تصريحات كبيرة و ومهمة قالها منير فخرى عبد النور لاحدى الصحف الفرنسيه هذا الاسبوع *الدولة الليبراليه التى عرفتها مصر منذ سنة 1924م وكان يحكمها دستور 23 الشهيرالذى ينص على ان دين الدولة هو الاسلام ..لم تؤثر على المساواه بين المواطنين *ليس لدى اى حساسية فى قبول مبادىء الشريعة الاسلامية لانها مبادىءعالميه وانسانيه *العلمانية فى المجتمع المصرى غير العلمانيه فى المجتمع الفرنسى .. فى فرنسا تعنى الفصل بين الدولة والكنيسة وا بين السياسة والدين اما فى مصر فالامرمختلف فمنذ رمسيس الثانى والمصريون لهم اهتمام عميق بالدين سواء كانوا مسلمين ام اقباط .. *التاريخ وحده هو الذى سيقرر اذا ما كان الاخوان خطر على الديمقراطية الجديدة فى مصر..واذا كنا مؤمنين بالنظام الديمقراطى لا نستطيع انكار الحق فى حرية التعبير والممارسة السياسية لقوة تمثل 25% من الساحة السياسية. تصريحات عظيمة لرجل عظيم ليس لكونه وزيرا فى الحكومة أو لكونه وفديا قديما..ولكن بالأساس لأنه يمثل شريحة مهمة من الأقباط أن لها أن تعلن عن نفسها وعن جدارتها بدورها..وهى تلك الشريحة التى كانت تضم العائلات القبطيةالكبيرة..ومما لا ينساه التاريخ عن مأثرعائلة عبد النورأن عميدها فخرى عبد النور كان مع توفيق اندراوس وويصا واصف الثلاثة الذين أوفدهم وجهاء الأقباط ..لمقابلة سعد زغلول بشأن ضرورة تمثيل الأقباط فى الوفدالذى سيقابل المعتمد البريطانى ىسنة1918م.. والقصة عظيمة وتستحق أن تروى وتدرس أيضا كنموذج لإستقرارمعنى المواطنة فى النفوس..وكنموذج للمبادرة والإقدام فى إحقاق الحقائق بدلا من التعلل والتعذر..فحين علم فخرى عبد النور من صديقه على عشراوى عضو الوفد عما اعتزموا القيام به أخبر أصدقائه فى نادى رمسيس عن ما يحدث فى البلاد هذه الايام وحين قرأ المجتمعين فى النادى اسماء الوفد لم يجدوا فيه اسما قبطيا واحدا فقرروا ارسال ثلاثه منهم الى سعد زغلول واخباره ان الوطنية ليست حكرا على المسلمين وحدهم. فسر لذلك سعد وقام وقبل رأس عبد النور.ثم عاد الثلاثة واخبروا الوفد ان وجهاء الأقباط قرروا أن يمثلهم واصف بطرس غالى الذى ما لبث أن أنضم له سينوت حنا وجورج خياط..وقد روى فخرى عبد النور فى مذكراتة القيمة التى حققها د يونان لبيب رزق تفاصيل هذه القصة وما ترتب عليها من أحداث.ولعل أهم ما يلفت نظرنا فيها غيرالمبادرة الشعبية من نفرمن الاقباط للمشاركة فى شأن وطنى صميم ...هوعدم تدخل الكنيسة(الاكليروس)فى اختيارمن يمثل الأقباط فقد كان مستقرا فى الوعى القبطى والوطنى وقتها ان اهتمام الكنيسة بالأساس هو الشأن الروحى . مما ينسب لعائلةعبد النورأيضا أن كبيرهم فخرى عبد النورهو أول من ابتدع الموائد الرمضانية فى الصعيد وكان الشيخ ابوالعينين شعيشع يتلو القرآن فى منزله طيلة الشهر. ليس غريبا إذن ان تصدر هذه التصريحات الأمينة الكبيرة المسؤولةعن منير فخرى عبد النور.. (كلمات أعطت للألفاظ معانيها) فربطه بين مبادىء الشريعة وبين المبادىء العالمية والانسانية هو أمر صحيح ويعتز به المسلم والمسيحى فى مصر..كيف لا والمقاصد التى جاءت من أجلها الشريعةهى حفظ(الدين والنفس والعقل والعرض والمال والنسل)ومبناها واساسها على الحكم العادل وتحقيق مصالح الناس وهى(عدل كلها ورحمة كلها ومصلحة كلها وحكمة كلها ..وكل مسألة خرجت عن العدل الى الجور وعن الرحمة الى ضدها وعن المصلحة الى المفسدة وعن الحكمة الى العبث فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل..فالشريعة هى عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وظله فى أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله أتم دلالة وأصدقها)كون كل ذلك صحيح شىء ...وصدوره عن قبطى أصيل مثل منيرعبد النورشىء اخر..فنحن نعلم المقاصد ونعلم ظلال العدل والرحمة والمصلحة والحكمة..وهو أيضا يعلمها بالثقافةوالمعايشة أما أن يكون حريصا على أن يخاطب الرأى العام الغربى بهذه المعانى رابطا بينها وبين المبادىء الانسانية والعالمية..وفى وقت كوقتنا هذا..لهو الفضل الذى لا يسعنا كمصريين وكمسلمين إلا أن نحييه عليه أعظم تحية ونشكره عليه شكر العارفين الممتنين.. حديثه عن العلمانية والدين وعن الفصل بين الدين والسياسة وخصوصية المجتمع المصرى الذي يملآ الدين وعيه وكيانه حديث رجل يعرف للأمور قدرها وطبيعتها.. ذلك أن فكرة الدين الخالص والسياسة الخالصة فكرة نظرية بحته لاوجود لها.. وما الحياة فى الشرق والغرب الا مزيج من الأثنين ويستحيل التفريق بينهما..وهوالأمرالذى يشعربه المصريون شعورا مضاعفا..وإيجابيات هذا الشعورضخمة فى تحفيزالهمم وإطلاق الطاقات وتوسيع مدى الحركة فى الوجود كله(فسبحان الذى بيده ملكوت كل شىء وإليه ترجعون)والعلاقة بين المصرى وبين الحياة والموت والخلود علاقة عميقة عتيقة بل تكاد تكون مفتاح شخصيته..والربط بين العمل فى الدنيا والجزاء فى الأخرة هو رباط الدين فى العمق والمعنى ورباط السياسة فى القيمة والجدوى..صحيح أن البشرية شهدت انحرافات كثيرة فى فى هذا المجال لكن هذا لا يلغى التأثيرالمتبادل بينهما عبركل العصور..ولاجدوى من المحاولة فى عكس هذا الاتجاه فلن يعدوالأمرأن يكون عبث كبيروخطأ أكبر..العقل والحكمة فى ترشيد مجال التداخل بينهما ..وهذا لن يتأتى الا بالممارسة وتصويبها..وأدنى شىء فى هذا المجال أن الدين يمنح السياسة بعدا أخلاقيا هى أحوج مكونات الحياة إليه لأن السياسة بحالها وحال البشرتميل إلى الإنحراف والمخادعة.ومقوله(استخدام الدين لأغراض سياسية) مقولة ليست خطأ فى مجملها..لأننا بالفعل نرى فى حياتنا مواقف يحدث فيها ذلك وتجربة الانتخابات مما يقدم دليلا على ذلك خاصة فى الريف الذى يفتقد القدرة على المفاضلة والاختيار..على ان كل ذلك لن يتم ترشيده ووضعه فى إطاره الصحيح الا بالممارسة وتصويب الممارسة كما قلنا. وتبقى فى حديث الرجل الطيب منيرعبدالنورأروع وأوعى كلماته التى قالها..وهى ان التاريخ وحده الذى سيقررما اذا كان الإخوان المسلمون خطرعلى الديمقراطيه أم لا..ألا ما أحوج الجميع إلى الإحتكام للتاريخ ... فهذه القضية التى ملأ الحديث فيها الدنيا وشغل الناس كما المتنبى ليس لها إلا حل واحد وهو..التجربة..ها هى الصناديق ..وها هى الجماهير ..وها هو الحكم..وكل يوم وله غد..المسألة(بتنقع)بساطة..أحيانا يأتى على وقت أضع رأسى بين يدى وانا غارق فى تعجبى من هذه (المعجنةالكلامية)التى لا يكف الجميع عنها..أحد اخواننا الكرام ختصر المسألة _على طريقته _وقال إننا على إستعداد نحلف على المصحف أننا مع الديمقراطية والدولة المدنية.. لا أدرى ما العيب فى المصارحة والمسارعة بالإعلان(أننا التيارالوحيد الذى له امتداد اجتماعى وفكرى وتنظيمى عميق فى المجتمع وهذا مما يؤسف له لأن حكامنا على مدار الستين عاما الماضية قتلوا السياسة والاحزاب وزاد الحكم فى الثلاثين عاما الأخيرة وأمعن فى إحداث قدرا مريعا من الفراغ الفكرى والسياسى والحزبى..وعلى ذلك فإننا سنتقدم للإنتخابت وإن فزنا بها نعدكم بتفعيل كل خطط التنميه والتقدم..وإن نجحنا فأبقوا علينا وإن فشلنا فغيرونا..وإن رفضنا المغادرة !!؟؟ فهاهوميدان التحرير وهاهو الجيش..ومما يزيد العبأ علينا هوأننا نتحرك من منطلق إسلامى مما سيضاعف من جهدنا وجهادنا لأننا لن نكون حريصين فقط على وطننا وشعبنا الحبيب ولكننا سنكون حريصين أيضا على سمعة أفكارنا ومبادئنا التى استلهمناها من الإسلام..لقد وجدنا أنفسنا مضطرين إلى ذلك..ولنا أن نعلم جميعا أن نصف المسافة الى التنميه والنهضة فى مصرهوسحق الفساد والنصف الأخرهو دولاب عمل منظم متفاهم له قواعد شعبية عريضة أخذة فى الاتساع ويمتلك خطة وأهداف.).. المصريون لهم خصوصية شديدة فى تكوينهم الفكرى والنفسى والسلوكى وهى أنهم حين يسمعون صوت الإصلاح من أفواه صدوقة يلبونه بعزيمة جبارة..وهمة وقدرة خارج كل التوقعات والحسابات..نحن الآن نسير فى حارة التاريخ المكتوب على ناصيتها(غير المتوقع يحدث)..بالمناسبة هناك نظرية اسمها (البجعة السوداء) لبرفيسور أمريكى من اصل لبنانى أسمه(نسيم نيكولاس طالب) تقول ببساطة أن كل الاحداث المهمة فى التاريخ جاءت مما هوغير متوقع... علينا ان نتحرر من الخوف من الماضى حتى نتحرر من الخوف من المستقبل. التاريخ الان ينادى صانعيه وهو لا يفعل ذلك إلا فى فترات قليلة ولكن للأسف الشديد(تعلمنا من التاريخ أن أحدا لايتعلم من التاريخ)..ولعل الله يحدث أمرا . شكرا للأصيل بن الأصلاء منير فخرى عبد النورعلى تصريحاته الكبيرة السامية فى جريدة (لونوفال اوبسرفاتور) الفرنسية. وأهلا وألف أهلا بأقباط مصر إخوانا على عهد الأمانة والوفاء ونهضة والوطن وإعلاء رايته.