على الرغم من ظهورها المختلف على الساحة، إذ دخلت إليها من الباب الخلفي، حيث قائمة الاعتراضات الاقتصادية وفقط دون الحديث عن انتماء معين أو ظهور لوجوه ثورية معروفة خلفها، فتحسب به على أيديولوجية ما، كحركتى "جوعتونا وبورتو الشعب"، إلا أن المحصلة النهائية لها لم تختلف كثيرًا، فمن التجاهل الشعبى إلى اتهامات الأخونة من الدولة والإعلام. وبالسهولة التى تستطيع بها دحض الاتهامات التى وجهت إلى حركتى "جوعتونا وبورتو الشعب"، بانتمائهما إلى الإخوان وتحركهما لخدمتهم فى إطار خطة التنظيم الدولي، لتصدير صورة مصر غير المستقرة، مستعينًا بحجج ولادة تلك الحركات من مهد "6 إبريل" وشركائها فى جبهة طريق الثورة المعروف معارضتهم للإخوان، ومشاركتهم فى تظاهرات 30 يونيو، إلا أنك لن تجد من الحجج ما يعينك على نفى تلك التهمة عن حركة ضنك، حيث عدم تبنى أى حركة معروفة لها، بالإضافة إلى الظهور المفاجئ والانتشار على مستوى المحافظات، وهو ما يصعب على مجرد نشطاء مبتدئين، القيام به، والظهور الملثم عبر مقاطع فيديو، فضلًا عن التناقض الواضح بين بعض الأفعال والأقوال. ففى الوقت الذى اجتهد فيه متحدثو الحركة للتأكيد على عدم انتمائهم للإخوان، وأن محاولات إلصاقهم بالجماعة ما هى إلا محاولات تشويه، إلا أنك ما إذا تجولت على صفحتهم عبر موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك، ستجدهم ينشرون احتفاء أنصار الإخوان بهم، كحاتم عزام، نائب رئيس حزب "الوسط"، وهيثم أبوخليل، الناشط الحقوقي المنشق عن جماعة "الإخوان"، وهم يصفون الحركة بالمجاهدة ل"الانقلاب". وسواء كنت من مؤيدى فكرة أن "ضنك ما هى إلا إحدى محاولات الإخوان للتأكيد أن معارضى النظام المصرى كثر، أو مع رفض تلك الفكرة واعتبارها شيطنة لأى حركات معارضة فى صالح السلطة، إلا أنك لن تستطيع أن تغمض عينيك عن نتائج فعالياتها الأولى، والتى ووجهت بالتجاهل الشعبي، حيث مشاركة ضعيفة من المواطنين، فعاليات معظمها سلاسل بشرية لبضعة أشخاص، والتظاهرة الوحيدة فى القاهرة بمنطقة الإسعاف لم يتخط أعداد المشاركين فيها العشرات، وواجهتها قوات الأمن. إلا أن الحركة رفضت وصف انتفاضتها الأولى ب"الفاشلة"، حيث أكدت أنهم استطاعوا إقامة 70 فعالية فى 19 محافظة، وهو ما يعد نجاحًا نوعيًا، لاسيما فى ظل القبضة الأمنية، وقالت إن تظاهراتهم قامت أمام المجمعات الاستهلاكية، والمصالح الحكومية، وداخل مترو العاصمة. وأضافت الحركة، فى بيان حصلت "المصريون" على نسخة منه: "فى 9 سبتمبر، أعلن آلاف الغلابة والكادحين من جديد ميلاد حركة ضنك، بعد ما أطلقوا صرخة مدوية شالت جواها آلام الفقراء والمرضى، رغم التشديدات الأمنية، لتسجل حركة عمرها شهر من الزمن نجاحًا منقطع النظير فى الاحتجاج والإبداع الثورى بالمقارنة بأداء حركات عمرها سنوات". وتابعت: الدولة واجهت احتجاجات الغلابة بقمع غير مسبوق، فحولت مصر إلى ثكنة عسكرية كبرى وحركت مئات الآليات العسكرية، وعشرات الآلاف من الجنود والضباط، فى مواجهة عمال وفلاحين وموظفين وطلاب وربات بيوت عزل ما يملكوش إلا أصواتهم التى ذبحت من الفقر، وصدورهم العريانة إلا من هدومهم المتقطعة من الفقر والضنك اللى عايشين فيه"، مشيرة إلى أن "الفقراء والمطحونين رفعوا كارت أصفر ووجهوا إنذارًا أخيرًا للحكومة، للتراجع عن السياسات الاقتصادية التى ستؤدى إلى قتل المطحونين والغلابة ممن يمثلون أغلبية الشعب المصري، وإنذارًا للاستجابة لمطالب المصريين بتوفير عيشة كريمة". وأكدت الحركة استمرارها فى مسارها ضد الفقر والجوع والظلم الاجتماعى والتفاوت الطبقي، قائلين: "مش هنرجع عن أهدافنا بإعادة الطبقة الوسطى من جديد فى المجتمع، لأنها صمام أمان، مش هنتراجع عن حق سكان المقابر والعشوائيات فى مسكن ملائم، مش هنتراجع عن حق المرضى فى العلاج وسرير نضيف فى مستشفى، وحق الست اللى بتكفل أسرة فى ضمان اجتماعى مناسب". وقال محمد السعدني، المفكر السياسى ونائب رئيس جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إن ظهور الحركات السياسية منها "ضنك" و"عفاريت دمنهور"، وغيرها من الحركات، تدل على أن هناك مؤشرًا قويًا لبيان إفلاس جماعة الإخوان والتنظيمات التابعة لها، فى محاولة مستميتة منهم لإثبات وجودهم فى الشارع المصري، بالإضافة إلى أنهم ما زالوا يدعون إلى أن الوضع غير مستقر على الصعيد الوطنى لإعطاء إشارات إلى العالم بأن مصر غير مستقرة سياسيًا. وأضاف السعدني، فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن جميع الحركات والتنظيمات التى ظهرت فى الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى الألتراس والاشتراكيين الثوريين وغيرهما، يحركها خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، والدليل على ذلك هو أن توجهات الشاطر "ماركسية"، قبل دخوله إلى عالم الإخوان، والتى تعتمد على مفاهيم مجتمعية واقتصادية للتفاعل مع البسطاء والفقراء والمهمشين، لاستغلال حوائجهم لحقوقهم الاقتصادية فى المجتمع. وقال اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن تلك الحركة فشلت قبل أن تبدأ، فما هى إلا اسم جديد من أسماء جماعة الإخوان والجماعات المرتبطة بها، وذلك حتى توحى للعالم الخارجى بأن هناك جماعات خلاف الإخوان يعارضون نظام الحكم ويقفون ضده. وأكد المقرحي ل"المصريون"، أن تلك المجموعات سيتم القبض عليهم قريبًا جدًا، وعلى رأسهم الملثمون الذين ظهروا فى الفيديو، وسيتم تقديمهم للمحاكمة بجريمة إحداث الفزع والإضرار بالأمن القومى للبلاد وبث الفتن لدى جموع الناس والتحريض ضد نظام الحكم والدولة بأشياء غير حقيقي.