قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إنه بعد نشر لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي تقريرا حول التعذيب خلال "الحرب على الإرهاب", تشعر عدة دول كانت متحالفة مع واشنطن, من بينها بريطانيا, بالقلق من فضح دورها في برنامج ترحيل واستجواب المعتقلين. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 9 ديسمبر أن هذه الممارسات تمت خارج الولاياتالمتحدة في سجون سرية في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، حتى أن أحد التحقيقات غير الرسمية خلص العام الماضي إلى أن البرنامج شاركت فيه 54 دولة من جميع أنحاء العالم، 25 منها في أوروبا. وأفاد تقرير موجز صادر عن لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي في 9 ديسمبر بأن الاستجوابات التي قامت بها "سي أي ايه" خلال الحرب على ما يسمى الإرهاب في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن (2001-2009), لم تكن فعالة، وكانت أعنف مما اعترفت به الوكالة حتى الآن, منددا بشدة بالاحتجاز السري لنحو مائة شخص يشتبه في ارتباطهم بالقاعدة. وفور نشر التقرير, ندد الرئيس الأميركي باراك أوباما بما اعتبره وسائل "مخالفة" لقيم الولاياتالمتحدة. وقال أوباما في بيان له في 9 ديسمبر :" إن تقنيات الاستجواب شوهت كثيرا سمعة أمريكا في العالم"، واعدا بالقيام بكل ما هو ممكن لضمان عدم تكرارها. وبدوره, أكد المتحدث باسم البيت الأبيض جوش آرنست أن الولاياتالمتحدة مستعدة لمواجهة التهديدات الأمنية المحتملة بعد نشر التقرير, الذي يتعلق بأساليب الاستجواب القاسية, التي تمارسها وكالة المخابرات المركزية بحق معتقلين من القاعدة. وفي متابعته لتداعيات التقرير, قال مراسل قناة "الجزيرة" في واشنطن محمد العلمي إن الأصداء كانت مدوية منذ اللحظات الأولى من نشر ملخص بنحو 480 صفحة عن التقرير الأصلي, الذي يتكون من ستة آلاف صفحة. وأضاف أن التقرير يرسم صورة قاتمة لسلوك عملاء وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في تعذيب من اعتقلوهم، وأن مستوى التعذيب كان أكثر وحشية وقسوة مما كان معروفا من قبل، وعدد المعتقلين كان أكبر مما أشيع من قبل، وأن عملاء الاستخبارات بالغوا في تصوير فعالية التعذيب أمام الرأي العام الأمريكي وأمام الحكومة. وأشار العلمي إلى جانب آخر كشف عنه التقرير وهو أن فكرة التقرير التي بدأت بين الحزبين بلجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ, انتقلت لتصبح مصدر خلاف شديد بينهما، حيث يقول المدافعون عن الوكالة إن سلوك المحققين ساهم في حماية أمن الولاياتالمتحدة، بل ساعد على الوصول إلى مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. أما عن فعالية التقرير, فقد أشار مراسل "الجزيرة" إلى أنه على الرغم من صدور التقرير, فإن أحدا من المسئولين عن وقائع التعذيب لم يمثل أمام أي من المحاكم أو لجان التحقيق الخاصة بانتهاكات حقوق الإنسان. وتوقع العلمي أن يكون لصدور التقرير ردود فعل واسعة من قبل منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان, خصوصا أنها طالبت منذ فترة طويلة بمثول المسئولين عن هذه الوقائع أمام المحاكم ولجان تحقيق خاصة. وكانت الحكومة الأمريكية حذرت في السابق مجلس الشيوخ من أن نشر التقرير, قد يتسبب في ظهور تهديدات جديدة للمصالح الأمريكية حول العالم, أو حتى داخل الأراضي الأمريكية.