وهو على مشارف عامه 91، يشكك الكثير من الزيمبابويين في قدرة رئيسهم روبرت موغابي على تلبية مهام منصبه، ناهيك عن الأدوار القيادية الإقليمية والأفريقية التي تنتظره في عام 2015. وفي حديث لوكالة الأناضول قال جاكوب مافوم، المتحدث باسم جماعة "فريق التجديد" المنشقة عن حزب "حركة التغيير الديمقراطي" المعارض: "أتساءل لماذا يواصل هؤلاء الذين في حزب الاتحاد الوطني الإفريقي الزيمبابوي (زانو- بي إف) الحاكم إقحام رجل يبلغ من العمر 90 عاما في منصب الرئاسة". وأشار إلى أن صور أسرة الرئيس أثناء الاحتفال بعيد الميلاد، ورأس السنة الجديدة في الشرق الأقصى أظهرت موغابي بشكل أوهن من المعتاد، وأوضح أنه "من هذه الصور يبدو أنه لا يظهر على ما يرام في احتفالات (الرسمية)"، مضيفا: "ولهذا السبب يشيد المجتمع دور المسنين، وقصر الرئاسة ليست دارا للمسنين"، مشيرا إلى مقر الرئاسة في زيمبابوي. كعادته كل عام أخذ موغابي، إجازة لمدة شهر قضاها في منطقة الشرق الأقصى، حيث احتفل وعائلته بموسم العطلات. وظلت صحة موغابي أمرا في طي الكتمان، منذ وصوله إلى السلطة في عام 1980 بعد الاستقلال عن بريطانيا. وفي أعقاب تقارير إعلامية، مؤخرا، أشارت إلى أنه كان "على فراش الموت" في الشرق الأقصى، اضطرت الحكومة للرد على هذه "المزاعم". وأقر المتحدث باسم موغابي، جورج تشارامبا، أن الزعيم الهرم كان يعاني من مياه العين (إعتام عدسة العين)، ولكن ليس سرطان البروستاتا، كما ذكرت تقارير. وزار الرئيس سنغافورة ثلاث مرات على الأقل سنويًا، منذ عام 2012، وهو ما برره مكتبه بأنه لإجراء فحوص طبية منتظمة. وفي ذات السياق، تساءل الكاتب والمحلل السياسي أوبيرت نكوبي: "هل يمكننا حقا إبقائه رئيسا في هذه السن؟ ألا يوجد أشخاص آخرون قادرون في حزبه يمكنهم قيادتنا؟". وقال في حديث لوكالة الأناضول: "هل إبقائه رئيسا سيكون في صالح للبلاد". وفي غضون ذلك من المرجح أن يواجه زعيم زيمبابوي أعباء العمل ضخمة في عام 2015. ومحليا، تعاني البلاد اقتصادا متداعيا، علاوة على تهديد موظفي الخدمة المدنية في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بوقف العمل، احتجاجا على عدم تقاضي العلاوات السنوية. وفي الوقت نفسه، يواجه الحزب الحاكم أزمة شقاق منذ إقالة نائبة الرئيس السابقة جويس موجورو، و15 وزيرًا، بسبب مزاعم بأنهم "خططوا لانقلاب". وعلاوة على ذلك، يجب على الزعيم الزيمبابوي، أيضا التعامل مع الجدل الذي أثارته مؤخرًا زوجته غريس. وكانت محكمة هراري، أرجأت مؤخرا قرار طرد ما يقرب من 200 أسرة في قرية مازوي، التي تقع على بعد 66 كلم شمالي العاصمة، لإفساح المجال أمام مشروع إنشاء محمية طبيعية، يقال إنه برعاية السيدة الأولى. إقليميا، سوف يحضر موغابي قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين يومي 30 و31 يناير/ كانون الثاني، حيث سيرأس مؤسسة الوحدة الأفريقية، وسط مخاوف من الاضطرابات في منطقة الساحل الأفريقي (جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا)، وتصاعد عنف "بوكو حرام" في نيجيريا، والهجمات المتكررة من جانب جماعة "الشباب المجاهدين" في الصومال وكينيا. وبصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي، من المتوقع أن يقود موغابي جهود القارة السمراء لاحتواء فيروس "إيبولا" المميت الذي أودى بحياة أكثر من 5000 شخص في غرب أفريقيا وحدها. وسيكون هذا بالإضافة إلى مسؤولياته بصفته رئيس بالتناوب ل"مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية (سادك) التي تضم 15 دولة، هي: أنغولا، وبوتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وسوازيلاند، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوي، وناميبيا، وجنوب أفريقيا، وموريشيوس، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، مدغشقر، وسيشل. ومضى "مافوم" قائلا: "أن نتوقع منه التعامل مع أزمة سادك والاتحاد الافريقي أمر غير عقلاني تماما؛ لا أحد سليم التفكير يعتقد ذلك". وتابع: كان "سرا معلنا" أن جنوب أفريقيا تتعامل مع الأزمة في منطقة "سادك" بينما تتجاهل موغابي. وفشل "موغابي" في السيطرة على ناميبيا وجنوب أفريقيا في قمة "سادك" في الصيف الماضي، عندما رفضت الدولتان التوقيع على البروتوكول التجاري للجماعة. وينبغي عليى موغابي أن يتعامل مع عداء جنوب أفريقيا المجاورة المستمر لا سيما بعد رفض الرئيس جاكوب زوما التصديق على البروتوكول التجاري لمجموعة "سادك" في قمة أغسطس/ آب الماضي. وتنتظر "موغابي" بصفته رئيس "سادك" الحالي، أيضا أزمات الاضطرابات المدنية في دول جمهورية الكونغو الديمقراطية، وموزمبيق، وليسوتو. واعتبر موفامي أنه "عندما يتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي، سوف يكون دوره شرفيا تماما". من جانبه دعا مورغان تسفانغيراي، رئيس وزراء زيمبابوي السابق، وزعيم حزب المعارضة الرئيسي "الحركة من أجل التغيير الديمقراطي"، موغابي إلى الاستقالة بسبب سوء الحالة الصحية والعمر المتقدم. وطرح تسفانغيراي هذه الدعوة خلال خطاب حالة الأمة الشهري الذي يلقيه من مقر الحزب في هراري، وحذر فيه من أن الأمة في أزمة وطنية خطيرة جدا. وقال في خطابه: "مع انتشار الشلل في كل مكان، لا يشعر الرئيس بالأزمة الوطنية الكبرى ويذهب في إجازة. بالنسبة لعمره هذا أمر مفهوم، ولكن عليه أن يقر بفشله في حكم البلاد بشكل جيد". ولفت "تسفانغيراي" إلى أن البلاد ليست غافلة عن سن موغابي وحالته الصحية. وأشار إلى أن الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تواجهها البلاد، حيث تمس حاجة ما يقرب من مليون أسرة إلى المساعدة بسبب الفيضانات. وفي كل مرة يزور موغابي الشرق الأقصى، يصرف ملايين الدولارات من أموال دافعي الضرائب، حيث ترافقه زوجته "المسرفة" وحاشيته الضخمة دائما.
والأسبوع الماضي تضرر ما يقرب من مليون مواطن زيمبابوي في أنحاء البلاد من أسوا موجة فيضانات تشهدها البلاد منذ نحو 90 عاما.
وما زال ضحايا الفيضانات في حاجة ماسة إلى المأوى والغذاء، والإخلاء في وقت تواجه فيه البلاد أزمة ديون، لدرجة أن القوات الجوية التي عادة ما تساعد بمروحياتها في جهود الإنقاذ والإغاثة، كانت غير قادرة على تقديم مساعدة فعالة بسبب عدم توافر الأموال الوطنية.
وحتى جمعية الصليب الأحمر في زيمبابوي التي تعتمد على التبرعات، انتهى بها المطاف إلى تسول من مجتمع المانحين الدوليين بعد عجز الشركات المحلية عن التبرع.
على مر السنين، أغلقت آلاف الشركات المحلية بسبب استمرار أزمة السيولة بعد الانتخابات العامة عام 2013. وعلى الرغم من هذه الكارثة لم يعد الرئيس موغابي إلى بلاده في وقت مبكر لمساعدة الضحايا، وهو أدى إلى تساؤل العشرات من الزيمبابوييين حول قدرة الأخير على مواصلة قيادة البلاد في المستقبل القريب. ويشتكي محللون من أن الفساد أدى إلى تآكل قطاع الخدمات في البلاد، حيث فضح فشل حكومة زيمبابوي تحت إدارة موغابي في دفع الرواتب في موعدها وحتى المكافآت في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. وفي وقت مبكر من هذا الأسبوع هددت الممرضات بالإضراب عن العمل بسبب المشاكل التي تؤثر على البلاد. ويتوقع محللون أنه ربما تعيق صحة موغابي عمله هذا العام، حيث ينبغي عليه أن يعمل بأقصى جهد ممكن لإخماد الاقتتال الداخلي في الحزب الحاكم الذي يعتقد أنه أذكاه استمرار قبضة موغابي على السلطة على الرغم من سنه واعتلال الصحة. وفي المقابل، قال نائب وزير الإعلام الأسبق وهو موالي لموغابي، برايت ماتونغا، إن عمر موغابي ليس سرا. وأضاف في حديث لوكالة الأناضول أن الزيمبابويين ينبغي أن يركزوا بدلا من ذلك على الجهود المبذولة من قبل الرئيس في مكافحة الفقر والفساد. وتابع: "ليس هناك اقتتال داخلي في الحزب الحاكم، ولكن نهج جديد لمكافحة الفساد".