يا أيها المتدثر بدثار الثلوج والعواصف, الغارق في كهوف السحب والجبال والأدغال, المحروم من نعمة الدفء, ونعيم خيوط الشمس, أحييك على ما بيننا من مسافات وأميال, وما يفصلنا من حجب وسحب وأوحال, فإن التحية شيمة من شيمنا نحن المسلمين, وهي تحية السلام, وقد أدبنا الإسلام فأحسن تأديبنا. قد تعجب من تحية يبعث بها إليك رجل مسلم لا تعرفه, وقد تعودتم على أن لا تحيوا إلا من تعرفون, و أطمئنك فأقول لك بأنك أنت رمز للمثقف الغربي بمفهومه التاريخي الحضاري؛ لا بمفهومه الجغرافي الإقليمي؛ وقد أبيت إلا أن تكون لسوء تقديرك, كبش فداء, ورمز حقد, وعداوة, وبغضاء, وأداة لقنبلة ظل الغرب يضمرها, فتطوعت أنت لتفجيرها لتحدث بها هذه الفتنة الصليبية الرعناء, والحملة العنصرية الهوجاء. فيا أيها المثقف الغربي, على اختلاف ميولك وقناعاتك؛ إعلاميا كنت في مكتبك, أو جامعيا في مدرجك, أو باحثا في مخبرك , أو...أو... هذه دعوة مني إليك, إلى التأمل, و"إلى كلمة سواء بيننا وبينكم," فلطالما التقيت بك وبأمثالك في المؤتمرات الداعية إلى التسامح, والتصارح, والتصالح... ولطالما خدرتمونا بالمصطلحات المظلومة, مثل حوار الديانات, والحضارات والثقافات... فما مصير ذلك كله؟ كنا نحسب بما سمعناه ونسمعه منكم, أن الحروب الدينية قد تحطمت, وتهشمت على صخرة العلم والتمدن, وأن بقايا الحروب الصليبية قد انهارت, وبارت في سوق العولمة الغربية والعالمية الإسلامية, ولكنكم باغتمونا بما هو أسوأ...بإطلاق كل أنواع العبارات المسيئة لنبينا وديننا وحضارتنا.. فأين التسامح من كل هذا؟ وما دوافع هذا العداء وأهدافه ونتائجه؟ فلو كان هما واحدا يصدر من الدنمارك أو النرويج أو من السويد, لقلنا هي آفة عابرة قد تصيب منطقة معينة, شأنها في ذلك شأن تسونامي, أو الزلزال, أو إنفلونزا الطيور؛ ولكنه هم فرنسي, وإيطالي, وألماني... وغيره فياخيبة المسعى! ولو أن مثقفي الغرب, بدء بالدنمارك, وإنتهاء بفرنسا, الذين تربطنا بهم روابط الإنسانية, والقيم الخلقية, ومقولات الحرية, ومفاهيم التسامح, لو أن هؤلاء هبوا لإطفاء الفتنة, وتطويق المحنة لخففوا عنا وعن أنفسهم ما نحن فيه, من كوارث وويلات, ولمكنونا من إيقاف الجماهير الغاضبة الهادرة في المسيرات, ولقلنا إنه طيش شباب, وإنفعال إعلامي أحمق كذاب.ولكن ما حيلتنا, وقد أخذ المشعل من المراهقيين عندكم مسؤولون في وزارات, ومعلقون في الصحف والإذاعات, معلنين تضامنهم الأعمى مع هذا النشاز من الشعارات, فماذا تنتظرون كرد فعل منا, ضد فعلكم هذا؟ إنه ليسوءنا – والله- أن تنزل الأمور بيننا إلى هذا الدرك الأسفل من المهاترات, والاستفزازات, ويتقوقع, بالرغم من كل ذلك, مثقفوكم في أفييتهم, وأديرتهم, وصوامعهم, وبيعهم, وهم الذين ملأوا الدنيا صراخا وعويلا, على غياب التسامح, وضياع حرية الفكر في بلادنا, وما علموا أن الحرب أولها كلام, وأن النار قد تذكى بكاريكاتور مسئ, كالذي فعله صحفي الدنمارك الأحمق, وشايعه عليه أمثاله في دول غربية أخرى. فيا أيها "الصديق" المثقف؛ الإيطالي, أو الفرنسي, أو الألماني, أو الدنماركي, أو في أي موقع كتب من العالم, أخرج من تقوقعك باسم حرية الرأي حتى لا تنتهك, وحرية التدين حتى لا تداس, وباسم حرية الانسان كي تبقى عالية مقدسة وأعلن للعالم أجمع أنك ضد هذه البذاءة في حق الرسالات, وأنك تدين التطرف في كل المجالات... وتنصر الحق بجميع اللغات. نريد ان نسأل كل مثقف غربي واع برسالته: ما دخل رسول الإسلام محمد (عليه الصلاة والسلام) بالشعب الدنماركي حتى يهان بمثل ما اهين به؟ وما هي القضايا المعلقة بين أمتنا وشعبكم حتى لجأتم إلى هذا اللون من السخرية والقدح والاستهزاء برمز الأمة الإسلامية؟ نريد لمثقفي الغرب اليوم أن يتحرروا من تأزمهم ومن تقزمهم كي ينخرطوا في مسيرة النور العلمية والعالمية بحثا عن الحقيقة السماوية المفقودة عندهم, و لهم في مثقفين سبقوهم خير المثل و أحسن قدوة. فالموسوعة البريطانية التي هي من إنتاج مثقفين غربيين قالت عن رسول الإسلام محمد عليه السلام: " هو رجل أمين, وعادل, استطاع ان يكسب احترام كل الشرفاء من أنصار الحق في العالم { المجلد 12 من الموسوعة}. وقال المفكر الإنجليزي جورج برناردشو عن رسولنا محمد (عليه الصلاة والسلام):" لقد درست سيرة هذا الرجل العظيم, فوجدت أنه بالرغم من كون دعوته مخالفة للنصرانية, فإنه يستحق من وجهة نظري أن يوصف بمنقذ الإنسانية". وقال عنه رجل العلم الأمريكي ميكائيل ه- هارت: " إن من بين مئة شخصية مشهورة درست سيرها و وجدت أنها تركت بصماتها عبر العصور من أمثال عيسى, وموسى, وباستور, وهيتلر, وغاندي, وفليمينغ, وغيرهم, فاز محمد (عليه الصلاة والسلام) بالمكانة الاولى. فهو الوحيد عبر التاريخ الذي نجح نجاحا كاملا على الصعيد الديني, و على صعيد تحقيق الاستقرار لأتباعه. أما المفكر الفرنسي لامارتين فقد قال عن رسولنا: " اذ أخذنا بعين الاعتبار العناصر الثلاثة التي تتحكم في العبقرية الإنسانية, والتي هي نيل الهدف, ومحدود ية الوسائل, وعظمة النتائج, فمن يستطيع أن يجرؤ على مقارنة أي رجل عظيم في التاريخ بمحمد؟" وأخيرا هناك ما قاله الزعيم الهندي المهاتما غاندي الذي قدم هذه الشهادة" إنني لشديد الرغبة في معرفة سر هذا الرجل { محمد صلى الله عليه وسلم} الذي نجح في فتح قلوب الملايين من الناس". ذلك هو- ياصديقي المثقف الدنماركي- نبينا محمد عليه السلام في أعين عظماء العالم, و قد اقتصرت على عينة منه, أما أصحاب السباب ونباح الكلاب فقد كفانا المتنبي الجواب عليهم بقوله: وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل [email protected]