تعتبر الانتخابات البرلمانية القادمة من أهم الانتخابات التى ستشهدها مصر خلال الفترة القادمة وسوف تشهد انتخابات مجلس النواب القادم سخونة قوية بين الأحزاب ولكن ليس للدخول لقبة البرلمان بل لضم أعضاء الحزب الوطنى على قوائم الأحزاب الانتخابية، وذلك نظرًا لعدم وجود شعبية واضحة وحقيقية لهذه لأحزاب الموجودة حاليًا سواء كانت أحزابًا ليبرالية أو أحزابًا إسلامية. وقد رحب العديد من الأحزاب بقبول أعضاء من الحزب الوطنى سواء كان هذا الترحيب من أحزاب التيارات الإسلامية أو من أحزاب التيارات المدنية، وهو الأمر الذي أرجعه المحللون لضعف الأحزاب السياسية فى الشارع المصرى وعدم وجود كفاءات قوية داخل الأحزاب السياسية سواء كانت ليبرالية أو إسلامية. وفى إطار ذلك رصدت "المصريون" أسباب استعانة الأحزاب السياسية بأعضاء الوطنى للدخول ضمن قوائمها فى الانتخابات البرلمانية القادمة.
سعيد: عدد كبير من الأحزاب ستضم أعضاء الوطنى فى قوائمها الانتخابية فى البداية، يقول محمد سعيد، عضو الهيئة العليا بحزب التجمع، إن عددًا كبيرًا من أعضاء الحزب الوطنى السابق سيكونون على رأس قوائم الأحزاب المختلفة فهناك عدة أحزاب أعلنت قبولها لأعضاء الوطنى شريطة ألا يكون عُرف عنه التورط فى فساد وألا يكون أيضًا قد تحالف مع الأحزاب الدينية. وشدد "سعيد" على أن الحزب الوطنى موجود منذ ما يقرب من أربعين عامًا منذ تأسيسه فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات وسيظل موجودًا، واستنكر عضو العليا بالتجمع رؤية البعض باستبعاد الحزب الوطنى من الحياة السياسية بما كان يشتمل عليه من 3 ملايين عضو. وأضاف سعيد أن حزب التجمع برغم إيمانه الكامل بحق أعضاء الوطنى فى الترشح والوصول إلى مقاعد برلمانية إلا أنه لن يرشح أحدًا من أعضاء الحزب الوطنى على قوائمه.
زغلول: المال سيلعب دورًا مهمًا فى الانتخابات القادمة من ناحيته، قال عصام زغلول، رئيس حزب الأمة، إن عنصر المال سيلعب دورًا مهمًا فى ضم أعضاء جدد لجميع الأحزاب سواء كانوا ينتمون إلى الحزب الوطنى أو غيره، مشيرًا إلى أن أعضاء الحزب الوطنى بصفة عامة لا يمكن وصفهم بالفسدة حتى يتم منعهم من ممارسة السياسة خاصة لغير المتورطين فى قضايا فساد. وأضاف زغلول أن تطور الفكر السياسى يجبر الجميع على عدم ذكر فزاعة الحزب الوطنى مرة أخرى، خاصة أن القوى السياسية الحالية تحاول لم الشمل وتوحيد الصف للاستعداد إلى المعركة التشريعية فى البرلمان المقبل. ولفت إلى أن غالبية القبائل والعائلات خاصة فى صعيد مصر كانت تنضم إلى الحزب الوطنى من أجل تعزيز المكانة السياسية والاقتراب من السلطة للحصول على مناصب سياسية وتعيين أبنائها فى مناصب مرموقة رغم أنها تمتلك المال ولا تحتاج إلى ممارسة أساليب الفساد؛ فحزب الوفد فى فترة زمنية ماضية كان جاذبًا لجميع السياسيين إلى أن جاء الحزب الوطنى ليحل محله. هيبة: الشعبية القبلية والمال السياسى لأعضاء الحزب الوطنى سيجعلهم مطمعًا لكل الأحزاب ويقول أيمن هيبة، عضو مجلس الشورى السابق، إن السياسيين كانوا يتحدثون باستحياء عن الحزب الوطنى بعد سقوط نظام مبارك فى ثورة 25 يناير بسبب شروع الحزب الوطنى فى إفساد الحياة السياسية والاجتماعية طيلة فترة حكمه إلا أن الوضع قد تغير الآن؛ فالكثير من الأحزاب توافق على انضمام أعضاء الوطنى إليها سواء من التيار الإسلامى والذي يمثله حزب النور أو الأحزاب المدنية بسبب أن الكثير من هؤلاء الأعضاء يملكون الشعبية القبلية والمال السياسى الذي يستطيع أن يغير المواقف فى معظم الأحيان. وأشار هيبة إلى أن تصنيف الحزب الوطنى من وجهة نظر الأحزاب الحالية قد يعتمد على التفريق بين من مارس الفساد وشرع فيه من خلال عضوية الحزب وبين مَن اتخذ منصبه فى الحزب كوسيلة لخدمة مصالح الناس فهذا النوع يمكن ضمه إلى الأحزاب الحالية والاستعانة به لخدمة أهدافه النبيلة، لا سيما أن تنظيم الإخوان سقط بسبب ممارسته لسياسة الإقصاء وعدم مشاركة للتيارات السياسية الأخرى فكان واجبًا على القوى السياسية الحالية الابتعاد عن هذا المسار الإقصائى.
بديع: حزب النور سيلجأ إلى أعضاء الوطنى لعدم وجود شعبية له فى الشارع من ناحيته، قال أحمد بديع، عضو المكتب التنفيذى لحزب الوطن، إن حزب النور ليس له أرضية فى الشارع، وبالتالى يريد أن يضم أعضاءً من الحزب الوطنى المنحل معه حتى لا ينكشف أمره أنه حزبٌ ضعيف، مشيرًا إلى أن حزب النور إن نجح فى الانتخابات القادمة سيكون بتمرير من العسكر، كما أن الحزب الوطنى لديه الكثير من السياسات والخبرات السابقة فمن يُدير المشهد الحالى هو نفس نظام ما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير باختلافات بسيطة وهذه الأحزاب موالية له، موضحًا أن حزب الوطن لن يشارك فى الانتخابات البرلمانية القادمة.
مرشد: من حق أعضاء الوطنى الترشح البرلمان وفى نفس السياق، رحب الدكتور مجدى مرشد، نائب رئيس حزب المؤتمر، بقبول نواب الحزب الوطنى فى العديد من الأحزاب السياسية والذين لم تتلوث يديهم فى إفساد الحياة السياسية فى مصر، مشيرًا إلى أنه لا إقصاء لأحد، فليس كل أعضاء الإخوان فاسدين كما أنه ليس كل نواب الوطنى فاسدين ومن حقهم الترشح للبرلمان. وأشار مرشد إلى أن كل الأحزاب تسعى لضم نواب من الوطنى لأنه بلا شك، حزبٌ سياسى كان فى فترة من الفترات هو التكتل الوحيد الذي كان يضم رموزًا ممن عملوا فى الحياة السياسية والتنمية، وبالتالي لديهم خبرات كثيرة. أما عن التكتلات والتحالفات التى تستعد للانتخابات البرلمانية أكد مرشد أن هناك تحالفات تعمل حاليًا فى الشارع المصرى مثل تحالف الجبهة المصرية وتضم بها ثمانية أحزاب منها حزب المؤتمر.
حسن: لا مانع من ترشح أعضاء الوطنى فى الانتخابات القادمة وفى سياق ذى صلة يقول أحمد حسن، أمين عام الحزب الناصرى: لا أحد يملك أن يعطى حق الترشيح أو عدم الترشيح لأحد من المواطنين سواء كانوا أعضاء فى الحزب الوطنى أو غيرهم لأن من حق كل مواطن تتوافر فيه الشروط الطبيعية حسب ما يقره قانون الانتخابات أن يتقدم للترشيح أو لا يتقدم، وبالتالى فإن هذه الادعاءات التى يمكن أن يبديها أى شخص يمارس العمل السياسي. فكل الأحزاب دون استثناء و كل الجماعات السياسية الموجودة الآن فى مصر لا تمانع إذا وجدت من يتحالف معها وينضم إليها بغض النظر عن انتمائه لأي حزب أو فصيل. فلا مانع من ترشح أى عضو من أعضاء الحزب الوطنى شريطة ألا يحتوى تاريخه السياسى على وجود أى فساد قام به بغض النظر أنه كان عضو حزب وطني أو لا لأن مصلحة الوطن هى الأهم ويجب ألا يكون هناك تناحر بين القوى السياسية ويكون العمل السياسى لمستقبل مصر. وأشار حسن إلى أن أعضاء الحزب الوطنى المنحل ممن كانت لهم شهرة وفاعلية فى الشارع المصرى لن ينضموا لحزب النور لأنهم من الممكن أن يترشحوا على المقاعد الفردية؛ فهناك 420 مقعدًا فرديًا فى دوائر لهم فيها مواطنون وهذا ليس مدحًا فى أعضاء الحزب الوطنى ولا ذمًا فى أعضاء حزب النور، لكننا نتحدث عن واقع موجود، فالشعب المصرى مر بظروف عصيبة وتكشف له أشياءً كثيرة لم يكن يعلمها وبالتالى سوف يحدد مواقفه على ضوء ما رآه رأى العين من جماعات وأحزاب سياسية.
الشريف: تحالف الأحزاب مع أعضاء الوطنى اعتراف منها بعدم امتلاكها شعبية فى الشارع من جانبه، يقول عصام الشريف، المنسق العام للجبهة الحرة للتغيير السلمي، إن تحالف الأحزاب السياسية مع أعضاء الحزب الوطنى المنحل ما هو إلا اعتراف ضمني من هذه الأحزاب بأنها لا تملك قواعد حقيقية وليس لديها مرشحون ينتمون لتياراتها السياسية ولو بالفعل لديهم مرشحون يمتلكون القدرة والإمكانيات على النجاح فى دوائرهم ينتمون لهذه الأفكار السياسية سواء كان ليبراليًا أو إسلاميًا ما كانوا لجأوا لأعضاء الحزب الوطنى فهم ليس لديهم قواعد حقيقية وليس لديها القدرة على خوض البرلمان إلا بالتحالف من أجل مصالحهم. وأشار الشريف إلى أن الحزب الوطنى لم يكن كله فاسدًا لكن كان هناك فساد سياسات ومجموعة مهيمنة على الحكم ولكن النقطة الجوهرية التى نختلف فيها مع هذه الأحزاب هى أن حزب مثل حزب الوفد لديه 80 عامًا رصيد من الخبرة السياسية كان يجب أن يكون لديه تنظيم وقدرة على الحشد فى كل الدوائر لكن هذه الأحزاب تبحث عن مصالحها الخاصة فقط بصرف النظر عمن تتحالف معه، مضيفا أن حزب النور يريد الآن التحالف مع الوطنى نظرًا لتغير موقفه سياسيًا فهو لم يكن له موقف واضح عندما كان الإخوان فى السلطة فقد تحالف معهم وعندما ذهب الإخوان من السلطة بدأ يتحالف مع النظام الجديد.
العزباوي: منافسة قوية بين الأحزاب على أعضاء الوطنى للانضمام إليهم فى الانتخابات المقبلة من المنطلق ذاته، أشار يسرى العزباوى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى أن المنافسة بين الأحزاب الدينية والليبرالية على أعضاء الحزب الوطنى السابق يرجع إلى عدم وجود كفاءات داخل الأحزاب المختلفة يتم الدفع بها فى العملية الانتخابية القادمة، مشيرًا إلى أن اللجوء إلى أعضاء الوطنى فى هذا الوقت يرجع إلى الشعبية التى كان يتمتع بها هذا الحزب والقدرة المالية العالية لدى أفراده، كما أن لديهم خبرة انتخابية تساعدهم على تحقيق مكاسب برلمانية. وأرجع العزباوى استعانة الأحزاب أيضًا بالحزب الوطنى إلى فشل الحركات الثورية بعد ثورة 25 يناير فى تقديم بدائل حقيقية علاوة على حالة التخبط الشديدة بين ثوار يناير، وأن عدم وجود رؤية حقيقية بين الحركات الثورية جعل الحزب الوطنى يعود وبقوة خاصة فى ظل أحكام البراءات التى ينالها أعضاؤه. وأكد الخبير السياسى أن الوطنى الآن أصبح مكسبًا للأحزاب المختلفة لما يملكه من كفاءات وأموال وسائل إعلام، كما أن الأحزاب المختلفة وأهمها حزب الوفد والمصريون الأحرار وحزب النور السلفى تتصارع فى ضم أعضاء الوطنى على قوائمها الحزبية خاصة أنها صرحت بأنها لا يوجد لديها مانع فى ضم أعضاء الوطنى على قوائمها الحزبية؛ فأعضاء الوطنى أصبحوا الآن مقسمين على عدد كبير من الأحزاب.