مطالبات بخروج نجليه من السجن لتشييع جثمانه.. وثوار يجهزون لجنازة شعبية تليق بالفقيد.. "مات المناضل المثال، يا ميت خسارة على الرجال، مات الجدع أبو قلب شاب، مات نصير الثورة والمظلومين والشباب"، بتلك الكلمات نعى شباب الثورة ملهمهم وحاميهم "أحمد سيف الإسلام" أو كما لقبه البعض بسيف الثورة المصرية، ذلك الرجل الذى تعدى الستين عاماً وحفرت ملامح الوجع والأسى على وجه كان ينطلق بكل شجاعة وحماس بقلب شاب عشرينى وصوت جهورى يهز ساحات المحاكم والنيابات، لا يخشى فى الحق لومه لائم مدافعاً عن المظلومين، باحثاُ خلف القضبان عن المعتقلين والمجهولين من شباب ثورة يناير التى كرس لها وقته بالكامل للدفاع عن كل سجين دون بحث عن انتمائه وتهمته فلم يكن يهدأ له رمش إلا لحظة انتصاره وخروج المعتقلين لتكون نهايته الرجل الثائر والحقوقى اللامع الموت كمدًا وقهراً على ابنيه اللذين أكلتهما الثورة منه وحبستهما فى زنازين بعيدة عنه وكأن سجلاته العامرة بالمرافعات الناجحة والناجزة أبت أن تمنحه قبلة الحياة ليخرج ابناه من السجن كما فعل مع أبناء الغلابة والمظلومين. لم يكن سيف الإسلام أحد ألمع الحقوقيين المناضلين والمدافعين عن حقوق المعتقلين السياسيين، محام يحظى بقدر من الرفاهية، بل لم يكن مرفهًا على الإطلاق حيث عاش سيف الإسلام حياة متواضعة كان يرى فيها حال المعتقلين والغلابة والمظلومين، بدأ سيف الإسلام حياته السياسية باعتقال فى عام 1972 بعد القبض عليه بتهمة الاشتراك فى تظاهرات الطلبة بالجامعة من أجل تحرير سيناء، ولم تتوقف الاعتقالات التى كان آخرها فى العام إبان ثورة ال 25 من يناير وتحديداً يوم "موقعة الجمل" 3 فبراير 2011، حيث داهمت قوات الأمن مكتبه بمركز هشام مبارك القانونى وألقت القبض عليه وبصحبته عدد من الحقوقيين والإعلاميين. ويعد تأسيس مركز هشام مبارك للقانون أحد أبرز العلامات المضيئة فى حياة الرجل الثورى، حيث شارك فى تأسيسه عام 1999 للدفاع عن السجناء والمعتقلين، ولم يكتف سيف الإسلام بإلقاء حاله فى معترك النضال الثورى بل ورث لأبنائه "منى وسناء وعلاء" المسار الذى احترق هو وزوجته بنيرانه فيما بعد حيث تعرض أبناؤه للاعتقال أكثر من مرة وكان النصيب الأكبر لابنه علاء عبدالفتاح الذى حبس واعتقل مراراً إبان ثورة يناير كان آخرها حبسه بتهمة التحريض على التظاهر أمام مجلس الشورى ليحرم الأب فى أواخر أيامه من ابنه الوحيد ليبعث له برسالة مبكية قائلًا فيها: "عذرا يا ابني.. عذرا لهذا الجيل، كنا نحلم أن نورثكم مجتمعًا ديمقراطيًا يحافظ على كرامة الإنسان، ورثتك الزنازين اللي دخلتها". حالة من الوجع عاشها أحباء المناضل الثائر عقب تلقيهم نبأ وفاته متأثرًا بمرضه عن عمر يناهز ال 63 عاماً وقاموا بمطالبة وزارة الداخلية بالسماح لابنيه سناء وعلاء بالخروج من السجن لتوديع أبيهما وإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على جثمانه، حيث دشن نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى وعدد من النشطاء بالأحزاب والكيانات الثورية هاشتاج "خرجوا علاء وسناء يدفنوا أبوهم"، فيما تقدم البعض بطلبات رسمية للداخلية للحصول على تصريح لنجلى المناضل المثال لحضور مراسم جنازته التى أعلن النشطاء والثوار أنها ستكون جنازة شعبية مهيبة. "وكانت أسرة سيف الإسلام قد أصدرت بيانًا مساء أمس الأربعاء أعلنت فيه وفاته قائلة "تعلن الأسرة بخالص الأسى رحيل الأستاذ أحمد سيف الإسلام حمد في الساعة الرابعة والنصف من بعد ظهر اليوم الأربعاء 27 أغسطس، وستكون صلاة الجنازة على الفقيد غدًا الخميس بعد صلاة العصر بمسجد صلاح الدين بالمنيل، وستعلن الأسرة تفاصيل العزاء لاحقا وتعزيكم الأسرة في فقيدها وفقيدكم، وراح الحقوقيون والنشطاء ينعون والدهم ومثلهم الأعلى بعبارات من الألم قائلين: "رحل أستاذنا المناضل العظيم أحمد سيف الإسلام، وترك أولاده 2 منهم في السجون، والأخرى، حية بنصف حياة من القهر، الله يرحمك ويجعل مثواك الجنة يا أستاذنا المخلص"، فيما قال آخرون "شاب يقف عاجزا مقهوراً على وفاة والده الذى مات بعد صراع طويل مع الظلم والقهر فقط كل ما يتمناه وداع أبيه إلى مثواه الأخير، وأطلق البعض هاشتاج تحت اسم #أحمد_سيف لتقديم العزاء لأسرته والشد من أزرهم" قائلين: "أجمد يا علاء.. شدي حيلك يا منى.. ارفعي رأسك يا سناء.. جبل يا ليلى.. سيف حيفضل فيكم.. وبيكم".
فيما نعت حركة شباب 6 إبريل، سيف الإسلام قائلة، في بيان لها: "ننعي ببالغ الأسي والحزن الناشط الحقوقي أحمد سيف الإسلام الذي لقي ربه اليوم بعد صراع مع المرض، مشيرة إلى أنه توفى واثنان من أبنائه في معتقلات الظلم والطغيان الذي طالما كافحه"، كما أعلنت الحركة عن تأجيل الفعاليات التي كان مخطط لها لإعطاء الفرصة للأعضاء للمشاركة في الجنازة والعزاء، ونعى حزب الدستور الفقيد مطالبًا بالسماح لابنيه بالخروج لتشييع جنازته والدهما قائلًا فى بيان له: "نظرًا لأن الفقيد توفاه الله بينما يقبع اثنان من أبنائه في السجون، علاء وسناء، بسبب دفاعهما عن نفس المبادئ التي كرس والدهما حياته لها، فإننا ندعو السلطات المعنية إلى التعاون مع أسرة الفقيد والسماح لهما بحضور مراسم الجنازة والعزاء، رحم الله الفقيد الذي استحق بجدارة لقب قديس المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر". "الموت علينا حق. لكن الظلم لا" تلك الكلمات نعته الإعلامية جميلة إسماعيل قائلة: "أحمد سيف فى ذمة العادل الرحيم، اللهم هون على أحبابه وأبنائه اللهم هون على علاء وسناء ومنى"، وقال جمال عيد النشاط الحقوقى ناعيًا أستاذه: "علمني أستثمر في أولادي، ولا أستثمر لأولادي، مين ميحبش ولا يتمني أولاده يكونوا زي علاء ومنى وسناء، فعلا اللي خلف ماماتش"، وتابع "عرفته في رحلة لدعم عمال كفر الدوار 94، سافرنا بسيارته ال 128، كانت مليانة مجلات ميكي التي يحرص على قراءتها، توفي وعنده نفس السيارة، وأضاف عيد: "سيف الإسلام اعتقله السادات، وسجنه مبارك، وآخر مرة خلال الثورة ضد مبارك يوم معركة الجمل"، ونعته إسراء عبد الفتاح الناشطة السياسة قائلة "أحمد سيف الإسلام ذهب، ولكن تاريخه باق يتحدث عنه بعطرة ذكية مليئة بالكفاح والنضال". شاهد الصور: