمر؛ إلى تناول قضايا اللاجئين السوريين في لبنان، وسبل دعمهم في مختلف الأصعدة، وخاصة أن لبنان على وشك استقبال موجة برد جديدة؛ تمتد لثلاثة أيام في الأسبوع المقبل.
ويتضمن المؤتمر ورشات عمل وندوات؛ للحديث عن دعم اللاجئين من الناحية الطبية والتعليمية، وسبل إيوائهم، والصعوبات التي تواجههم، والكشف عنها ومحاولة إيجاد حلول لها، والتعريف بالمشاكل القانونية التي يتعرضون لها.
وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة قطر الخيرية "يوسف الكواري" - في كلمة راعي المؤتمر - إنه "لا يستطيع أن يخفي حزنه العميق لما وصل إليه الشعب السوري من نزوح ولجوء، وإن ما يبدد الأسى هو عزم المجتمعين على تخفيف أثر الأزمة التي يمر بها".
وأكد أن "قطر الخيرية تجدد التزامها المطلق؛ بتقديم المساعدة للشعب السوري، حيث بلغ مجموع المساعدات 250 مليون ريال قطري، تشمل مجالات عديدة، وهي مستعدة لتقديم الدعم في مجالات أخرى مع الشركاء، ومنها اتحاد الجمعيات الإغاثية اللبنانية".
وأعلن الكواري أن "قطر الخيرية خصصت 4 ملايين دولار؛ لدعم وتمويل مشاريع اتحاد الجمعيات الإغاثية اللبنانية، وعن تخصيص 2 مليون دولار؛ لتعزيز مبدأ الشراكة مع باقي الشركاء، وفق المعايير الدولية المعمول بها".
كما دعا "المجتمعين إلى بذل مزيد من الجهود والمشاورات، خصوصا مع وصول الأزمة السورية إلى السنة الرابعة، راجيا من الله أن يكلل جهود المجتمعين بالتوفيق والنجاح"، على حد وصفه.
من ناحيته وجه الشيخ "أحمد العمري" - أمين عام اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية - ؛ شكره "للدولة التركية ولجمعية قطر الخيرية وللحكومة اللبنانية، على تعاونها وتيسيرها للكثير من المهام"، وذلك في كلمته التي ألقاها في الجلسة الافتتاحية.
ودعا العمري "الحاضرين إلى ثقافة آمنة، وهي ثقافة الخير لا الشر، الحق لا الباطل، الهدى لا الضلال، ثقافة البر والتقوى، لا ثقافة الظلم والعدوان، العدل لا الظلم والطغيان، وكيف يحفظ كرامة الإنسان وصون عرضه، وحماية المظلومين، وكيفية حمايتهم من الحروب والكوارث وكيفية الوقوف إلى جانب اليتيم، وكيفية إنقاذ الإنسان من الهدم والحرق والغرق والكوارث، من خلال هذه الثقافة الآمنة".
وأضاف أن "تلك الثقافة تتضمن مفاهيم التراحم والإحساس بالمسؤولية، والعمل الجاد المخلص، واتحاد الجمعيات الإغاثية، والتي أنشئت لتكون مظلة ومرجعية للعمل الإغاثي في لبنان، وعمل شراكات استراتيجية مع عدد من المنظمات الدولية، ويصل بالعمل إلى درجة الاحترافية وفق المعايير الدولية".
من جانب آخر، بين أنه "يكاد ينتهي العام الرابع من الأزمة السورية، ولا تزال معاناة الشعب تتفاقم، وخاصة اللاجئين في الداخل والخارج، وأكثرهم في لبنان، البلد الذي يستضيف اليوم أكبر عدد من اللاجئين في العالم، وخاصة السوريين، حيث يصل عددهم لأكثر من مليون ونصف، يعيشون في ظل ظروف صعبة التركيب، فلا الدولة قادرة على رعايتهم، ولا المنظمات الدولية والمحلية، ولا الوضع الاقتصادي المحلي ولا الانظمة والقوانين تحميهم".
وشدد على أنه "وبناء على ما سبق؛ فإن دعم اللاجئين هي أولوية قصوى متقدمة على غيرها، ولذلك أنشئ اتحاد الجمعيات، ليكون المرجعية الواسعة، وتعمل باحترافية لنهضة المجتمع".
وكشف أن "الاتحاد نفذ خدمات العام الماضي بقيمة 10 ملايين دولار، وقدمت جمعيات أخرى 22 مليون دولار عبره، فوصلت الرعاية لنحو 13٪ من مجموع اللاجئين، فيما شملت الإغاثة أكثر من 60٪ منهم، فيما يطمح الاتحاد في 2015، أن تكون الرعاية لأكثر من 25٪ من اللاجئين، وتشمل الخدمات جميع اللاجئين".
وأكد على أهمية "انتقال فكرة الإغاثة إلى التنمية، ووضع رؤية إنسانية متكاملة، مثل القرية التي تشمل مشاريع تنموية بشكل يستغني به اللاجئ عن المساعدة ويصبح عضوا فاعلا، حيث سيقدم الاتحاد في هذا المؤتمر خطة لمنطقة عرسال، المنطقة الأكثر إهمالا، ويمد يده لكل العاملين في الحقل الخيري، ليكونوا جسدا واحدا، ويدا حانية تمتد للفقراء واللاجئين".
من ناحيته أكد النائب في البرلمان التركي "جمال يلماز دمير"؛ على أنه "على اطلاع على أوضاع اللاجئين السورين في تركيا، وزار المخيمات مرات عديدة، لافتا إلى أن الحكومة التركية أنفقت نحو 5 مليارات دولارا لمساعدة اللاجئين السوريين".
وانتقد يلماز دمير "المجتمع الدولي، الذي يكتفي بمراقة يراقب ما يحدث في سوريا دون عمل شيء، مشددا على أن حقوق الانسان منتَهكة بشكل كبير في سوريا، والعالم يراقب ويصم أذنيه دون عمل شيء، مستشهدا بمواقف الدول جراء هجمات باريس، التي استهدفت مجلة شارلي ايبدو، وهي المجلة التي أساءت مرارا للرسول الكريم".
ولفت إلى "أنهم في تركيا يدينون هذا العمل، وكما أنهم يقدسون حياة الإنسان؛ إلا أن توحد الدول لإدانة العمل وعدم تحركهم أمام لجوء ملايين السوريين ومقتل مئات الآلاف؛ له دلالات كثيرة، وحصل ذلك من قبل في عدد من الدول الإسلامية".
وكشف أن مؤسسة قطر الخيرية، وهيئة الإغاثة الإنسانية؛ عملتا كثيرا في مخيمات اللجوء، ولديهما مشروع حاليا لافتتاح مراكز طبية في مدينة إسطنبول للسوريين، شاكرا إياهما والمنظمات الأخرى التي قدمت مساعدات للسوريين".
كما اعتبر "بولنت يلدرم" - رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية، في كلمته - أن "المهمة تبدأ الآن، فالسنوات الأربع لم تكون بهذه الصعوبة للمؤسسات الاغاثية؛ لأن الجميع كان متحمسا وهمته عالية، ولكن الآن الوقت طال، وكثير من المانحين سيتراجعون ويرهقون، إلا أن المعاناة تستمر للأطفال والنساء، لذلك من سينجح هو من يصبر في العمل الإغاثي".
ولفت إلى أنه "كلما طال أمد الحرب قلت إمكانيات التعليم، وارتفع عدد غير المتعلمين، وأصبح هناك أناس لا يمكن التفاهم معهم، لذا كل مدارس تفتح لهم ستحدد مستقبل سوريا، والهيئة كمنظمة ستستمر دائما لكي تكون إلى جانب المستضعفين".
وتحدثت في الجلسة الافتتاحية أيضا؛ ممثلة المنظمات الدولية "كاميلا موس" - مديرة الاستجابة للأزمة السورية في أوكسفام - وآخرون، وانتهت الجلسة بتكريم المتحدثين وممثلي الجمعيات الخيرية.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد بينت في تقرير قبل أكثر من شهر؛ أن لبنان يحتل المرتبة الثانية بين دول الجوار في استقبال اللاجئين السوريين، وذلك بعد أن هرب الآلاف إليه؛ إثر علميات التطهير الطائفي في مدينة بانياس الساحلية، وقرية البيضا، وبعد المعارك القاسية في ريف حمص الغربي، في مدينة القصير، وما جاورها، وفي ريف دمشق في منطقه القلمون، وبلغ عددهم ما لا يقل عن 1.7 مليون لاجئ، من بينهم قرابة 570 ألف طفل، وما لا يقل عن 190 ألف امرأة.
وقد اقترب الصراع في سوريا من دخول عامه الخامس، حيث خلّف نحو 200 ألف قتيل، بحسب إحصائيات الأممالمتحدة، وأكثر من 300 ألف قتيل، بحسب مصادر المعارضة السورية، فضلًا عن أكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها.
ومنذ منتصف مارس/آذار (2011)، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من (44) عامًا من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة، غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات؛ ما دفع سوريا إلى دوامة من العنف، ومعارك دموية بين القوات النظام والمعارضة، لا تزال مستمرة حتى اليوم