أكدت دار الإفتاء المصرية جواز تهنئة "الأخوة الأقباط" بأعيادهم، موضحة أن هذا الفعل يندرج تحت باب الإحسان الذي أمرنا الله عز وجل به مع الناس جميعا دون تفريق، لقول الله تعالى: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا”، وقوله تعالى: “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ”. وأضافت في رد على بعض ما وصفتها ب "الفتاوى الشاذة التي تحرم تهنئة شركاء الوطن"، أن الإهداء وقبول الهدية من غير المسلم جائز، أن "الله تبارك وتعالى لم ينهَنا عن بِر غير المسلمين، وقبول الهدية منهم، وما إلى ذلك من أشكال الِبر، في قوله تعالى: “لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ في الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”. وأشارت إلى أن "النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدايا من غير المسلمين، حيث ورد عن علي بن أبى طالب رضي الله عنه، أنه قال: “أَهْدَى كِسْرَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَي لَهُ قَيْصَرُ، فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَتْ لَه الْمُلُوكُ، فَقَبِلَ مِنهم”، موضحة إن علماء الإسلام فهموا من هذه الأحاديث أن قبول هدية غير المسلم ليست فقط مشروعة أو مستحبة لأنها من باب الإحسان، وإنما لأنها سنة النبى صلى الله عليه وآله وسلم". وتابعت الفتوى أن "التهنئة بتلك المناسبات تقوى دعائم الوحدة الوطنية، وتؤكد عظمة الإسلام وسماحته تجاه الآخر والشريك في الوطن". ومع كل عام ميلادي، يثور الجدل في مصر حول جواز مشاركة المسلمين للمسيحيين احتفالاتهم وتهنئتهم بهذه المناسبة، وذلك بين فريقين أحدهما يبيح ذلك، ويحث عليه باعتباره "لايتعارض مع الشريعة الإسلامية"، وآخر يفتي بحرمته، لكونه ليست مناسبة إسلامية. وقال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء، إن "من ينكر الفرح بميلاد سيدنا عيسي عليه السلام فهو مبتدع ومخالف للكتاب والسنة {وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا} [مريم: 33]". ووجه جمعة، التهنئة إلى الأقباط عبر برنامج "والله أعلم" على فضائية "سي بي سي"، قائلاً: "نهنئ كل أخواتنا المسيحيين بعيد ميلاد سيدنا عيسي عليه السلام". ودلل على ذلك بأحاديث تحض على التواد إلى غير المسلمين، ومنها "ذَبَحَ ابْنُ عُمَرَ شَاةً، فَقَالَ لِقَيِّمِهِ أَوْ لِغُلَامِهِ : هَلْ أَهْدَيْتَ لِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ شَيْئًا؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَاهْدِ لَهُ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ". كما استشهد بما ورد في القرآن الكريم ومنها قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]. وفي رده على سؤال حول جواز أكل طعام غير المسلمين، أباح المفتي السابق ذلك، مدللا بقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 5]