اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الرئيس المصري حسني مبارك حاول مرتين خلال العام الماضي إجراء انتخابات ديمقراطية توحي لإدارة الرئيس الأمريكي بوش بأنها انتخابات جديرة بالثقة دون أن يخاطر بتخفيف قبضته على السلطة ، لكن الصحيفة لفتت إلى أن الرئيس المصري فشل في هاتين المرتين وفشل في تقديراته. ودللت الصحيفة ، في افتتاحياتها أمس ، على فشل هذه الانتخابات بتحرش أجهزة الأمن الفاضح بالمعارضين وتعرض الناخبين لاعتداءات عنيفة ، وهو ما أدين صراحة في كل من واشنطن والقاهرة ، معتبرة أن الرئيس مبارك لم يعد حتى يتظاهر بالديمقراطية في الوقت الراهن. واتهمت الصحيفة النظام المصري باللجوء في ديسمبر الماضي لمعاقبة الدكتور أيمن نور خصم مبارك الرئيسي في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في سبتمبر بالسجن خمس سنوات بناء على اتهامات وصفتها الصحيفة ب " الملفقة ". ولفتت " واشنطن بوست " إلى أن الرئيس مبارك أصدر قرار الأسبوع الماضي يدعو لتأجيل الانتخابات المحلية التي كان مقررا إجراؤها منتصف شهر إبريل المقبل والتي كان من المحتمل أن تسفر عن مزيد من المكاسب للإسلاميين. وأشارت إلى أن المدافعين عن الرئيس مبارك زعموا أن الانتخابات أجلت لإفساح الطريق لإصلاح دستوري يمنح السلطات المحلية مزيدا من الصلاحيات ، لكن الصحيفة لفتت إلى أنه حتى المصريين المتعاطفين كالعادة مع النظام سخروا من هذا الهراء. وأضافت أنه كالمعتاد كانت استراتيجية النظام كانت واضحة إلى حد كبير حيث إنه يرغب في حرمان الإخوان المسلمين من الفوز بمقاعد في المجالس المحلية، لأنه وفق شروط المنصوص عليها في قانون الانتخابات الرئاسية الذي تم تمريره العام الماضي فإنه سيكون من حق الإخوان تقديم مرشح لخوض الانتخابات الرئاسية في 2011. ورأت الصحيفة أن تأجيل الانتخابات المحلية إنما هو مقدمة للتوريث ، حيث سيكون الحزب الحاكم فقط هو المؤهل لتقديم مرشح بما يعني أنه لن تكون ثمة معارضة إذا زكي الرئيس مبارك نجله جمال البالغ من العمر 43 عاما. ورأت الصحيفة أن الرئيس المصري على ما يبدو يعرض نفسه لخطر غضب الإدارة الأمريكية التي جمدت محادثات التجارة الحرة مع مصر الشهر الماضي بعد الحكم بسجن أيمن نور. لكنها استدركت قائلة إن مبارك يعتقد أن الموجة في واشنطن قد تحولت ضد سياسة دعم الديمقراطية التي يتبناها الرئيس بوش. وأشارت الصحيفة إلى أن انتصار حماس في الانتخابات الفلسطينية أوجد واقعا جديدا داخل الحزبين الديمقراطي والجمهوري في الولاياتالمتحدة ، وكذلك بين أنصار إسرائيل في الكونجرس، فتحولوا إلى إدانة الرئيس بوش بسبب ضغوطه من أجل الانتخابات في العالم العربي. ولفتت إلى أن عمر سليمان وزير المخابرات المصرية ينشغل في الوقت الراهن مع نظرائه الفلسطينيين والأمريكيين للتخفيف من وطأة انتصار حماس عبر تعزيز سلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.. مشيرة إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس التي سبق وأن ألغت زيارة للقاهرة منذ عام تقريبا احتجاجا على محاكمة أيمن نور، بدأت زيارة لمصر الثلاثاء من أجل التنسيق فيما يتعلق باحتواء تداعيات انتصار حماس. وتساءلت: هل فعلا لن تعترض رايس على محاولة مبارك حرمان الإسلاميين من نصر انتخابي آخر؟. وخلصت الصحيفة إلى أن مثل هذه الحسابات حتى الآن تبدو صحيحة مدللة على ذلك بالإشارة إلى بيان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية الذي جاء تعليقا على تأجيل الانتخابات المحلية في مصر والذي قال فيه إن الإدارة الأمريكية تعارض تأجيل الانتخابات كمسألة مبدأ لكن أضاف نفس البيان أن الديمقراطية ليست انتخابات فقط.