لم يشبع النظام السوري بعد من اجساد السوريين الذين عذبهم في سجونه او ربما ابتلعتهم السجون حتى نسي ذووهم اسماءهم !! لم يشبع من مئات الألاف من المهجرين واللاجئين !! لازال يعقد مؤتمرات صماء بعيدة كل البعد عن الشارع الصارخ الهاتف ب "ارحل بشار" ويواصل لعبته الدموية لتشبع غريزته الشيطانية بالرقص على دماء الشهداء وآلام الاف الجرحى ! لقد رفض الشعب اي حوار مع النظام واعلنت بعض أطراف المعارضة أن أي حوار لن يكون مشروعا أو مقبولا قبل سحب الدبابات والشبيحة من المدن واطلاق سراح جميع المعتقلين ! أثناء متابعتي لمؤتمر نائب رئيس النظام السوري فاروق الشرع البارحة حملقت في الحضور الذين لم اعرف منهم الا الممثلين وبعض المحسوبين على النظام الذين اشاهدهم على القنوات الاخبارية احيانا !! حاولت جاهدة ان اتعرف على احد من الذين قيل عنهم معارضين ! فلم اعرف الا واحدا او اثنين وذلك لان المعارضين البارزين في الساحة إما غيبتهم سجون الشبيحة أو اعتذر بعضهم عن مؤتمر مرفوض مسبقا من قبل الشارع ومع ذلك أقيم المؤتمر حتى مع غياب الطرف الاخر فكيف يتحاور النظام مع نفسه في مونولوج مثير للتقزز ويضحك على العالم بحضور معارض مثل الطيب تيزيني وهو الذي تلقى صفعات وركلات على أيدي وأرجل الشبيحة في الثامن عشر من آذار الماضي، لا لشيئ إلا لأنه تظاهر مع بضع عشرات أمام وزارة الداخلية السورية مطالبين بالمعتقلين .. لقد كان جليا لكل من تابع المؤتمر حالة التخبط والتناقض في الاعترافات والمداولات ! فتارة يشيد المتحاورون ببسالة الجيش الذي حمى المدن وتارة يعترفون بارتكابه جرائم بقتل المتظاهرين . وحينا يعترفون بتضحيات الشعب وحينا اخر ينددون بالعصابات المسلحة التي خلقت الفوضى بالمنطقة ! فلم نخرج بنتيجة محددة او موقف يتبناه اي طرف من الحضور ! كل ذلك يؤكد على أن النظام لا يزال في حالة إنكار لواقع أليم بالنسبة له، ومفرح بالنسبة للشعب السوري، فلا يزال يصر على عدم الاعتراف بالمشكلة فكيف سيتم التحاور مع نظام لا يعترف بالمشكلة، ويؤكد أن ما تواجهه سورية مؤامرة أجنبية ومندسين وسلفيين وعصابات مسلحة .. كانت بعض تعليقات المدعويين مثيرة للذهول وابرزها تعليق الممثلين غسان مسعود الذي قال " انا جئت مستمعا لا منتسبا لاي طرف" وعباس النوري الذي علق:"انا لا ارى اطياف معارضة ولا اطياف نظام"!! و هو الذي اتهم الشعب السوري المنتفض بالحثالة مكررا ديباجة شبيحة النظام وسدنته ، أما احد اعضاء حزب البعث فقد اكد على شرعية الحزب بامتلاك سوريا وحكمها كما امتلكها طوال عقود ! لقد عززت هكذا تعليقات حالة الانفصام الذي شهدناها في المؤتمر الذي من المفروض انه يهتم بتوحيد الصفوف والمواقف، لكن يبقى المميز الوحيد في هذا المؤتمر أنه رعاه فاروق الشرع تماما كما رعى نائب الرئيس المصري السابق عمر سليمان مؤتمرا قبل أيام من سقوط مبارك، فنحن الآن على أبواب مرحلة حاسمة من الثورة السورية، شبيهة بتلك المرحلة التي سبقت مبارك، فنادى نائبه لانقاذه من فكي الشعب المصري الذي لم يدعه حتى قضى عليه، وها هو الشعب السوري يكرر التجربة .. وككل مؤتمر يعقده النظام لم يأت بنتائج فكيف من أفسد ومن دمر ومن اعتقل يستطيع أن يصلح، الديكتاتور لا ينتج إلا ديكتاتورية واستبداد ، فكيف إن ترافق المؤتمر مع دبابات وقصف لم تشهد حمص من قبل، واعتقال بالمئات في حمص وريف دمشق وإدلب وغيرها .. النظام يترنح ووليمته لسدنته وعملائه لن تفيدهم بعد أن تخبط، وما على المعارضة والشعب السوري إلا أن يبني على تخبطه وأخطائه ، وأكبر أعداء النظام السوري هي الأخطاء التي يرتكبها ويواصل اقترافها ..