توقّع راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية الإسلامية، صاحبة المركز الثاني في الانتخابات التونسية الأخيرة (69 مقعدا)، أن تقوم المملكة العربية السعودية، بقيادة ملكها الجديد، بدور تصالحي في المنطقة عامة، وفي مصر وحتى في سوريا. ففي مقابلة مع وكالة الأناضول تنشر نصها لاحقا، قال الغنوشي: "نتوقع أن تقوم المملكة العربية السعودية، وهي قبلة المسلمين، بقيادة ملكها الجديد خادم الحرمين سلمان بن عبد العزيز، بدور تصالحي في مصر وفي المنطقة وفي سوريا من أجل حقن الدماء وجمع الصفوف على كلمة سواء". وخلف سلمان أخيه الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي دعم بقوة السلطات الحالية في مصر، وتوفي الشهر الماضي. ومضى قائلا: "نحن متألمون لما يحصل في مصر ونتمنى للشعب المصري كل خير ونتمنى للقوى السياسية في مصر أن تلتقي على كلمة سواء وأن تنطلق من أن مصر لكل المصريين كما تونس لكل التونسيين". ورأى أنه "لا مجال للإقصاء لأن الإقصاء لا يحل مشكلة، والمخرج الوحيد للمنطقة من خطر الفوضى والتحارب هو التوافق بين القوى الرئيسية في كل بلد". ولم يؤكد الغنوشي أو ينف ما تحدثت عنه وسائل الإعلام عن مساعي بذلها هو لدى العاهل السعودي الجديد للقيام بمصالحة بين الأطراف المتصارعة في مصر منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق، محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، يوم 3 يوليو 2013. وينظم أنصار مرسي بوتيرة شبه يومية احتجاجات ضد ما يعتبرونه "انقلابا عسكريا" على مرسي، بينما يراه مناهضون له "ثورة شعبية" استجاب إليها وزير الدفاع في عهد مرسي، رئيس البلاد الآن، عبد الفتاح السيسي. وتتهم السلطات المصرية جماعة الإخوان بممارسة العنف، ويخضع المئات من أنصارها للمحاكمة، وصدرت بالفعل على الكثيرين منهم أحكام أولية، لكن الجماعة تقول إنها ملتزمة بالسلمية، وتتهم أجهزة الأمن بتعمد قتل أنصارها، وهو ما تنفيه السلطات. في سياق آخر، قال رئيس حركة النهضة إن قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة من قبل تنظيم "داعش" حرقا بالنار هو "فعل متوحش وسابقة لا نظير لها في تاريخ الإسلام". وأضاف أن قتل الكساسبة (27 عاما) حرقا "مثل صدمة كبيرة وهو سابقة لا نظير لها في تاريخ الإسلام من الحرق بالنار. الإعدام بالنار تقاليد متوحشة لم يعرفها تاريخ الإسلام، ولذلك هؤلاء أتوا "شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا"، مستوحيا آيتين قرآنيتين من سورة مريم تتحدثان عن غضب الله على من يدعون له الولد (سبحانه الواحد الأحد). واستطرد أن "ما ينبغي أن يصل التوحش والعلاقة بين المسلمين إلى هذه الدرجة ولذلك استنكرنا هذا العمل بأشد عبارات الاستنكار وعبرنا عن تعاطفنا مع الشعب الأردني ومع عائلة الكساسبة". وتابع "هذه درجة عالية من درجات التوحش يصل إليها الصراع في المنطقة". وحول ما إذا كان التراث الفقهي والفكري الإسلامي يغذي مثل هذه الأفكار، قال الغنوشي: "هناك أفكار شاذة عرفها التاريخ الإسلامي منذ العصر الأول كأفكار الخوارج التي تستسهل أمر الدماء التي عظّمها الله سبحانه وتعالى، ويقول الله تعالي في القرآن الكريم (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)". وتابع بقوله إن "فئات شاذة عبر تاريخ الإسلام كانت تتغذى من هذه البضاعة المزجاة (ناقصة ورديئة) بضاعة التطرف والتكفير والخوارج، فستحتلّ دماء المسلمين وتنال مما عظمه الله سبحانه وتعالى، فالمؤمن كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يزال في فسحة من دينه ما لم يتورط في دم مسلمٍ)". وبشأن دور الفقهاء والمفكرين المسلمين في التصدي لهذة الأفكار، أجاب الغنوشي: "لا بد من إشاعة فكر الاعتدال الذي يعظم النفس البشرية باعتبار المحافظة على النفوس مقصدا عظيما من مقاصد الشريعة، فالشرائع جاءت للمحافظة على ولتكرّم الإنسان ولم تأت لإزهاق روحه وهدر دمه". وأضاف أن "مسؤولية الأئمة والفقهاء والعلماء ورجال الإعلام والمعاهد الدينية مسؤولية عظيمة في محاصرة فكر التطرف وإشاعة فكر الاعتدال لأن فكر التطرف لا يمكن أن يصنع أمة. الله سبحانه وتعالى خلق الناس مختلفين ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم". ولا يمكن، بحسب الغنوشي، "أن يتم اجتماع إلا على أرضية فكر اعتدال والتوافق والقبول بالتعددية واختلاف الرأي في إطار عام من وحدة الأمة ووحدة الإنسانية". وأظهر تسجيل مصور منسوب لتنظيم "داعش"، بث مساء الثلاثاء، قتل الكساسبة، وهو متزوج منذ ستة أشهر، حرقا على يد عناصر من التنظيم، الذي يسيطر على مناطق في الجارتين العراقوسوريا ويتعرض منذ شهور لغارات جوية يشنها تحالف غربي - عربي، بمشاركة الأردن وقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وكان "داعش" قد أعلن يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول الماضي أسر الكساسبة بعد إسقاط طائرته الحربية التابعة للتحالف الدولي قرب مدينة الرقة السورية. وأعلن التنظيم في يونيو/ حزيران 2014 قيام ما أسماها "دولة الخلافة" على الأراضي التي يسيطر عليها في كل من سورياوالعراق.