علماء النفس: الإقصاء السياسي للشباب دفع لظهور التنظيمات المسلحة "كتائب حلوان.. حركة أحرار.. بلاك بلوك ربعاوى.. ألتراس ربعاوى".. حركات ظهرت بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى، يدعى البعض عليها أنها حركات مسلحة ظهرت بقوة السلاح للانتقام من القوات المسلحة ومن الشرطة، وهى السبب وراء التخريب الذى حدث من بعد أحداث 30 يونيو 2013. فحركة "كتائب حلوان" التى ظهرت منذ فترة قريبة نشرت لها مقطع فيديو على "اليوتيوب"، تندد فيه بالأحداث والجرائم التى تقوم بها الشرطة والجيش على حسب وصفها، حيث ظهر فى مقطع الفيديو أحد الملثمين، وهو يحمل سلاحًا فى يديه، ومن خلفه ملثمون يحملون أسلحة ويرفعون شعار "رابعة"، ويقول فى بيان له "دفعنا ثمنًا من الدماء ومن تهجيرنا، والنساء تغتصب، وهذا إنذار للداخلية على مستوى جنوبالقاهرة، بأنهم مستهدفون، لأنهم لم يراعوا أننا إخوانهم، فسفكوا الدماء واغتصبوا النساء، وهم انقلابيون والجيش الحالى هو جيش "كامب ديفيد"، فلم يطلق طلقة واحدة على اليهود"، على حد زعمه. وأضافت ما تعرف ب"كتائب حلوان" خلال البيان أنه لابد أن تنتصر فئة لترد على الداخلية الذين نسو ما فعله الشعب بهم فى 25 يناير وجمعة الغضب فى 28 يناير، والداخلية أجبرتنا على حمل السلاح للدفاع عن أنفسنا. أما الحركات الأخرى ك"حركة أحرار والبلاك بلوك ربعاوى أو التراس ربعاوي" فكلها حركات تظهر دائما فى المظاهرات المؤيدة لجماعة الإخوان المسلمين والرافضة للنظام الحالى ويتهمهما دائمًا الأمن بأنها حركات تثير الشعب وتسعى إلى الخراب ولا تتظاهر بنوع من السلمية. من جانبهم أكد المحللون السياسيون، أكدوا أن ظهور هذه الحركات المسلحة نتيجة السياسات الخانقة التى تمارسها الدولة على بعض الأحزاب أو الطوائف وقمع الحريات إضافة إلى عدم الاتجاه إلى استيعاب سياسى وحلول سياسية بعد عزل الرئيس مرسى فى 3 يوليو والاعتماد على القوة الأمنية كسلاح لمواجهة الرافضيين لأحداث 30 يونيو مما أدى كل ذلك إلى ظهور مثل هذه التنظيمات والأفكار. فيما أكد خبراء علم النفس، أن السبب الحقيقى لظهور هذه التنظيمات هو التنشئة الاجتماعية، وعدم احترام وجهات النظر المختلفة وغياب الحوار فى المجتمع، إضافة إلى أن الظلم الذى يقع على بعض الأشخاص قد يولد عنده فكرة الانتقام ما لم يجد أحدًا يحتويه.
عبد ربه: عدم الاستيعاب السياسى زاد من حركات العنف "تطبيق القانون والبعد عن الأساليب الأمنية وفتح حوار سياسى فكرى قد يقضى على محاولة نشأة تنظيمات مماثلة ويقضى على التنظيمات الحالية"، هكذا يقول الدكتور أحمد عبد ربه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والذى أكد أن السبب الرئيسى لظهور بعض التنظيمات المتطرفة التى تستخدم السلاح من بعد أحداث 30 يونيو 2013 هو عدم الاتجاه إلى استيعاب سياسى وحلول سياسية بعد عزل الرئيس مرسى فى 3 يوليو والاعتماد على القوة الأمنية كسلاح لمواجهة الفكر السياسى من جانب الدولة، فالاستيعاب السياسى ومحاولة وجود حلول سلمية من أولى الخطوات التى يمكن بها القضاء على مثل هذه التنظيمات, أما فى حالة استمرار العنف والقوة الأمنية المفرطة لمواجهة المعارضة فسوف يؤدى إلى تفاقم الأزمة واستمرارها. وأكد عبد ربه، عدم جدوى المراجعات التى تنادى بها الدولة بصورة شفوية ومبادرات الأزهر للتوعية عن خطورة هذه الأفعال غير المجدية خاصة وأنهم اختاروا العنف من البداية لمواجهة القوة الأمنية. ولفت عبد ربه إلى أن وضع تشريعات لضمان عدم انخراط مثل هذه التنظيمات فى أعمال العنف يعد أمرًا صعبًا خاصة وأن من فعل عملًا إرهابيًا لابد أن يحاكم عليه لكن يمكن أن يتم استخدام حل سياسى مثل تقليل حجم الاعتقالات التى يمارسها أفراد الشرطة وعدم إطلاق الرصاص والخرطوش على المتظاهرين لتفريقهم والسماح بوجود أحزاب سياسية إسلامية بدلا من رفض إدماجهم فى المجتمع وإقصائهم خارج المشهد مما يدفع البعض منهم إلى تكوين تنظيم موازٍ يجمع جميع الإمكانيات التى تتاح له لصد التعامل الأمنى معه.
أمنيون: عدم وجود منظومة أمنية جيدة أدى إلى ازديادها من الناحية الأمنية، يقول اللواء عبد اللطيف البدنى، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن انتشار معدلات الجريمة والعنف السياسى خلال الفترة السابقة بعد ثورة 30 يونيو داخل المجتمع المصرى يرجع إلى عدم وجود منظومة أمنية ذات كفاءة وقدرة عالية فى مقاومة الجريمة. وأوضح البدنى، أن زيادة حركات العنف والجماعات التكفيرية يرجع إلى أسباب أمنية واجتماعية واقتصادية مثل انتشار البطالة وعدم وجود منظومة أمنية كافية لحفظ الأمن نتيجة لتبدد مجهود الشرطة. فالعنف السياسى ينتج عن عدم وجود حوار بين هذه الجماعات التكفيرية وبين الأنظمة، مما يؤدى فى النهاية إلى العنف السياسى داخل مصر والذى قد يكون مفتعلًا نتيجة مؤامرة خارجية لزعزعة الاستقرار لتحقيق مآرب سياسية، وقد يكون جزءًا من مشروع الشرق الأوسط الكبير الذى تتبناه أمريكا. واتفق مع مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد عبد الفتاح عمر، وكيل لجنة الدفاع بمجلس الشعب الأسبق، الذى أرجع ظهور حالات العنف ودعاوى التكفير إلى ضعف الدولة وأجهزتها الأمنية وعجزهم عن حفظ الأمن والتقاعس فى أداء المهام التى من شأنها الحفاظ على المراكز والأماكن الحيوية والأكثر احتمالًا عرضة للأخطار. وأشار عمر، إلى أن قوات الأمن لا تقوم بواجبها على الوجه الأكمل فعلى الرغم من أن المؤسسات الحيوية مرصودة داخل الأجهزة الأمنية إلا أن الأكمنة الأمنية لا تنصب لضبط الجناة والقبض عليهم لافتا إلى أن يقظة الشرطة هى من ستوقف العنف وتقضى على الجماعات التكفيرية التى تمارس عملياتها التفجيرية فى كل مكان. وأوضح "عمر" أن الأمن منهك جراء كارت الإرهاب الذى أطلقته الجماعات الإرهابية والتى استنفذت طاقاتها، مؤكدًا أن الشرطة أصبحت تخشى على حياتها أكثر من خوفها على حياة المواطنين. وشدد الخبير الأمنى، على أن الداخلية ليست عنيفة فى مواجهة العنف وضبط الجانى، فرجل الأمن يجب أن يقوم بمهامه فى استخدام القانون والتعامل مع الإرهابيين وفق قواعد التهديد والضرب والتهديد وإطلاق النار فى الهواء وفى النهاية الضرب فى مقتل إذا تحتم الأمر.
محللون: غياب ثقافة الحوار دافع رئيسى أما من الناحية النفسية، فتقول الدكتورة هناء أبو شهبة، أستاذة علم النفس بجامعة الأزهر، إن الظلم يولد الكفر فمن وقع عليه ظلم أو استشعر أنه ظُلم من الممكن أن يثور ويتحول إلى ناقم على المجتمع وكافر به، وهذا ما يحدث الآن من بعد ثورة يناير من تحول فى المجتمع وتغير قيمه كلها وأصبح الجميع يكفر المجتمع. وأضافت "أبو شهبة"، أن الجماعات التكفيرية بدأت تعود إلى جحورها بعد أن زاد خطرها، كما أن الداخلية تمارس دورها فى حفظ الأمن ويجب أن نعطى للداخلية فرصة لاستعادة الأمن وأن لا نهاجم الشرطة إعلاميًا لأنها تقوم بدورها، فالشعب المصرى الآن منقسم ما بين مؤيد ومعارض وثورجى وتكفيرى ومسميات شتى لم يكن يألفها المصريون ولا تنبئ بخير. فيما أرجعت الدكتورة وفاء محمد فتحي، أستاذ علم النفس جامعة الأزهر، ظاهرة انتشار العنف من بعد أحداث 30 يونيو إلى التنشئة الاجتماعية وعدم احترام وجهات النظر المختلفة وغياب الحوار فى المجتمع، وعدم احتواء الكبير للصغير. وأضافت فتحى، أنه لكى نعالج هذه القضية لابد أن نتحاور ونتناقش ولابد أن نغير أفكار الشباب بالاحتواء وليس بالعنف، وذلك لأن العنف يولد العنف. وأكدت فتحى، أن التعامل الصحيح مع المتظاهرين أو الناقمين أو المحتجين ليس بالقوة وإنما بالحوار، لأن العنف يولد العنف، فالشرطة تفرقهم بالقوة مما يدفعهم للرد فتعامل الحكومة مع المتظاهرين خاطئ، لابد أن تحتوى هؤلاء الشباب لأن الشباب بطبيعته متمرد والنقاش والحوار سيأتى بنتيجة إنما العنف من الممكن أن يولد عنفاً أكبر.