محمد سليمان رئيسا للجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب    بالصور.. 3600 سائح في جولة بشوارع بورسعيد    الوادي الجديد: تلقي أكثر من 2500 ملف تصالح على مخالفات البناء    الكرملين يدعو جميع الأطراف في الشرق الأوسط إلى ضبط النفس    «إعلام عبري»: تصنيف «جوتيريش» شخصية غير مرغوب فيها ومنعه من دخول إسرائيل    رمضان على مقاعد الإدارة الفنية في مباريات الأهلي.. واجتماع مع كولر    إدارة الزمالك تكلف حسين لبيب لتجديد عقود عبدالله السعيد وزيزو    ضبط 5 تشكيلات عصابية و106 قطع أسلحة وتنفيذ 65 ألف حكم خلال يوم    النيابة تطلب تحريات مصرع عامل تكييف سقط من الطابق الثالث في الإسكندرية    الليلة.. أوبريت «على أرض مصر» في افتتاح مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    مواليد 3 أبراج محظوظون خلال الفترة المقبلة.. هل أنت منهم؟    رئيس الهيئة العامة للاعتماد: القطاع الخاص شريك استراتيجي في المنظومة الصحية بالجمهورية الجديدة    البحوث الإسلامية يختتم فعاليات «أسبوع الدعوة».. اليوم    محطة معالجة سلامون بحرى تحصد المركز الأول فى تسرب الكلور بمسابقة تنمية مهارات السلامة    السيسي يستقبل قائد قوات الدفاع الشعبية بجمهورية أوغندا    الرئيس السيسي يهنئ غينيا وكوريا وتوفالو بيوم الاستقلال والتأسيس الوطني    بتخفيضات 25%.. الزراعة تطلق 7 منافذ متنقلة لبيع منتجاتها بأسعار مخفضة في القاهرة    عرابى: اختيار رمضان لمنصب المدير الرياضى موفق للغاية.. منح اللاعبين راحة من إختصاص الجهاز الفنى فقط    عبدالواحد السيد يكشف عن مفاجأة خاصة لجوميز قبل السوبر الأفريقي    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 2 أكتوبر 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    البورصة تستهل تعاملات جلسة اليوم الأربعاء بتراجع مؤشراتها    مجلس الوزراء: 2200 جنيه سعراً استرشادياً لأردب القمح    سقوط 6 تشكيلات عصابية وكشف غموض 45 جريمة سرقة | صور    إصابة 6 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ملاكي بصحراوي المنيا    مراجعة استعدادات استقبال فصل الشتاء بمدينتي القاهرة الجديدة و15 مايو    ضبط شركة إنتاج فنى بدون ترخيص بالقاهرة    وزير التعليم العالي يستقبل وفد جامعة أبردين البريطانية    بنك مصر وأمازون لخدمات الدفع الإلكتروني يعقدان شراكة استراتيجية مع مصر للطيران    اكتشاف حجرة دفن ابنة حاكم إقليم أسيوط خلال عصر سنوسرت الأول | صور    كلاكيت ثالث مرة.. سهر الصايغ ومصطفى شعبان في دراما رمضان    معرض الشارقة الدولي للكتاب يحتفي بمعارف وثقافات العالم في دورته ال43 تحت شعار «هكذا نبدأ»    غرفة الصناعات الغذائية تشارك للعام الثالث في مهرجان النباتات الطبية والعطرية بالفيوم    "أبوالريش" تستضيف مؤتمرًا دوليًا لعلاج اضطرابات كهرباء قلب الأطفال    مساعد وزير الصحة: مبادرة «بداية» تهتم بالإنسان منذ النشأة حتى الشيخوخة    «الصحة»: ارتفاع معدلات وفيات الأطفال بسبب الولادات القيصرية والرضاعة الصناعية    استقرار أسعار الحديد والأسمنت في مصر: آفاق جديدة لقطاع البناء في أكتوبر 2024    الجيش الأردني يحبط محاولة تسلل وتهريب لكميات من المواد المخدرة قادمة من سوريا    كل الآراء مرحبٌ بها.. الحوار الوطني يواصل الاستماع لمقترحات الأحزاب والقوى السياسية حول ملف دعم    بالفيديو.. الأعلى للثقافة تكشف تفاصيل التقدم لجائزة الدولة للمبدع الصغير    عالم بالأزهر الشريف: «لو فيه حاجة اسمها سحر وأعمال يبقى فيه 100 مليون مصري معمول ليهم عمل»    أذكار الصباح والمساء مكتوبة باختصار    كواليس مثيرة حول استبعاد حسام حسن ل إمام عاشور من منتخب مصر    محمد فاروق: الأهلي يجهز عرضين لفك الارتباط مع معلول    هل يبحث الأهلي عن ظهير أيمن بعد إصابة محمد هاني؟.. مصدر يجيب    إحنا بخير    امرأة ب«رحمين» تنجب توأمين بحالة نادرة.. ما القصة؟    «الداخلية»: غلق كلي لشارع عزيز أباظة في الزمالك لمدة 10 أيام (التحويلات المرورية)    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    جولات لمديري ووكلاء الإدارات التعليمية بالغربية لمتابعة انتظام الدراسة بالمدارس    «الإفتاء» توضح حكم الشرع في إهمال تعليم الأبناء    بالصور.. نجوم الفن في افتتاح مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    حكم زيارة قبر الوالدين كل جمعة وقراءة القرآن لهما    أمين الفتوى: الأكل بعد حد الشبع حرام ويسبب الأمراض    عاجل - أوفينا بالتزامنا.. هذه رسالة أميركية بعد هجوم إيران على إسرائيل    انتخابات أمريكا 2024| وولتز يتهم ترامب بإثارة الأزمات بدلاً من تعزيز الدبلوماسية    دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الآخر لعام 1446 هجريا.. اليوم    إعلام إيراني: أول استخدام لصاروخ فتاح الفرط صوتي في الضربة على إسرائيل    محمود فايز عن دوره في "انترفيو": "متعرفش تحدد هو كويس ولا وحش واتضربت كتير"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سوريا: هل يكون الإقتصاد هو التِّرياق؟
نشر في المصريون يوم 03 - 08 - 2011

هل يأتي التغيير في سوريا من فَوْهة الاقتصاد، بدل مواسير الدبَّابات أو حتى حناجِر المُنتفِضين؟
هذا السؤال طرح نفسه بقوة في الآونة الأخيرة، بعد أن وصلت الأمور في بلاد الأموِيِّين بعد أشهر حارّة من الإنتفاضات الشعبية المتنقِّلة، إلى الجمود التعادلي بين الثوار وبين النظام.
فلا الأوائل قادرون على تحقيق هدف إسقاط النظام بالسرعة اللازمة، ولا الثاني أثبت حتى الآن أن في وُسعه إنجاح الحلّ الأمني أو الإطلاق الناجح للحل السياسي (على الأقل عبْر تطوير نفسه من نظام سلطوي إلى شبه سلطوي).
هذا الجمود التعادُلي الخطِر، جعل الاقتصاد يحتلّ أهمية فائقة في موازين القِوى السياسية في سوريا، وقد يكون هو في خاتمة المطاف، مَن سيُقرِّر مصير البلاد في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة. لكن كيف؟ قبل الإجابة على السؤال، وقفة سريعة أولاً أمام معطيات الاقتصاد السوري.
مُعطيات اقتصادية
تُعتبر سوريا دولة نامية متوسِّطة الدَّخْل ولها اقتصاد متنوّع، يعتمد على الزراعة والصناعة والنفط، ومؤخراً، الخدمات السياحية والمصرفية. في عام 2010، وصل تِعداد السكان إلى نحو 21 مليون نسمة (كان نحو 9 ملايين عام 1980) 56 % منهم تتراوح أعمارهم بين 15-64 سنة و40% تحت ال 15 سنة و1،3% فوق 65 سنة.
بيْد أن اليد العاملة في البلاد، شابة وكبيرة وتبلغ أكثر من 7 ملايين من إجمالي السكان. البطالة كانت قبل اندلاع الانتفاضة في 15 مارس 2011 تبلغ 10%، لكن يقال أن النسبة تضاعَفت تقريبا. وتتوزَّع القوى العاملة على النحو الآتي: 5،28% في الزراعة و13% في الصناعة و5، 58% في القطاعات الأخرى.
على رغم الزيادة الكبيرة في عدد السكان، إلا أن سوريا لا تُعتبر دولة مكتظّة جداً، لأنها شاسعة المساحة (186 ألف كيلومتر مربّع). وتُعتبر الزراعة في البلاد أولوية قصوى، بهدف تأمين الإكتفاء الغذائي ووقف الهِجرة الكثيفة من الرِّيف إلى المدن، وهي تولّد 25% من الدخل الوطني وشكّلت 29% من الناتج المحلي الإجمالي. معظم الأراضي في سوريا مِلكِية خاصة، لكن 28% منها فقط مزروعة وتعتمد على الأمطار والريّ، فيما 3% منها فقط غابات لا يستخدم سوى جزء بسيط منها لأغراض تجارية.
القطاع الصناعي، الذي يشمل التّعدين والصناعات التحويلية والبناء والنفط، يشكّل نحو 29% من الناتج المحلِّي الإجمالي. المنتوجات الصناعية الرئيسية، هي البترول والأقمشة والمواد الغذائية المعلَّبة والمشروبات والتبغ والفوسفات. وعلى رغم أن سوريا ليست مصدّرا رئيسيت للنفط، قياساً بالدول النفطية العربية الأخرى، إلا أن البترول يُعتبر ركيزة أساسية من ركائز اقتصادها، وهي تُنتِج الآن نحو 520 ألف برميل يومياً، نصفه تقريباً يُستهلك محليا، لكن قطاع النفط يعاني من مشاكل تِقنية وضعف الإنتاج ومن التناقُص الكبير في احتياطي البترول (يبلغ الآن 4،2 بليون برميل)، ولذلك، وفي حال عدم اكتشاف حقول جديدة، يُحتمَل أن تتحوّل سوريا إلى مُستورِد للنفط خلال السنوات القليلة المقبلة.
تأرجح خطر
هذه المعطيات الاقتصادية بدأت تنقلِب رأساً على عقِب بعد الإنتفاضة، الأمر الذي جعل الاقتصاد يتأرجَح على شفير الهاوية. فالنشاط الاقتصادي، وِفْق محلِّلين غربيين، انخفض إلى النصف. وعلى سبيل المثال، شهِدت شركة تبيع زُيوت السيارات، انخفاضاً في مبيعاتها بنسبة 80%، هذا على رغم أن هذه السلعة ليست كمالية. كما أن معظم الشركات عمدت إلى تسريح بعض موظفيها وعمّالها، ما ضاعف عدد العاطلين عن العمل. ويخشى المسؤولون السوريون من أن إمدادات القمح والحبوب، باتت منخفِضة، ما قد يُسفِر قريباً عن نقْصٍ في السِّلع الغذائية.
التجارة انخفضت ما بين 30 إلى 70% (وفق مكان المنطقة الجغرافية)، وهذا كان حتى قبل قيام الاتحاد الأوروبي، الذي يُعتبر الشريك التجاري الأول لسوريا، بفرض العقوبات الاقتصادية عليها.
الاستثمارات الأجنبية، التي كان النمو الاقتصادي السوري يعتمِد عليها في السنوات الأخيرة، نضبت تقريبا، والقطاع المالي دخل في مرحلة حرِجة، خاصة بعد أن بدأت الحكومة تطبع العُملة السورية بكثافة، لتغطية نفقاتها، وهذا ما قد يطلق التضخُّم من عِقاله، ما قد يجعل الودائع النقدية لا قيمة لها.
وتشير مجلة "إيكونوميست" إلى أن تهريب الرساميل شائع ويتِم على قدَم وسَاق. وتنقل عن سائقين على طريق دمشق - بيروت قولهم، أن العديد من المودعين السوريين يسحبون أموالهم من المصارف السورية وينقلونها بالأكياس مباشرة إلى المصارف في بيروت. ووِفق بعض التقديرات، بلغت الأموال التي غادرت البلاد خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، أكثر من 20 بليون دولار، ما فرض ضغوطاً شديدة على اللِّيرة السورية وهدّد باستنفاد احتياطي البلاد من العُملات الأجنبية (التي كانت تبلغ حتى الشهر الماضي نحو 17 بليون دولار).
وبالتالي، لا يستبعد المحللون حصول طلب شديد على السُّيولة النقدية من المصارف، وأيضاً امتناع الكثيرين عن دفع ديُونهم إلى هذه الأخيرة، لأن 60% من الإقراض الذي ذهب لتمويل أشخاص من الطبقة الوسطى لشراء السيارات الخاصة، لم يعد في قدرة أصحابها دفع أقساطها المستحَقَّة. ويقول مصرفي بارز: "إذا ما أفلس أحد المصارف الصغيرة، فإننا جميعاً سنغرق".
نهاية "الصفقة"؟
هذه التطوّرات الاقتصادية الخطيرة، لا تفاقم الأزمة الاجتماعية (التي بدورها تؤجِّج الانتفاضة أكثر) وحسب، بل بدأت تهدِّد أيضاً بفرط "الصفقة" التي عقدها النظام السوري مع بعض الفئات الطبقية والاجتماعية منذ عام 1970 وأسند إليها حُكمه. وهذه الصفقة، تشمل من جهة، منح تُجّار المدن السُنّة، مزايا اقتصادية في مقابِل منْح النظام الشرعية السياسية وإقامة تحالف مع الأقليات المسيحية والدرزية والعلوية عبْر عرض الحماية الأمنية عليها ضد التطرّف السُنّي المفترض.
بيْد أن هذه الصَّفقة، تتحلَّل الآن. فلا التجّار باتوا آمِنين على مصالحهم الاقتصادية، حتى قبل الانتفاضة بعد أن دخلت أسْرة الأسد - مخلوف إلى العرين الاقتصادي بقوة خلال العقود الثلاثة الماضية، ولا المسيحيون وغالبية العلويين مستعدين للغرق مع النظام، في حال اكتمل طَوق الغالبية السُنيّة عليه (نحو 75% من السكان).
علاوة على ذلك، تبدو التوجُّهات الاقتصادية الرسمية في حالة انعدام وزن تام. فبعد عقديْن من إصلاحات السوق، التي أقدم عليها النظام تحت شعار التحوّل من "الاقتصاد الاشتراكي" إلى "اقتصاد السوق الاجتماعي"، تتعالى دعوات العديد من المسؤولين إلى التراجُع عن هذه الخطة، لأنها برأيهم، هي التي فجَّرت الأزمة الاجتماعية – السياسية الراهنة.
لكن التراجع إلى أين؟
هنا تكمُن معضلة أخرى. فسوريا لا تستطيع أن تعود إلى الاقتصاد الموجَّه بعد أن باتت معتمِدة على أسواق المال العالمية لتمويل مشاريع التنمية والنمو الاقتصادي فيها. وفي الوقت نفسه، هي مضطرّة بسبب ضغط الانتفاضة لإعادة العمل بدعم السلع الاستهلاكية لتخفيف غضبة الفئات الفقيرة والمتوسطة، ما يؤدّي إلى عرقلة مشاريع التنمية، وهذه حلقة مُفرغة في غاية الخطورة.
إيران الآن، هي الطرف الإقليمي والدولي الوحيد الذي يبدو مستعدّاً لدعم سوريا اقتصادياً، حيث سرت شائعات بأن طهران خصّصت نحو 5 بلايين دولار لدعم دمشق، وأنها تفرض على بعض الشركات التي تشتري نفطها، أن يتم الدفع باللِّيرة السورية، بهدف دعم هذه العُملة. لكن، ونظراً إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة لإيران نفسها، حيث نحو 30% من الشبان فيها عاطلون عن العمل، فإن هذا الدّعم سيكون أشبَه باستخدام مسكِّنات لمعالجة مرضٍ عُضال.
أي حل؟
نعود الآن إلى السؤال: كيف يُمكن أن يخرج الحلّ للأزمة السورية من فوهة الاقتصاد؟ المعادلة تبدو بسيطة هنا: في حال استمر التدهْور الاقتصادي على هذه الوتيرة، فلن يطول الوقت قبل أن تتغيّر لوحة موازين القوى السياسية (وحتى العسكرية - الأمنية) في البلاد لغير صالح عائلة الأسد – مخلوف، وهذا قد يتكرّس على وجه التحديد بانفضاض تجّار المدن والأقليات عن النظام وبدء سعيِهم إلى العثور على ملاذ آمن خارجه، حينها ستصل الأمور إلى لحظة الحقيقة الأخيرة في سوريا.
لقد حذّر الرئيس بشار الأسد قبل نحو أسبوعين من أن الإقتصاد السوري بات "على شفير الانهيار".
حسناً. هذا الانهيار قد يحدُث خلال شهرين أو ثلاثة من الآن. فهل سيكون بإمكان النظام حسْم الأمور سياسياً أو أمنياً قبل هذا الموعد الجلَل أم أن الأمر سيحتاج إلى "عملية جراحية داخلية" (انقلاب قصر داخلي على العائلة) لإنقاذ النظام المريض قبل فَوات الأوان؟ فننتظر لِنَرَ، عِلماً أن الإقتصاد لن ينتظِر.
المصدر: سويس أنفو


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.