القاهرة ترفض ضغوط أمريكية لإلغاء عقد القمة العربية القادمة في السودان رايس تشعر بخيبة أمل بعد رفض مبارك للمطالب الأمريكية حول حماس وإيران وإرسال قوات للعراق الإدارة الأمريكية أبلغت دوائر نافذة بالقاهرة أنها لا تدعم توريث السلطة في مصر. فشل رحلة ديك تشينى . أخبار تنم عن قرب مواجهة غير مسبوقة في العلاقات بين القاهرة وواشنطن. ولأول مرة تقوم القاهرة برفض المطالب الأمريكية جملة وتفصيلا بصورة علنية (مما يعنى صعوبة التراجع). المتابع يلحظ انه منذ فترة ارتفعت نغمة تفيد أن القاهرة لا تمانع من إرسال قوات مصرية إلي العراق وللسيد عمرو موسى تصريح يفيد نفس المعنى ... ثم خفت النغمة تدريجيا ثم حل محلها الرفض التام. ماذا هناك ؟ قيل أن قضية التوريث سوف تستغل من قبل الغرب للضغط على القاهرة لتقديم تنازلات في كافة القضايا الإقليمية نظير تمرير عملية التوريث أو غض الطرف عن الأمر . لكن يبدو أن النظام في مصر قرأ الموقف الدولي والإقليمي قراءة جيدة ورأي أن الأسد الأمريكي يمكن مداعبته بل ونزاله إذا لزم الأمر ، الرئيس الإيراني يصعد من الموقف غير عابئ بالتهديد الأمريكي ويري أن مصالح الغرب في قبضته .. وضرب إيران عمل مجنون سوف يؤذى المصالح الغربية في المنطقة بشكل لم يسبق له مثيل .. كروت إيران متعددة ومتنوعة من مضيق هرمز إلي تنظيم القاعدة إلى لعبة القوات الأمريكية في العراق (أصبحت هدفا في مرمي التصويب الإيراني) الي الوضع المتداخل والذي يتعقد كل يوم في عراق الداخل وبروز وعودة الدور الروسي بقوة الذي يصطف الي الجانب الإيراني ، والصين التي تدعم إيران على استحياء ويظهر ويختفي دورها حسب حسابات تجري ومصالح تتغير وتتبدل ...إلي درة التاج والعامل الحاسم... البترول ... هذه إيران . العراق ... القوات الأمريكية في العراق أصبحت عبئا .. تنال منها المقاومة العراقية بصفة يومية والضغوط من الرأي العام الأمريكي تتزايد ... وأصبح الهروب من العراق بند يتصدر أولويات صانع القرار في البيت الأبيض ولكنه يريد خروج يحفظ ماء الوجه أمام الرأي العام العالمي والأمريكي الذي تزايدت أسئلته المحرجة التي ليس لها جواب شافي ... فقبل كيف الخروج .. لماذا كان الدخول؟ ، والحل الذي يراه السياسي الأمريكي هو إحلال بديل (بلغة السينما – دوبلير) والبديل المطلوب لابد أن تتوافر فيه عدة شروط: أولا: ان يكون مقبول من كافة الأطياف السياسية والعرقية في العراق (أظن أن ذلك ضمن ما بحثه السيد عمرو موسي في رحلته الشهيرة للعراق) وهنا يبرز الدور المصري المطلوب بشدة ، فالمصريون هم الاكثر عددا وعدة وعتادا والاكثر تدريبا ولهم سابق تجربة طويلة فى الحروب. بغير مصر لن تذهب أي جيوش عربية الي العراق ، ولعلي لا أتجاوز ان قلت ان موافقة مصر على ارسال قوات مصرية الى العراق سوف تفتح الباب لدول عربية تنتظر أي إشارة من ساكن البيت الابيض لتبدي موالاتها المطلقة ومن ثم ترسل ما تستطيع من قوات مادامت كبرى الدول العربية سبقتها فى ذلك. تستطيع طبعا اى دولة عربية ارسال ما تريد من قوات الى العراق ولكنها اذا فعلت ذلك منفردة سوف يكون موقفها منتقدا اشد انتقاد من شعوبها وبالتالى من الممكن ان يسبب قلاقل غير محسوبة... والولاياتالمتحدة تدرك ذلك بالطبع والمطلوب ... مصر ... لتكون القاطرة التي تسحب الجميع. ثانيا: البديل المطلوب لابد أن يكون قابل للرحيل الفوري بعد أن تنتهي مهمته (وهى استقرار الوضع في العراق ) أو بديل لا يتحمل استمرار التواجد فى العراق . وهو شرط ينطبق بالضبط على مصر ، اى قوات خارج حدودها فاتورتها غالبة ومكلفة ، والامر بالنسبة لمصر لا عائد من ورائه ، بل ربما متاعب غير ظاهرة الآن على السطح ، والمرشح لدفع فاتورة القوات العربية المزمع ارسالها الى العراق ... دول الخليج ... اى ان مصر لن تتحمل التكلفة ، فضلا عن أنها لا تستطيع ... وهى نفس الشروط التي تريدها الولاياتالمتحدة بالضبط في البديل المطلوب . وعليه فإن السياسي المصري وجد نفسه الآن مطلوبا بدرجة كبيرة ، بل أن دوره في هذه اللحظة ... لعلي لا أجافى الحقيقة ... إن قلت إن دوره يشب ليتساوي مع الدور الأمريكي في المنطقة (ببساطة لأنه المنقذ) ، ومن خلال الخبرة الطويلة التي اكتسبتها القاهرة في تعاملها مع الولاياتالمتحدة ، فقد حان الوقت لتملي القاهرة شروطها غير عابئة بأي ردة فعل أمريكية (الزبون سيعود .. ) ما دامت ايران مستعصية ومقلقة ، وتركيا او باكستان او اى قوات من خارج الدائرة المحيطة بالعراق غير مرحب بها ، ولكن العم سام تعود أن يأمر فيطاع ، لغة الرفض هذه جديدة وغريبة ، فكان الرد المتسرع ... وهو التلويح برفض التوريث ، ولكن الرفض الأمريكي للتوريث يأتي في الوقت الخطأ ، ولم يكن للأمريكان موقف مبدئي واضح وصريح من عملية التوريث ، وقد تركوا موافقتهم وفقا لمواقف القاهرة من القضايا المطروحة او التى ستطرح ... وبعدها يكون لكل حادث حديث ، أي أن الامر لا تحكمه مبادئ أو أخلاق ، بل لعلها فى وقت معين ابدت عدم اعتراضها ، ورفضها الان يكشف ويعري موقفها بشدة ولا يشجع احدا فى ان ينظر اليها بعين الاحترام بل حتى يخيف من كان ينوى الاستقواء بها مادامت متقلبة ومتغيرة حتى مع أصدقائها. من سيعدل من موقفه ، ومن سيرضخ في النهاية ، الخروج من العراق أم التوريث؟ [email protected]