قبل تنحي مبارك بأيام قليلات .. جمعتني جلسة على المقهى مع فل من فلول الحزب الوطني .. كان بائسا حزينا ، يضرب أخماسا في أسادس .. فقلت له على سبيل المداعبة : أنا ممكن أرفع الحبل عن رقبة مبارك ونظامه ! فالتفت لي بكامله قائلا كيف ؟ قلت بعد فترة صمت أزيد بها شغفه .. ليس الأمر بهذه البساطة .. فالرجل وسائل الإعلام تشير لامتلاكه 70 مليار دولار .. وليس أقل من مليار دولار يعطيهم لمن يرفع الحبل من على رقبة النظام بأكمله ! احتار الفل .. خاصة وانني أصبغ دوما حديثي بنوع من الجد يستر ما ورائه من هزل .. ثم قال : أنا ممكن أحدد لك موعد مع المحافظ الليلة تحكي له فكرتك ! .. ضحكت قائلا : لا .. لي شرطان : طائرة هليكوبتر تأتي هنا للمقهى تقلني لقصر الرئاسة رأسا .. والشرط الثاني هو المليار دولار .. وإمعانا في تشويقه قلت له : مع العلم أنني لن أتحدث مع " الرجل أكثر من خمس دقائق ! .. فخطتي لرفع الحبل عن رقبته ورقبة نظامه بسيطة جدا .. سوف تدفع الشباب لمغادرة الميدان فورا دون حتى أن يُطلب منهم ذلك !! ذهب الفل .. والتف حولي بعض المعارف .. يريدون أن يعرفوا ما أفكر فيه .. وأقسموا علي بأغلظ الأيمان أن أتكلم .. فأبيت ، قائلا : لو قطع لساني قطعا .. فلن أقول ما أفكر فيه حتى ينزاح مبارك ونظامه .. فالرجل يسقط ولن يتوانى عن فعل أي شيء ! أما ما خطر ببالي وقتها وكنت أخشاه تماما حتى أنني فكرت في كتابته كمقال هنا في المصريون كنوع من الإجهاض المسبق لهذه الفكرة لو خطرت على تفكير رجال النظام وقتها هو أنني قد وضعت نفسي مكان عدوي .. لأفكر بطريقته .. فوجدت أن مصلحة إسرائيل هي بقاء مبارك ونظامه في الحكم .. دل على ذلك تصريحات كثيرة انسابت من حكام إسرائيل بعد فترة ضبط نفس لم تدم طويلا مع تصاعد أحداث الثورة .. فقلت في نفسي : لو فكروا مثلا في التضحية بضريح أبو حصيرة المزعوم في مدينة دمنهور .. وعرضوا على مبارك أن يقوم البعض بتفجير هذا الضريح .. يعقبه حملة إعلامية صهيونية عن معادة الثورة المصرية للسامية .. ثم غضبة إسرائيلية مفتعلة وتوعد بالرد السريع ! .. يعقب ذلك ( تمثيلية حرب ) .. توغل إسرائيلي في سيناء لكيلوات محدودة .. يصوره الإعلام على أنه اجتياح .. مع اشتباكات وهمية بين كتيبة مصرية يتم الدفع بها إلى سيناء .. مقترنا كل ذلك بطلعات جوية .. وقتها ومع هذا الخطر الخارجي .. كنت أجزم أن الثوار سوف يغادرون الميدان من تلقاء أنفسهم ! تذكرت ذلك الآن وأكتبه .. لأنني ألاحظ تصاعد الأحداث في سيناء بطريقة لا أعرف هل هي عفوية أم مقصودة ومخطط لها !! .. فإسرائيل أعلنت أكثر من مرة : أن سيناء خارج السيطرة المصرية عقب الثورة .. ثم أحداث العريش .. ثم دفع الجيش المصري بقوات لمطاردة خارجين على القانون بسيناء فيما أطلق عليه العملية نسر .. وأخيرا أمس اتهام وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك مصر بالتقصير فى حادث الهجوم على حافلتين إسرائيليتين قرب الحدود المصرية مما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة 30 آخرين ! ففيم يفكر قادة إسرائيل يا ترى ؟! هل يريدون إيجاد الخطر الخارجي ليجد العسكر في مصر المبررات والشرعية والشعبية للاستمرار في الحكم ؟ هل نحن مقبلون على ( تمثيلية حرب ) تعيدنا للمربع الأول من جديد و يؤجل معها التحول الديمقراطي المأمول لأجل غير مسمى ؟!! .. اللهم أجعله شطحة فكر ولا تجعله حقيقة .. آمين . [email protected]