وزير بحكومة جولدا مائير: لا يمكنني أن أفهم أو استوعب كيف سقطت معاقل وحصون إسرائيليين في أيدي المصريين والسوريين وبأسلحة عادية ضابط إسرائيلي شارك بالحرب: الجنود انهاروا نفسيًا وعقليًا بسبب الهجوم وأحد القادة صرخ: لقد فقدت ثقتي في الدبابات وعمل بعد ذلك نجارًا في أمريكا "كنا فشلة على صعيد التفكير؛ كان لدينا الكثير من الدلائل والإشارات على أن الحرب ستنشب قريبا وسيهاجمنا المصريون والسوريون، دلائل وإشارات بإمكانها إيقاظ الموتى من سباتهم، إلا أنه مقابل تلك الإنذارات والتحذيرات كان هناك حالة من التهاون والإهمال الجسيم الكبير والاستثنائي في صفوف الجيش والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، كان لابد أيضًا أن تعلن تل أبيب التعبئة العامة لقوات الاحتياط الإسرائيلية وهذا لم يحدث". ما سبق هو أحدث اعترافات للمسئولين الإسرائيليين إبان حرب أكتوبر 1973 عن فشل إسرائيل في التنبؤ بتوقيت الحرب الذي اتخذته مصر وسوريا على إسرائيل قبل 41عامًا، جاء على لسان شلومو هلل، وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إبان حرب أكتوبر، خلال مقابلة مع صحيفة "معاريف" الإسرائيلية. هلل كشف عن تفاصيل آخر اجتماع للحكومة الإسرائيلية عشية الحرب، قائلاً: "كان هناك اجتماع وزاري عقدته رئيسة الحكومة جولدا مائير عشية الحرب، كان لدي شعور كبير أنها ستنشب قريبًا، خلال الجلسة الحكومية كنت من بين المصوتين وبشدة ضد اقتراح تم تقديمه بشن ضربة استباقية جوية ضد مصر، كان واضحًا لي أننا لا يمكننا تغيير الصورة والوضع، بل إننا وسنضر بصورة إسرائيل وسيتهمنا العالم إذا قمنا بهذه الضربة بأننا بادرنا بالهجوم". وأضاف "لم يكن دوري يسمح لي بأن أعرض وجهة نظري على كل الجنرالات والعسكريين، لقد قامت إسرائيل بتعبئة قوات الاحتياط في وقت متأخر جدًا، ولم يتم إبلاغ الحصون والمعاقل على خط الجبهة بالأمر، وحتى اليوم لا يمكنني أن أفهم أو استوعب كيف سقطت معاقل وحصون إسرائيليين في أيدي المصريين والسوريين وبأسلحة عادية، فعلى سبيل المثال هناك حصن في منطقة حرمون استولى عليه السوريون بمروحيتين عسكريتين فقط، بالرغم من أن مقاتلاً إسرائيليًا يحمل مدفعًا كان يمكنه إيقاف المروحيات وإنهاء الأمر ومنع سقوط المعقل في يد سوريا، لقد كان الأمر مأساة حقيقية". الوزير الإسرائيلي الأسبق حمَل إيلي زاعيرا، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، المسئولية عن هزيمة إسرائيل في تلك الحرب، قائلاً: "لقد التقيته قبل الحرب بشهور، وبالتحديد في فبراير 1973، سألته ماذا يحدث إذا بدأ المصريون هجومًا علينا في شتاء هذا العام، ولم يستطع سلاح الجو الإسرائيلية صدهم والوقوف أمام تقدمهم، حينها رد علي زاعيرا بأنني يجب أن أثق به، وهو ما فعلته وشعرت أن هذا السؤال الذي طرحته عليه كان سخيفًا، لقد وثقت به كما وثق به كل الإسرائيليين". وفي رده على سؤال: "كيف تلقيت نبأ إلقاء مسئولية التقصير في الحرب على رئيس أركان الجيش وقتها دود إليعازر؟"، أجاب هلل: "كنت أكن حبًا واحترامًا لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، إلا أن الجماهير في إسرائيل كانت غاضبة جدًا على القيادات بسبب الهزيمة أمام مصر وسوريا، لقد أرادت هذه الجماهير الثأر ممن تسبب في مقتل أبنائها الذين سقطوا في المعارك، كان على وزير الدفاع موشي ديان تقديم استقالته بسبب الأمر، لابد أن يتحمل شخص ما المسئولية عن الهزيمة". وأضاف "بعد حرب 1973، والتقصير الذي قام به الجيش الإسرائيلي، طالبت بنقل ملف الأمن الداخلي لجهاز الشرطة، بعد حرب 1967 أصبح الجيش هو المسئول عن حفظ الأمن الداخلي في إسرائيل، كما أصبح هو المسيطر على كل شيء، وإذا وقعت عملية تخريبية كنا ننتظر ساعات لتلقي أوامر وتعليمات القيادات العسكرية للرد على الأمر، بعد الهزيمة لم يكن من الممكن أن يستمر الحال بهذه الطريقة". وبعنوان "شهادة ضابط رأى صدمة الحرب"، أجرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" مقابلة مع يوسف رحمان، الضابط الإسرائيلي الذي شارك في حرب 1973، والذي قال إنه "بسبب أهوال المعارك مر بفترة علاج للشفاء مما رآه في ميدان القتال". رحمان قال: "قمنا بتدريبات في هضبة الجولان، عرفنا كل صخرة وحجر في هذه الهضبة لكن حين نشبت المعارك لم تساعدنا هذه التدريبات العسكرية في شيء، لقد كانت حرب يوم الغفران أصعب الحروب التي خاضتها تل أبيب في تاريخها وما زالت وقائعها الكارثية محفورة في ذاكرتي، فجأة تم القضاء على كل الدبابات فيما عدا واحدة، تلك الخاصة بقائد كتيبتي، لم يكن هناك ببساطة من يشغلها، في صباح اليوم التالي، اليوم الثاني للحرب أخذت أفرك عيني من المشهد الذي رأيته، كانت هناك حالة من الفوضى في صفوف الجيش الإسرائيلي ومئات السائقين العسكريين يتحركون بشكل غير منتظم هو وعرباتهم". وأضاف: "كنا نتسابق على الطريق مهرولين هاربين، وكان هناك من يلوح بيده كالمجنون، وكانت صافرات الإنذار تدوي من مقصورات القيادة"، لافتا إلى أنه "بشكل يومي كان هناك تخوفات من احتمال هجمات الكوماندوز علينا، لهذا كنا دائما في حالة ذعر وتأهب، وفي اليوم الثالث للحرب أدركنا الكارثة، قتلى ومصابين ودبابات مستهدفة بالصواريخ وما زالت النيران تشتعل بها، قائد أحد السرايا فقد قديمه"، وتابع "تلقينا الضربات والنيران من قبل الطرف الثاني على مدار 3 أيام بلا توقف، لم تنجح تل أبيب في إيصال أي مساعدات لنا". وأشار رحمان إلى أن التقي بعد ذلك العديد من الجنود والضباط المصابين بصدمة الحرب، قائلاً: "كان هناك من انهار نفسيًا وعقليًا بسبب الهجوم المصري السوري، سادت حالة من الكآبة على الجميع، لم أستطع تحمل ما أراه أمامي، كان هناك جنود فقدوا عقلهم ولم تعالجهم إسرائيل وتركتهم دون إبداء أي أسباب وراء قيامها بذلك، لقد أفقدهم الذعر والرعب ذهنهم، دائما ما أتذكر هذه الصور، ولا يمكنني نسيانها، من بينها ما قام به قائد إحدى السرايا العسكرية الذين ظل يدور في خيمة القيادة واضعًا يديه وراء ظهره ويتمتم لنفسه مرارًا وتكرارًا بسبب الصدمة: "لقد فقدت ثقتي في الدبابات، لقد عرفت هذا القائد جيدا لكني فوجئت به وإذا به يتحول لشخص أخر، حادثته لكنه لم ينظر حتى إلى، بعدها بفترة طويلة علمت أنه غادر إسرائيل مع عائلته ويعمل الآن نجارًا في نيويورك".