يثير قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي باستحداث فئة شرطية جديدة تسمى "معاونو الأمن" كثيرًا من الجدل حول الجدوى من ضم أعداد جديدة من العاملين لقطاع الشرطة، لهم صلاحيات قانونية لإلقاء القبض على المواطنين، رغم عدم تأهيلهم لمثل تلك المهمات. حسب تصريحات اللواء عادل رفعت رئيس المجلس الأعلى للشرطة فإن التقدم لهذه الوظيفة الجديدة سيبدأ في 4يناير المقبل على أن يكون سن المتقدم ما بين 19 و23عامًا وأن يكون حاصلاً على الشهادة الإعدادية أو ما يعادلها، وسيتم التأهيل لمدة 18 شهرًا، إلا أن كثيرًا من النشطاء يرون أن هذه الخطوة تشكل تقنينًا لتحركات الشرطة السرية في أماكن لايستطيع أمين الشرطة دخولها. وكانت ممارسات وزارة الداخلية في نظام مبارك قد ساهمت في انطلاق ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 الذي صادف ذلك اليوم "عيد الشرطة"، حيث هتف المشاركون في مظاهرات بإقالة وزير الداخلية حبيب العادلي، ثم تطورت بعدها للمطالبة بإسقاط النظام. ووصف الناشط الحقوقي جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان القرار بأنه "ما هو إلا ضمن سلسلة من الإجراءات التي تتخذها الدولة لتكريس منهج الدولة البوليسية"، مشيرا إلى أن القرار يعني أيضا الزيادة في أعداد أفراد الشرطة السرية والمخبرين". واعتبر في تعليق للإذاعة الألمانية "دويتشه فيله"، أن اتخاذ عدد من الإجراءات في الفترة الأخيرة يوضح أن الدولة تهرول باتجاه العسكرية الفاشية، من ضمنها قرار عميد كلية الشرطة بفصل 40 طالبا بتهمة انتمائهم لجماعة الإخوان وذلك بدون تحقيق، فضلا عن إحالة أعداد ضخمة من الطلاب إلى المحاكمة العسكرية". وأشار إلى أن مصر قد تتحول إلى دولة مخبرين وإلى دولة أمنية هستيرية، كما حدث عند القبض على مواطنين اثنين تم الإخبار عنهما لأنهما تحدثا بالإنجليزية في مترو الأنفاق، أو مثل إلقاء القبض على صحفي أجنبي "آلان جريش" وصحفية مصرية في مقهى، بعد أن أبلغت إحدى السيدات الشرطة عن أنهما قاما بانتقاد الوضع في مصر. وتساءل: "كيف يمكن إعطاء صلاحية مطلقة لشاب في 19 من العمر، ليس لديه مستوى تعليمي معين، للقبض على مواطنين، في ظل وجود تجاوزات قد تحدث من طرف ضباط ذوي مؤهلات عليا". في المقابل، رأى اللواء جمال أبو ذكري مساعد وزير الداخلية الأسبق أن المقارنة بين الفئة الجديدة "معاوني الأمن" وبين الضباط ظالمة. وقال: "معاون الأمن سيكون بديلاً عن جندي الأمن المركزي الأمي الجاهل... أليس من الأفضل أن يكون هناك معاون أمن متعلم حاصل على شهادة الإعدادية وبتدريب مكثف لمدة سنة ونصف، مقارنة بجندي غير متعلم وغير مؤهل؟". وأضاف أنه قد يقع فيها التجاوزات أي شخص من أفراد الشرطة سواء كان من معاوني الأمن أو من الضباط". وحول تمييز معاوني الأمن عن الجنود من خلال منحهم حق الضبطية القضائية أجاب: "الجندي أيضا من حقه إذا اشتبه في شخص ما أن يقبض على المشتبه". لكن عيد لاحظ "أن المجندين ليس لديهم أي ضبطية قضائية حسب القانون، وما يحدث-على سبيل المثال- من إلقاء القبض على الطلاب من طرف الجنود ليس قانونيا". فيما رأى محمد عثمان عضو اللجنة السياسية بجبهة ثوار، أن "قرار إصدار استحداث فئة معاوني الأمن هي محاولة لإيجاد إطار قانوني يستخدم بلطجية الأحياء التي اعتمدت عليها شرطة مبارك لفترة طويلة في محاولة لضبط الشارع". وتأتي هذه التصريحات في سياق الاتهامات الموجة لوزارة الداخلية باستخدام بعض البلطجية في فض المظاهرات المعارضة منذ عهد مبارك وحتى الآن. إلا أن اللواء عادل رفعت رئيس المجلس الأعلى للشرطة أشار في مؤتمر صحفي عقده الخميس الماضي 18ديسمبر، إلى أنه من شروط طلب وظيفة "معاون الأمن" ألا يكون قد سبق الحكم عليه بعقوبة جنائية". وأضاف أن استحداث هذه الوظيفة يهدف إلى تدعيم القطاع الفنى بوزارة الداخلية من خلال "معاوني الأمن"، حيث ستتم الاستعانة بالشباب من الحاصلين على الشهادة الإعدادية، الذين لم يتمكنوا من إتمام تعليمهم أو أنهم حصلوا على شهادات متوسطة". ورد محمد عثمان –عضو جبهة ثوار التي تتشكل من عدة حركات ثورية- أن هذه الأعداد من المعاونين وتمويلهم بمثابة محاولة بائسة لإحداث تواجد أمني أكثر انتشارا، غير أن ذلك لن يؤثر بشكل فاعل إن لم يكن مرفقًا برؤية أمنيه مبنية على الرفع من مستوى الكفاءة وتأهيل الأفراد والضباط. وأكد عثمان ضرورة "القيام برقابة على أفراد الشرطة حتى لا يتحول أفراد الأمن الجدد إلى بلطجية، يتم تعيينهم من قبل الحكومة، فتحدث تجاوزات كبيرة شبيهة بتجاوزات أمناء الشرطة الآن". وشاركه الرأي الدكتور أيمن عبد الوهاب الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية ب "الأهرام"، قائلاً: "أنا ضد هذا القرار، لأننا كنا نتمنى أن يكون هناك أشخاص على درجة أعلى من الكفاءة، وهذه الفئة الجديدة بتعليمها الأدنى من المتوسط لن تحدث النقلة المطلوبة"، وأشار إلى أن التطور الأمني لن يحدث إلا باستخدام التكنولوجيا على نطاق واسع.