لا يقتصر الأمر على سوريا والعراق واليمن، فالجماعات الإسلامية المسلحة صارت تتمتع بانتشار واسع في قارات العالم القديمة وعلى رأسها القارة السمراء، وصارت تسبب صداعًا لحكومات عدة، بل لقوى دولية استنفرت قواها للذهاب إلى أفريقيا للقتال ضد هذه الجماعات كما فعلت فرنسا في مالي. أستعرض موقع "ساسة بوست" أهم هذه الجماعات ومناطق نفوذها فيما يلي: 1- جماعة بوكو حرام (نيجيريا والكاميرون) ترتكز الجماعة في شمال شرق نيجيريا، وتعني الترجمة الحرفية لاسمها “التعليم الغربي حرام” وفقًا للغة المحلية،و(بوكو) اسم لنمطٍ من التعليم العلماني والمناهج الدراسية الجديدة التي أرادت السلطات الحكومية إدخالها إلى المناطق الإسلامية في نيجيريا بديلاً عن التعليم الديني المتوارث في تلك الأنحاء، وتقوم بأعمالها في نيجيريا والكاميرون، وتعرف نفسها على أنها جماعة إسلامية سلفية تهدف إلى تطبيق الشريعة في جميع ولايات نيجيريا. وتأسست الجماعة على يد شاب يدعى محمد يوسف (تم إعدامه عام 2009)، ويطلق على هذه الجماعة “طالبان نيجيريا” لأنها مؤلفة خصوصًا من طلبة تخلوا عن الدراسة وأقاموا قاعدة لهم في قرية كاناما بولاية يوبه شمال شرقي البلاد على الحدود مع النيجر. بدأت الجماعة تنشر أفكارها منذ عام 2004، وكان عددهم حينئذ حوالي 200 فرد بينهم نساء يرفضون جميعًا التعليم الغربي والنمط الغربي في المعيشة، الذي ينتشر في المدن الكبرى، ويطالبون بتطبيق الشريعة الإسلامية في كل الولايات النيجيرية ال36، وألا يكون تطبيقها قاصرًا على 12 ولاية في شمال نيجيريا فقط كما هو معلن منذ عام2000. واستمرت هذه الجماعة في نشر أفكارها بصورة سلمية بين أفراد المجتمع، خاصة الشباب حتى يوليو 2009 ؛ حيث تحولت إلى استخدام القوة المفرطة، وذلك بعدما تم القبض على عدد من قادة الجماعة في باوتشي؛ مما أدى إلى اشتعال اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن النيجيري وقُدِّر عدد الضحايا بحوالي 150 قتيلاً. وبدأت الجماعة منذ هذا الوقت في تنفيذ سلسلة من الهجمات المسلحة على مراكز الشرطة وبعض المباني الحكومية؛ مما دفع الأمن النيجيري إلى استخدام العنف معها، وانتهت المعارك بين قوات الأمن وعناصر الجماعة بعد مقتل أكثر من700 شخص، وقيام قوات الأمن بإعدام زعيم الجماعة محمد يوسف دون محاكمة، لتُعلِن السلطات النيجيرية أنها تمكنت من القضاء على جماعة بوكو حرام تمامًا، وأن الأمن قد استتب. بيد أن ما أعلنته الحكومة لم يكن صحيحًا تمامًا؛ حيث نُسِب للجماعة بعدها عددٌ من التفجيرات والهجمات التي شهدتها المناطق الشماليةالشرقية من نيجيريا في الفترة من 2010 إلى الآن (خلفت أكثر من 3000 قتيل) كما أن الجماعة قد أعلنت رسميًّا في وقت سابق انضمامها لتنظيم القاعدة، قبل أن تيمم وجهتها في العام الماضي صوب تنظيم الدولة الإسلامية، وتعلن الخلافة. تم الإعلان عن مقتل زعيم التنظيم أبي بكر شيكاو في سبتمبر الماضي في عملية للجيش النيجيري، لم يمضِ بعدها وقت طويل حتى أعلنت الجماعة بيعتها لأبي بكر البغدادي الخليفة المزعوم لتنظيم الدولة الإسلامية، وصارت أنشطة بوكو حرام تغطى ضمن الدوريات الإعلامية لتنظيم الدولة الإسلامية، وآخرها حوار أجرته مؤسسة العروة الوثقى الإعلامية التابعة للتنظيم مع “أبي مصعب البرناوي” قائد الجماعة زعم خلاله أن تحالفًا دوليًّا مكونًا من نيجيريا والكاميرون والنيجر وتشاد قد تم تدشينه لأجل محاربة التنظيم. 2- حركة الشباب المجاهدين (الصومالوكينيا) تنشط الحركة في كينياوالصومال وأحيانًا في إثيوبيا، وتعمد في معظم عملياتها أسلوب التفجيرات المميز لتنظيم القاعدة، وتأسست حركة شباب المجاهدين في عام 2004 كذراع عسكري لاتحاد المحاكم الإسلامية الصومالية – وهي محاكم شرعية على أسس عشائرية تعلن تبنيها للشريعة الإسلامية، نشأت لسد الفراغ الأمني والاجتماعي والتعليمي في الصومال عقب الحرب الأهلية الصومالية– إبان الصراع الذي خاضته المحاكم الإسلامية مع الحكومة الفيدرالية الصومالية بين عامي 1991 و2007، وهو الصراع الذي تم حسمه لصالح الحكومة الفيدرالية إثر تدخل دولي وغزو عسكري إثيوبي للصومال وعاصمتها مقديشيو. تراوح أعداد مقاتلي الحركة بين 4000 و7000 مقاتل – وهو إحصاء قديم إلا أنه آخر الإحصائيات المتوفرة– وتُعلن الحركة تبنيها للجهاد الإسلامي العام؛ لذا فإنها تستقبل المجاهدين الوافدين إليها من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، وللأجانب نفوذ كبير داخل الحركة، وصلة بالمواقع القيادية. قتل أمير الجماعة أحمد عبدي غودان خلال استهداف هذا العام، وبايعت الحركة أميرًا جديدًا، قبل أن تجدد مبايعتها لتنظيم القاعدة، وتشتهر في الحركة الخلافات الداخلية بين المقاتلين المحليين والوافدين. 3- كتيبة الملثمين (مالي والصحراء الكبرى) أبرز المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة في الصحراء الكبرى، يتركز نشاطها في مالي، ويقودها “مختار بلمختار” الذي يلقب بالأعور، والحركة مصنفة على قائمة الولاياتالمتحدة للمجموعات الإرهابية منذ ديسمبر عام 2013. يعتبر التنظيم أحد المجموعات المنشقة عن تنظيم القاعدة في المغرب العربي، وأبرز عملياته هي استهداف موقع أميناس لإنتاج الغاز في الجزائر في يناير عام 2013، وينشط التنظيم في محافظة غاوه بأقصى شرق الشمال المالي على القرب من الحدود المالية مع النيجر وبوركينافاسو، ولا يعرف العدد الحقيقي لأفراده وإن كان يعتقد أنها من أكثر المجموعات التابعة للقاعدة عددًا، وأكثرها تسليحًا. في العام الماضي، تم إعلان الاندماج بين كتيبة الملثمين، وبين جماعة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا لتشكيل ما يعرف ب”كتيبة المرابطين”، وهي مصنفة ضمن قائمة الإرهاب الإماراتية المثيرة للجدل. 4- تنظيم القاعدة في المغرب والساحل (الجزائر) ينشط في الجزائر خاصةً، نشأ عن الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية التي أعلنت في عام 2006 اضنمامها لتنظيم القاعدة، قبل أن تتسمى في العام التالي باسم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي. ويقول التنظيم إنه: “يسعى لتحرير المغرب الإسلامي من الوجود الغربي – الفرنسي والأمريكي تحديدًا – والموالين له من الأنظمة (المرتدة)، وحماية المنطقة من الأطماع الخارجية، وإقامة دولة كبرى تحكم بالشريعة الإسلامية”. 5- جماعة أنصار الدين (مالي وليبيا) هي حركة شعبية جهادية سلفية تأسست من الأبناء التقليديين لقبائل الطوارق، التي قادت تمردًا ضد الحكومة المالية في تسعينات القرن الماضي كانت وقته أقرب إلى الفكر اليساري منها إلى الفكر الإسلامي. عمل مؤسس الحركة “إياد أغ غالي”، قنصلاً عامًا لجمهورية مالي في جدة، لكن الرجل عرف في سنواته الأخيرة توجهًا دينيًّا انتهى به إلى اعتناق الفكر السلفي الجهادي، ومع سقوط نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي عاد الرجل إلى أزواد واتخذ من سلسلة جبال أغارغا مقرًا له، وبدأ في تجميع المقاتلين الطوارق ليكون نواة تنظيمه الجديد “حركة أنصار الدين”، التي جمعت بين البعد القومي والانفصالي لقبائل الطوارق، وبين الفكر الجهادي الإسلامي المنتشر في ذاك التوقيت. بدأ نشاط الجماعة يظهر بوضوح خلال عام 2012، وكانت أول عملياتها تفجير ضريح “سيدي محمود” وهو أحد 16 ضريحًا في البلاد، وقال المتحدث باسم الحركة ساندا ولد بوماما لوكالة الأنباء الفرنسية، أن الأضرحة كلها ستدمر دون استثناء، إضافة إلى الوثائق، تحتوي تمبكتو أيضًا على 700 ألف مخطوطة قديمة في 6 مكتبات خاصة. تحالفت هذه الحركة مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي تتشكل أساسًا من “توماستيين” (نسبة إلى كلمة توماست، وتعني القومية باللغة الطوارقية) وليبراليين ومستقلين، وآخرين لا يعرف لهم انتماء إيديولوجي، و تعد حركة وطنية غير جهادية، تسعى لاستقلال إقليم أزواد وإقامة دولة مدنية فيه، ولها جناحان: أحدهما عسكري، والآخر سياسي. 6- الحركة الوطنية لتحرير أزواد (مالي) هي حركة عسكرية وسياسية أسسها الطوارق في إقليم أزواد شمال مالي، وتسعى الحركة إلى إقامة دولة أزواد المستقلة، تتهم من قبل الحكومة في مالي بأنها على صلة بتنظيم القاعدة خاصة مع تحالفها مع جماعة أنصار الدين، إلا أن الحركة دومًا ما تنفي هذه الاتهامات. يعتقد أن الطوارق كانوا يقاتلون ضمن الجيش الليبي في عام 2011 إبان سقوط نظام العقيد معمر القذافي، قبل أن يهاجروا إلى شمال مالي. وفي يناير 2012 م، بدأت الحركة الوطنية لتحرير أزواد هجومًا استغرق أسابيع على مدن تساليت وأجلهوك ومنكا في شمال شرقي مالي قرب الحدود مع الجزائر، وبعد قيام النقيب أمادو سانوغو بانقلاب عسكري أطاح بالرئيس أمادو توماني برفقة ضباط آخرين متوسطي الرتب، استثمرت الحركة الوطنية لتحرير أزواد حالة الفوضى التي نتجت عن الانقلاب للسيطرة على مناطق كيدال وتمبكتو وغاو. بيد أن جماعات مسلحة بعضها يرتبط على الأرجح بتنظيم القاعدة، مثل: “أنصار الدين” استغلت بدورها الوضع، وباتت تشارك في السيطرة على مدن رئيسة مثل تمبكتو وغاو. 7- حركة التوحيد والجهاد توصف بأنها الجماعة المسلحة الأكثر نفوذًا في مالي وغرب أفريقيا، ظهرت في عام 2011، وتسيطر على أجزاء كبيرة من شمال مالي، وتهدف إلى بسط نفوذها في غرب أفريقيا، وإن كان نشاطها ما يزال يتركز في شمال مالي وجنوب الجزائر. وقد أعلنت حركة التوحيد والجهاد مسؤوليتها عن اختطاف ثلاث رهائن أوروبيين، إيطالي وإسبانيين، في غرب الجزائر في أكتوبر 2011، وسبعة دبلوماسيين جزائريين في مدينة گاو في أبريل 2012. وقالت تقارير إن الحركة طلبت 30 مليون دولار مقابل إطلاق سراح الرهائن الأوربيين، و15 مليون دولار لإطلاق سراح الدبلوماسيين الجزائريين. كما تطالب الحركة نفسها بإطلاق سراح اثنين من سكان الصحراء الغربية تم اعتقالهم من قبل القوات الموريتانية. ويشاع أن الحركة على خلاف كبير مع تنظيم القاعدة في المغرب العربي، حيث لا ترغب الحركة في قصر عملياتها في منطقة الساحل والصحراء، وتتضارب الأنباء حول هوية مقاتليها، فتشير التقارير إلى أن الأغلبية من الماليين والموريتانيين، بينما تشير أنباء أخرى إلى أن غالبيتهم من المقاتلين العرب. 8- جماعة أنصار الشريعة (تونس وليبيا) تأسست في أبريل 2012 بعد نهاية الثورة الليبية التي أطاحت بالقذافي، وتدعو الجماعة إلى تحكيم الشريعة في ليبيا، ويعتبر المراقبون أن هناك صلات بين جماعة أنصار الشريعة الليبية ونظيرتها في تونس، والتي تأسست عبر عدد من الإسلاميين المفرج عنهم بعد الإطاحة بنظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وتتركز في منطقة جبل الشعانبي، وتم تصنيفها كمنظمة إرهابية من قبل الحكومة التونسية، وتتهم بالتورط في عدة اعتداءات منها الاعتداء على التليفزيون التونسي في 2011، والهجوم على السفارة الأمريكيةبتونس في سبتمبر 2012، إضافة إلى حادثي اغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد براهمي. 9- أنصار بيت المقدس (مصر) رغم أن نشاط الجماعة يتركز جغرافيًّا في سيناء ، إلا أن أنشطتها لا تخلو من عمليات في القاهرة والدلتا، التنظيم الذي أعلن بيعته للبغدادي وأطلق على نفسه اسم ولاية سيناء متهم بالعديد من الأعمال التي استهدفت قوات الجيش المصري في سيناء، وآخرها الهجوم الاحترافي على مقر الكتيبة 101، وعدة مقار أمنية أخرى في سيناء أول أمس، وهو أكبر اعتداء من نوعه تتعرض له القوات المصرية منذ حربها مع دولة الاحتلال.