هل تعلم عزيزي القارئ من أين تأتي نهضة الامم؟ بداية نهضة الأمم تأتي من الإهتمام ببناء الفرد أولا، ومن ثم تغيير سلوكه ليتحول من السلبية أو مناهضة الدولة والمجتمع إلي التفاعل الإيجابي مع كافة المعطيات، ليصبح قيمة مضافة لاسرته وللمجتمع وللبشرية جمعاء.. وبداية بناء الفرد تأتي من الإهتمام بالتعليم، وفي ظل تردي الاوضاع والتغير الرهيب الذي أصاب الشخصية المصرية عبر عدة عقود من الإهمال والفساد وكبت الحريات، وإنتقال التعليم من المدارس للشقق ومراكز الدروس الخصوصية فإن الإصلاح يحتاج إلي جهود جبارة وأموال طائلة ووقت قد يكون طويلا. ولكن من الجائز أن تختصر الدولة هذه الجهود وتوفر الوقت والمال في رحلة إعادة بناء الشخصية المصرية بعد الثورة والتي يلقي علي عاتقها صناعة مصر الجديدة التي يحلم بها الجميع، يمكن هذا إذا خاطبت الفرد بلغة يفهمها، فلشديد الأسي لا توجد لغة للحوار أو التفاهم بين الحكومات المتعاقبة وبين الشعب، فعادة ما تعمل الحكومات في وادي يبعد كثيرا عن متطلبات الغالبية الكادحة من ابناء الوطن، وهو ما يلقي بظلاله علي العلاقة بين المواطنين وحكوماتها، ليس أقل من أن يخرج رئيس الجمهوية أو علي الأقل رئيس الوزراء ليقدم تقريرا أسبوعيا للشعب يتحدث من القلب وبدون خطاب مكتوب مسبقا، عما قامت به الحكومة وعن المشاكل التي تم حلها أو التغلب عليها وعن الصعوبات التي حالت دون تحقيق بعض الأهداف، وعن الخطوات والتدابير التي إتخذتها الحكومة للتخفيف عن كاهل المواطن المطحون، فإذا شعر المواطن بصدق توجه الحكومة وبالتواصل المستمر بين أعضائها وبينه، فإنه سيصنع المستحيل من أجل هذا الوطن بما يختصر الكثير من الجهد والوقت والمال في التغلب علي المشاكل الإقتصادية والإجتماعية، ولكن إذا إستمرت لغة التعالي بين الوزراء والمسؤلين من جهة وبين المواطن من جهة أخري، أو إنقطعت وسائل الإتصال بين الطرفين فإن العواقب ستكون وخيمة، ليعلم الجميع الداني قبل القاصي بأنه إذا تم التعامل مع الشعب والتعاطي مع المشاكل القائمة كما كان يتم إبان حكم مبارك فإن النتائج -بالقطع- ستكون واحدة إن لم يكن أسوأ، وسيتفاقم الوضع ليصبح مرعبا بأكثر مما يتخيل البعض في تقديرهم للمواقف، لابد أن تكون هناك جرأة ودراسة وسرعة في إتخاذ القرارات، ولابد من مراعاة البعد الإجتماعي في كافة القرارات. والإصلاح يبدأ من التعليم.. حين إنطلقت ايرلندا الجنوبية وكوريا الجنوبية وماليزيا وغيرها من الدول نحو التقدم، كان الإهتمام بالتعليم هو المفتاح السحري لهذه الطفرة المهولة التي قفزت بهذه الدول من مصاف الدول النامية إلي صفوف الدول المتقدمة، فبناء الإنسان أهم من بناء المصانع والمنتجعات، والإستثمار في البشر أجدي من الاستثمار في الحجر. لا يكفي الأمل والتمني علي الإطلاق، فالتغيير للأفضل والجودة في الآداء ينبعان فقط من العمل المتسم بالإصرار والجلد والرغبة في التحول من وضع مرفوض من الجميع إلي وضع افضل يبتغيه الجميع. فشل الحكومات لا يأتي بسبب نقص المال أوقلة الإمكانيات وإنما يأتي نتيجة للاستعانة بأشخاص غير مناسبين في كافة المواقع بدءا من الوزراء مرورا برؤساء كافة المؤسسات، لذا يجب أن يفكر الرئيس في الاشخاص المحيطين به ويحدد ما إذا كانوا يساعدوه ويدفعوا به والدولة نحو التقدم أو يشدوه والدولة نحو الهاوية. أعلم أن الكلام سهل والاصعب منه العمل، وعلي الرغم من أن إخلاص النوايا من عوامل النجاح، ولكن ليس الإخلاص فقط هو كل مقومات النجاح، فلنجاح أي مؤسسة أو أي دولة مقومات معروفة ومسجلة ومجربة عشرات المرات من قبل الامم التي سبقتنا في هذا المضمار... ولكن من يريد؟!!!!! وللحديث بقية إن كان في العمر بقية عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.