ما أشبه الليلة بالبارحة, كبرنا ولم نعرف أن محمد نجيب كان أول رئيس بعد ثورة 23 يوليو, درسنا فقط أنه كان ضمن الضباط الأحرار، الذين خرجوا بالثورة وأعلنوها للشعب يوم مغادرة الملك فاروق أراضى مصر تاركًا الحكم الملكى خلف ظهره واستقر فى الأذهان أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر هو الرئيس الأول . عشرات السنين ومعها عشرات الحقائق والوقاع الغائبة, سياسيون يروون التاريخ بل كادوا يدرسونه عبر شاشات التليفزيون, فبالأمس القريب كانت 30يونيو واليوم يتوج اسم 3 شخصيات من مؤسسى الحملة فى كتب التاريخ لأطفال فى عمر الظهور لن يسعفهم الحظ للبحث عن الحقيقة فى وقتنا الحالى حيث كل شيء مشوه ومزيف اللهم إلا الشوارع والميادين التى ستظل شاهدًا على العصر . "التاريخ لا ينبغى أن يكتبه السياسيون ولكن يجب أن يكتبه المؤرخون" كانت تلك بداية حديث مع الدكتور عبد المنعم إبراهيم الجميعى، أستاذ التاريخ الحديث قائلاً:"إن التاريخ يجب أن يكتبه المؤرخون وليس السياسيون، مشددًا على أنه لا يجب أن يكتب التاريخ بعد فترة وجيزة من حدوثه إنما يجب أن ينتظر لحين خروج جميع الوثائق والأدلة وظهور غيرها حتى يتم استكشاف جميع الحقائق لينال حظه من الكتابة وإثبات الحقائق. وانتقد"الجميعي" وضع حركة تمرد وأعضائها فى مناهج التاريخ، مؤكدًا أن الحقيقة غير ذلك فحركة تمرد ليست من قامت بالثورة والخروج فى 30 يونيو إنما الشعب المصرى هو من ثار وأسقط الإخوان، مبينًا أن العديد من الحقائق يجب أن تكتب كما كانت بأسلوب عميق, وإشار إلى أن العديد من الأخطاء التاريخية كانت أهم أسبابها السرعة والعجلة فى الكتابة. مبينًا، يجب أن يأخذ التاريخ وقته فى التفحيص والتمحيص والمراجعة والبحث والاستدلال. وأكد، أن العديد من الوقائع التى تمت كتابتها عبر الأزمنة كانت مشوهة وغير دقيقة بل كانت غير صحيحة أبرزها ما تم تناقله عن ثورة يوليو بأنها هاجمت الملكية وغيرها وكانت كتابات غير دقيقة, متابعًا، أنه فى التاريخ القديم أيضًا قامت الملكة حتشبسوت بتزييف الوقائع وقامت بتوشيه صورة شقيقها، وأضافت أشياء لنفسها هى لم تفعلها, كما أكد أن هتلر فى الحرب العالمية الثانية استعان بمذكرات قيل إنه وجدها وهو فى الأصل من كتبها وكذلك أحمد عرابى استمر فى الكتابة عن نفسه فى حين أن الأصل فى الأشياء أنه لا يجب أن يكتب أحد عن نفسه, إضافة إلى ما حدث من تشويه فى صورة مصطفى كامل والشيخ محمد عبده وما تم من تلفيق اتهامات له هو لم يفعلها وأثبتت الأيام غير ذلك. واستطرد"الجميعى" قائلاً:إن البعض من أعداء الوطن يريدون طمس الحقيقة والتاريخ، مؤكدًا أن طمسه سيعيق النشء والأجيال القادمة من المعرفة الحقيقية للتاريخ وحقيقة ما دار فى كل حقبة مع استمرار تشويه بعض الرموز والشخصيات ومغالطة بعض الأحداث وهو ما سيؤدى بالنشء إلى خروجهم بتاريخ مغلوط داعيًا المؤرخين ألا يبيعوا أنفسهم بالأموال الطائلة لصالح أحد وأن يكون كل همهم جمع الحقيقة وتأريخها دون أدنى مصلحة . وانتقد إسحق عبيد، مقرر لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة، كتابة الأحداث الجارية فى كتب التاريخ أثناء وقوعها، مشددًا على ضرورة ألا يتم تأريخ الأحداث السياسية وتسجيلها إلا بعد مرور ما يقرب من 50 عامًا من وقوع الحدث، موضحًا أن كتابة الأحداث أثناء حياة أصحابها يكون دائمًا سببًا فى الحرج والتردد لدى المؤرخ، كما يتسبب فى تزييف الحقائق وافتقاد الموضوعية، ولضمان تحرر المؤرخ من ضغوط أصحاب الحدث التاريخى. وأوضح عبيد، أن التاريخ علم له قواعده وأصوله المنهجية فهو يتساءل عن وقت وقوع الحدث وأسبابه ونتائجه لكى يصبح عبرة للأجيال المتتالية. مضيفًا: "والمهم عند دارسى التاريخ تحرى الموضوعية والبعد عن الذاتية والميول الشخصية". واستكمل مقرر لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للثقافة، موضحًا أنه لا يوجد بالعلوم الاجتماعية موضوعية 100 %، ومن هنا تختلف وجهات نظر المؤرخين فى كثير من القضايا. وأشار عبيد، إلى كثير من الأحداث التى تم تزييفها بالتاريخ بسبب تناولها وتأريخها أثناء وقوعها ومن بينها ما كتبه المؤرخون عن الإسكندر الأكبر خلال حياته والذى جاء معظمه مجاملاً له خوفًا من بأسه، إلا أنه وبعد وفاته بخمسين عامًا بدأت الأقلام تكشف عن المسكوت عنه واقتربوا من الموضوعية والنزاهة، وذات الأمر حدث أثناء تدوين أحداث الحربين العالمية الأولى والثانية، مضيفًا: "التاريخ العالمى وكل الأقطار مليئة بالكتابات المشبوهة إما مجاملة لأبطال الحدث أو هجومًا عليهم، ولذلك جاءت تلك الأحكام مجافية للنزاهة والموضوعية". وشدد عبيد، على خطورة وخصوصية الموضوعات التاريخية المقدمة للأطفال وصغار السن بالمدارس، مطالبًا بضرورة تحرى البساطة والكثير من الشفافية خلال كتابة الموضوعات التاريخية لهم وعدم الدخول فى قضايا معقدة تشوه الصورة عند الأطفال، مضيفا: "يجب أن يشارك فى وضع الموضوعات التاريخية بالكتب الدراسية خبراء وعلماء التربية وعلم النفس إلى جانب المؤرخين". من جانبها أوضحت الدكتورة سناء جمعة الخبيرة بمركز تطوير المناهج، أن وضع المناهج الدراسية لابد أن توضع وفقًا لمعايير محددة بعضها عالمى وآخر مرتبط بالمجتمع . وأكدت "جمعة" أن تلك المعايير يحددها المركز وخاصة المتعلقة بالمحتوى والأنشطة والتقويم، مشيرة إلى أن ما يحدد الموضوعات والأحداث التى يتم تناولها فى مناهج التاريخ هو طبيعة المنهج ذاته، موضحة أن منهج الصف الأول الثانوى يتحدث عن الحضارات القديمة وبالتالى لا يمكن أن يتضمن أى موضوعات عن أحداث وقعت مؤخرًا، بينما منهج التاريخ بعام آخر يتناول التاريخ المصرى الحديث وبالتالى يجب ألا يتم إغفال أحداث كثورة 25 يناير أو أحداث 30 يونيو . وشددت خبيرة المناهج، على أن من أهم المعايير عند كتابة الموضوعات التاريخية بالكتب الدراسية أن يتم ذلك دون إبداء أى توجهات سياسية أو دينية وعرض الحقائق فقط دون الحكم عليها. وأضافت جمعة، أن نسخة الكتب الدراسية التى خرجت من المركز لم تكن تحتوى على ما ذكرته الصحف ووسائل الإعلام وبالتالى هى لا تعلم كيف تم وضع تلك الفقرات أو إذا كان قد تم بالفعل وضعها. ووصف الدكتور يسرى حماد نائب رئيس حزب الوطن، ما تشهده مناهج كتب التاريخ للمراحل التعليمية بالاستخفاف بعقول النشء ومحاولة طمس الحقائق وتزييف الواقع بشكل غوغائى كما أنه يعد لعب بعقول النشء الصغير وتضليلها. وحذر "يسري" فى تصريحات ل"المصريون" من محاولات هدم الحقيقة وتغييبها، مؤكدًا أن هذا الأمر يجبر الطالب على أن ينمو وعيه على إدرك معنى جديد للوطنية قائم على أسس العمالة والمخابراتية بدلاً من كونه يحارب الظلم والفساد ويقاوم الطغيان فيصبح مثله الأعلى وقدوته أشخاصًا أقل ما يقال عليهم بأنهم عملاء يعملون لصالح أمن الدولة والمخابرات . وأشار "حماد" إلى أن هذا التضليل اتبعه عدد من الأنظمة مثل نظام جمال عبد الناصر عندما طمس كل ما يتعلق باللواء محمد نجيب أول رئيس بعد ثورة يوليو كما أضافوا إليه بأن جمال هو الزعيم الملهم إلى أن عرفنا الحقيقة كاملة بعدها بسنوات . وأكد،التاريخ يجب أن يكتب بأياد حيادية ليست تابعة لسلطة أو نظام ولكن ما نراه الآن هو نظام أشبه بنظام الغابة من معه السلطة والسلاح هو الذى يتحكم فى كل شيء مطوعًا أجهزة الدولة ومؤسساتها فى خدمته بحسب ما يرى ويريد وهو أدعى دليل بعدم وجود دولة بمفهومها الحقيقي، مشددًا أنه بات يتوقع أن تصادر آراء وكتابات أى من أراد أن يكتب التاريخ بشكل حيادى وحقيقى ..