بيان «دعوة التوحد»: الجميع أدرك أن أخطاء جسامًا وقعت من كل طرف.. والجماعة تفتح ذراعيها للتوافق قبل ثلاث سنوات من الآن، برزت الخلافات بقوة على السطح بين "شركاء ثورة 25يناير"، ممثلين في القوى الشبابية والثورية، والإسلاميين بقيادة "الإخوان المسلمين"، بعد أن اتهم الثوار الجماعة بالتخلي عنهم خلال أحداث "محمد محمود"، التي اندلعت يوم 19نوفمبر2011، واستمرت نحو أسبوع، وتركهم يخوضون المواجهات وحدهم أمام الشرطة ما أدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى في صفوفهم، خلال أحداث "الموجة الثانية للثورة"، والتي شكلت عامل ضغط قويًا على المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم آنذاك للإسراع بتسليم السلطة بعد شهور من تلك الأحداث. لم يكن ذلك إلا مؤشرًا قويًا على اتساع حجم الخلافات بين الطرفين بشكل واضح على مدار السنوات الثلاث المنقضية، على الرغم من محاولة جسر الهوة في بعض المناسبات، كما حصل إبان الانتخابات الرئاسية في 2012، ليفتقد كل منهما إلى الآخر في معاركه على الأرض، وينشغل كل منهما بصراعه، بعيدًا عن الآخر، وباءت بالفشل كافة المحاولات والتحركات للتقريب بين "الثوار" و"الإسلاميين"، حتى بعد أن اتضح لكليهما خطورة الوضع الذي تشكل على الأرض بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في يوليو من العام الماضي على أهداف ثورة 25يناير وتضحيات المشاركين فيها. إلا أن ذلك لم يقض على الأمل في إمكانية التوحد مجددًا، بعد دعوة عدد من الكيانات والشخصيات الوطنية المصرية، لتوحد المعارضين ضد السلطات الحالية، والاعتراف بالخطأ، تزامنًا مع الذكرى الثالثة لأحداث محمد محمود في الأسبوع الماضي، في بيان أصدره عدة شخصيات وقوى ثورية، دعوا فيها إلى اصطفاف المصريين، بعد أن أخطأ الجميع. وجاء في نص بيان "دعوة التوحد" الذي وقع عليه أكثر من 30شخصًا وعدد من الكيانات "الثورية" والشبابية": "اليوم أدرك الجميع أن أخطاء جسامًا وقعت من كل طرف، فبينما وضع فريق ثقته في مؤسسات نشأت بخدمة نظام مبارك بدلًا من تطهيرها، فقد قبل الآخر اصطفافًا مع نفس المؤسسات لحسم خلافه مع الفريق الأول بما مهّد الطريق إلى عودة النظام القديم بفساد أشد وقمع أشد لم ينجو منه أى من أبناء الشعب"، مؤكدًا أن "الأخطاء الكبيرة تستدعى تضحيات كبيرة لم يقصر البعض من الثوار فى تقديمها ومازلنا نتوقع منه مزيدًا من التضحيات ومزيدًا من المراجعات.. منتظرين من البعض الآخر من الثوار أن يستعيدوا مكانتهم في الثورة وأن يقدموا ما يتوقعه الشعب منهم من مواقف ومراجعات تتجاوز المرارات وتهدر الاختلافات وتقدم المستقبل ومصلحة البلاد على كل حساب آخر، فسيشهد التاريخ أن ثورة 25 يناير لم تسقط رغم أخطاء أبنائها ولا بتولي طغمة عسكرية دموية سدة الحكم فى غفلة من الشعب وانقسام من القوى الثورية، وإنما ازدادت عزمًا وإصرارًا على مواصلة الدرب للوصول إلى الغاية الكبرى بإنهاء كل مظاهر الظلم الاجتماعى والاقتصادى والسياسى وبناء دولة العدل والاستقرار والرخاء بعد أن يمتلك الشعب إرادته ويسيطر على ثرواته وخيراته ويزيح الطغاة المفسدين إلى ما يستحقونه فى مهاوى تاريخ العار". ومن القوى التى أعلنت توقيعها على "بيان التوحد": "طلاب ضد الانقلاب"، ومجموعة اللقاء المصرى ومجموعة وثيقة المبادئ العشرة (بروكسل)، والمجلس الثورى المصري، والتحالف الوطنى لدعم الشرعية، واللجنة التنسيقية لانتفاضة السجون، والمجموعة المصرية لاستعادة ثروات الشعب المنهوبة. ومن ضمن الشخصيات السفير إبراهيم يسرى، أحمد خلف (باحث سياسي)، أحمد عبد العزيز (صحفى وأمين عام جبهة صحفيون ضد الانقلاب)، أيمن نور (زعيم حزب غد الثورة)، آية علاء (ناشطة نسائية والمتحدثة باسم نساء ضد الانقلاب)، ثروت نافع (برلمانى وأستاذ تكنولوجيا المعلومات بكندا)، حاتم عزام (برلمانى ونائب رئيس حزب الوسط)، حسن القبانى (صحفى ومنسق حركة صحفيون من أجل الإصلاح)، عبد الرحمن فارس (من شباب الثورة)، الشاعر عبد الرحمن يوسف، عز الدين دويدار (مخرج سينمائي)، عماد شاهين (أستاذ زائر بجامعة جورج تاون والجامعة الأمريكية)، عمرو دراج (وزير التخطيط والتعاون الدولى فى حكومة الرئيس المعزول محمد مرسي)، عمرو على الدين (محام ومنسق جبهة استقلال القضاء)، سعد فياض (القيادى بحزب الشعب والتحالف الوطنى لدعم الشرعية)، سيف عبدالفتاح (أستاذ العلوم السياسية – جامعة القاهرة)، سيد إبراهيم (ناشط سياسى ومنسق التيار المدنى الثوري)، طارق الزمر (سياسى وقانوني)، محمد الشهاوى (طبيب بشري)، ومحمد عباس (من شباب الثورة). وكشفت مصادر ب "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، أن اتفاقًا تم بين شباب أحزاب التحالف مع قوى شبابية من تيارات مختلفة لإحياء ذكرى الثورة تحت شعار "تجاوز الخلافات ونسيان أخطاء الماضي". وبحسب المصادر، تم الاتفاق على المشتركات بين هذه الحركات وهى ضرورة إنهاء تدخل الجيش فى الحياة السياسية، وضمان عدم الحياد عن المسار الديمقراطي، والحفاظ على أهداف ثورة يناير التى خرجت تحت شعار "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية". وأصدر "الإخوان المسلمون"، بيانًا قالوا فيه إنهم "يثمنون كل ما جاء في هذا البيان، ويتجاوبون معه بكل صدق وإخلاص وإيجابية، لتوحيد كل القوى الثورية من أجل مستقبل مصر وتحقيق أهداف ثورة 25 يناير 2011. وقالوا إن "بياننا هذا هو توقيع رسمي من الجماعة على هذا البيان وموافقة على ما جاء فيه من: دعوة لتوحيد الصفوف والجهود، اعتراف الجميع بأخطاء الماضي خلال مسيرة العمل الثوري والعمل على تجاوزها، والنظر إلى المستقبل من أجل تحقيق أهداف ثورة يناير". وأضاف البيان "نحن ندعو الجميع إلى الاستمرار في طريق العمل الثوري المخلص من أجل تحقيق أهداف الثورة وكسر الانقلاب الدموي، والتخلص من آثاره الكارثية على حاضر مصر ومستقبلها". وقال محمد صلاح، المتحدث الإعلامى لحركة شباب من أجل "العدالة والحرية"، إن مطالب الشعب الآن هى نفسها مطالبه عام 2011 وقت اندلاع الثورة، والتي لم يتحقق منها شيء، وهو ما يستدعى التوافق حول أهداف الثورة مرة أخرى. وأضاف "ميدان التحرير هو هدف ثورتنا، ولن ندخله إلا إذا كنا مجتمعين، بعيدًا عن أى حزبية"، مؤكدًا أن "الهدف من التواصل السياسى مع القوى الشبابية هو الحشد ضد قوى وفلول مبارك والحفاظ على الثورة وعدم السماح لأحد بسرقتها". وقال إمام يوسف، القيادي ب "التحالف الوطني لدعم الشرعية"، إن "الإسلاميين فتحوا ذراعهم للقوى الثورية عشرات المرات، وجماعة "الإخوان المسلمين" اعتذرت مليون مرة للتوحد مع الثوار"، مشددًا على أن "الثوار من مصلحتهم التوحد مع الإسلاميين بعدما رأوا كيف يقصى نظام 3يوليو على المعارضين". وناشد الثوار التوحد لإنجاح الثورة، مذكرًا ببعض مواقف الإسلاميين عبر تساؤله.. من كان معكم فى موقعة الجمل؟ ومن كان معكم فى ميدان التحرير؟. وردًا على مدى قبول تحالف دعم الشرعية بالتنازل عن مطالبتهم بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي، قال: "متنازلون عن الشرعية ولكن متمسكون بالديمقراطية". من جانبه، قال هيثم الشواف، المنسق العام ل "تحالف القوى الثورية"، وعضو جبهة30 يونيو، إن "هناك اتجاهًا واضحًا حاليًا لأن يكون هناك حوار بين القوى الثورية"، مؤكدًا أن السبب ليس أحداث محمد محمود والاحتفال بذكراه بل إن مصلحة الوطن ستتغلب على الأهواء على أن يتحد الجميع فى محاولة لإنقاذ الوطن فى الفترة القادمة". وأشار الشواف، إلى أن "القوى الثورية التي شاركت فى إحياء الذكرى الثالثة لم تحقق النتائج التى كانت تتوقعها، فالعمل فى الفترة القادمة يجب أن يتم بعيدًا عن المظاهرات، بل بالعمل الجاد وعرض الآراء والأفكار التى تبنى ولا تهدم". مع ذلك، رفض الشواف، فكرة التحالف مع جماعة الإخوان بأى حال من الأحوال، "فما بيننا وبينهم هو مشكلة دم هم السبب فيه والمحرضون عليه، لذلك لن يكون هناك أى فرصة للحوار أو المشاركة معهم فى أى فعالية قادمة". وأكدت شيماء حمدي، عضو المكتب السياسى ل "جبهة طريق الثورة"، أن "الطريق مغلق أمام جماعة الإخوان المسلمين للاتحاد أو التعاون مع القوى الثورية مهما قدموا من اعتذارات أو محاولات للتعاون مع القوى الثورية، فالأمر منتهٍ لا تعاون مع جماعة الإخوان". وأشارت إلى أنه "على القوى الثورية أن تتحد فى الفترة القادمة لإعادة ثقة الشارع المصرى، وخصوصًا المواطن البسيط، فيها مرة أخرى لأن هناك أزمة حقيقية يشهدها الشارع السياسى حاليًا من عدم تعاون بين القوى الثورية الذى يؤدى إلى تفككها وعدم قدرتها على التعاون وإحداث التأثير المطلوب"