علاء الدينوف يعلن القضاء على عدد كبير من المرتزقة الأجانب في كورسك    عاجل.. استبعاد ثلاثي من قائمة الأهلي لمواجهة الزمالك في السوبر الإفريقي    نبض واحد.. احتفال "اليوم العالمي للقلب" بمشاركة نخبة من خبراء المجتمع الطبي والرياضي    توجيهات لوزير التعليم العالي بشأن العام الدراسي الجديد 2025    الداخلية تطلق مبادرة لتوزيع حقائب مدرسية على الأولى بالرعاية    بلغة الإشارة.. انطلاق النسخة الثانية من ماراثون يوم الصم العالمي بالإسكندرية (صور)    هل يمكن للدبلوماسية الحالية أن تحقق وقف إطلاق النار في الشرق الأوسط؟    خبير استراتيجي: إسرائيل تستهدف دخولا بريا لتدمير بنية حزب الله    وزيرة البيئة: مصر تحرص على توحيد جهود القارة في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة    سلوت يزف بشرى سارة لجماهير ليفربول بشأن أليسون بيكر    الأمن العام يوجه حملات أمنية لضبط الخارجين عن القانون في 3 محافظات    مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي يكشف عن قائمة أعضاء لجنة التحكيم    والدة ريم البارودي تتعرض لحادث سير وتخضع لعملية جراحية    إيرادات الخميس.. "عاشق" الأول و"ولاد رزق 3" في المركز الرابع    "كنوز مصرية".. متحف شرم الشيخ يحتفل بيوم السياحة العالمي    بالفيديو| داعية يكشف عن فضائل الصلاة على النبي: شفاء للقلوب ونور للأبصار    تراجع أسعار الذهب اليوم الجمعة في مصر.. «عيار 21 يفقد مكاسبه»    وزارة الصحة تعلن إنشاء تطبيق إلكتروني يعرض أماكن بيع الأدوية وبدائلها    عام جامعي جديد بشعار «بداية لبناء الإنسان».. الجامعات تشارك بالمبادرة    رفع 13761 طنا من القمامة على مدار أسبوع بمراكز الإسماعيلية    غرفة السلع السياحية تناشد الأعضاء بسرعة سداد الاشتراكات تجنبًا للغرامة    الشهابي: الحوار الوطني يجمع كل ألوان الطيف السياسي والفكري المصري    المنوفية تشيع جثمان الشهيد النقيب محمود جمال إلى مثواه الأخير    تين هاج يتحدث عن عدم تسجيل برونو حتى الآن    رئيس الرعاية الصحية والمدير الإقليمي للوكالة الفرنسية يبحثان مستجدات منحة دعم التأمين الشامل    بني سويف: إجراء 11 عملية جراحية للقضاء على قوائم الانتظار ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    حظ سيئ ومصائب تطارد برج الجدي في أكتوبر.. اتبع هذه النصائح للنجاة    "اليونيسيف": مقتل وإصابة 4700 شخص جراء الضربات الإسرائيلية على لبنان منذ الإثنين الماضي    باكستان تؤكد رغبتها في تعزيز التعاون الثنائي مع نيبال    «أعمال السنة أمر أساسي والبرمجة ستصبح لغة العالم».. تصريحات جديدة لوزير التعليم    عالم أزهري: العديد من الآيات القرآنية تدل على أهمية العلم    الأنبا مكاريوس يترأس حفل تخريج دفعة جديدة من الكلية الإكليريكية    طارق السعيد: عمر جابر الأفضل لمركز الظهير الأيسر أمام الأهلي    علي الحجار نجم حفل وزارة الثقافة بمناسبة العيد ال51 لنصر أكتوبر المجيد    شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر.. بث مباشر    إشراقة الإيمان: قراءة سورة الكهف في يوم الجمعة    محافظ كفر الشيخ يعلن إزالة 534 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية    مصرع طفلة صدمتها سيارة «ميكروباص» أمام منزلها في المنيا    غرق طفلين في مياه النيل بمنطقة أطفيح    شهيدان في قصف إسرائيلي استهدف سكان حي الشجاعية شرق غزة    بعد تداول مقطع صوتي.. الداخلية تضبط طبيبين تحرشا بالسيدات أثناء توقيع الكشف الطبي عليهن    كانا يلهوان.. التصريح بدفن جثتي طفلين لقيا مصرعهما غرقا بنهر النيل بأطفيح    وزير الصناعة يبحث مشاكل المستثمرين في قنا غدا    مواعيد مباريات اليوم 27 سبتمبر.. القمة في السوبر الإفريقي ومونديال الأندية لليد    مميزات وشروط الالتحاق في مدارس «ابدأ».. تخلق كيانات تعليم فني معتمدة دوليا وتواكب سوق العمل    3 أطعمة رئيسية تهيج القولون العصبي.. استشاري تغذية علاجية يحذر منها    سيميوني: أتلتيكو مدريد يحتاج لهذا الشئ    ما حكم الجمع بين الصلوات لعذر؟ الإفتاء تجيب    موعد مباراة النصر والوحدة في الدوري السعودي والقناة الناقلة    إطلاق صواريخ من لبنان على حيفا    أنغام تحيي حفلاً غنائياً في أكتوبر بالمتحف المصري الكبير    ولي عهد الكويت يؤكد ضرورة وقف التصعيد المتزايد بالمنطقة وتعريضها لخطر اتساع رقعة الحرب    ختام فعاليات مسابقات جمال الخيل بالشرقية وتوزيع جوائز المهرجان على الفائزين    "حقوق الإنسان": اقترحنا عدم وجود حبس في جرائم النشر وحرية التعبير    خالد الجندي: لهذه الأسباب حجب الله أسرار القرآن    فنربخشه يعبر سانت جيلواز بالدوري الأوروبي    حريق كشك ملاصق لسور مستشفى جامعة طنطا (تفاصيل)    أحمد الطلحي: سيدنا النبي له 10 خصال ليست مثل البشر (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علامات استفهام وتعجب ؟ !
نشر في المصريون يوم 11 - 03 - 2006


تداعي المثقفون والمفكرون ، والإعلاميون العرب ، مضافا إليهم الممثلون للمجتمع المدني العربي ، تداعوا جميعا إلى قبة المعلم التاريخي الثقافي ، بمكتبة الإسكندرية ، ليتدارسوا واقعهم بجميع جوانبه ، وليشهدوا منافع لهم . قد انتظمت الأجيال العربية على اختلاف أزمنتها وفئاتها الاجتماعية في حوار ثقافي معمق وشامل اتخذ له موضوعا كبيرا هو "الإصلاح العربي" . والإصلاح العربي في قاموسنا السياسي اليوم مقولة فلسفية كبيرة ، مثقلة بالمعاني والدلالات ، وما تزال تبحث لها عن مبنى تستقر فيه وعن معنى يتفق الفاعلون عليه ، لذلك يثير المنشغلون بالفكر العربي اليوم مجموعة من الأسئلة الحيرى ، يحاولون إيجاد أجوبة مقنعة لها ، ومن هذه الأسئلة . هل الإصلاح العربي ، الذي نلوح بشعاره وفد اختلف عما ألفه فكرنا ، وابتعد عما نادى به روادنا ، هل هذا الإصلاح قضاء وقدر لا نملك له ردا ، ولا نستطيع له صدا ؟ أم هل هو الإلهام العولمي الذي لا اجتهاد معه ، فينزل علينا نزول القوانين الفوقية التي تطالبنا كالأوامر العسكرية بالتطبيق دونما نقاش أو تعليق ؟ إن هذا هو الانطباع الذي تملكنا عندما انتظمنا في عملية البحث عن المنهج السديد دون أن نسأل عن أي إصلاح نريد ؟ إن قصارى ما حاولنا الوصول إليه في حوارنا الإصلاحي هو البحث عن أي طريق أنجع لتحقيق الإصلاح ، هل هو الإصلاح النابع من داخلنا أم الإصلاح المفروض من خارجنا ؟ لقد وصلنا إلى قناعة وهي أن الإصلاح المنشود لنا ، هو الإصلاح الشمولي الذي يمس كل جوانب حياتنا السياسية ، والاقتصادية والثقافية ، وحتى الدينية .. وإنه من الخير لنا أن نبدأ الإصلاح بالتغيير الذاتي الداخلي فنتفادى الصدمة القادمة أو الضربة القاضية كما فعل بالعراق ، وكما يمكن أن يفعل بسوريا وإيران والعراق .. وأخواتها لذلك وجدنا المثقفين العرب الذين أوكل إليهم أمر هندسة الإصلاح العربي ، وجدناهم مطوقين بالأسوار الثقافية ، مكبلين بالطوق الفكري الذي ضرب على عقولهم ، حتى لا يعوا واقع الذات الحضارية المغلولة . إنه بالرغم من كل هذه الإعاقات كان الحوار جادا ، وعميقا ، وجريئا ، يحاول مزج أسئلة الاستفهام بعلامات التعجب . فالإصلاح كما نفهمه نحن لا كما يراد لنا أن نفهمه هو منتج الانعتاق من الطوق الفكري ، وهو محاولة التحرر من العبودية للآخر وهنا تكمن جوانب الضعف فينا بعد تشخيصها والبحث لها عن المرهم المصنوع من أعشابنا الطبيعية لا في المخابز الأجنبية . فعندما ندعو إلى العودة إلى الذات الحضارية بجميع مقوماتها نكون قد عملنا على (صلاح الإصلاح في واقعنا إذ ليس من التقوقع داخل الذات ولا من المعاداة للإصلاح الدعوة إلى البدء بالإصلاح المنبثق من صميم الذات العربية في بعدها الحضاري الإسلامي . إن الإصلاح العربي كما نفهمه ، وكما يجب أن يكون هو حب الحب ، القائم على التسامح والتصالح ، وهو معاداة العداوة باقتلاع جذور الحقد من القلب وبذور الضغينة من العقل وتضييق الفجوة بين الحاكم والمحكوم . يجب أن نركز في فقهنا الحضاري على أن الدعوة إلى إصلاح نفسي ، ومجتمعي معناه أن ننشد في الكون ترانيم الروح ، وأن نعزف للقلب والعقل ألحان ذوقنا وإلهامنا ، فمأساة المجتمع العربي اليوم أنه يحمل عقولا مظلمة ، تفتقر إلى مشكاة النور الحامل لمصباح الإيمان .. ذلك أن الإصلاح الحقيقي كما فهمه روادنا يبدأ بإزالة صدأ القلب ، وفك الانغلاق عن العقل ، وتمزيق غشاوة التبلد ، وهيهات أن يحمل عقل مظلم جسما متحرر ومنيرا . إن هذه التراكمات التي استبدت بالواقع العربي قد أدت إلى نتيجة خطيرة جدا هي ما يعانيه الفعل العربي ، بسبب تلوثه بفيروس داء فقد المناعة الحضارية ، والاستسلام لقابلية الإعاقة عن الإبداع مع ما ينتج عن ذلك كله من تذبذب داخل فقه المعاناة . إن الإصلاح العربي في مظهره ومخبره قد تحول إلى سلاح ذي حدين ، فهو إما أن يتحدد فيتجدد ، ويمكن من التحليق بكل حرية وسط فضاء خال من التلوث ، وإما أن يكون بمثابة الحزام المصاغ من المتفجرات فيكون في ذلك قضاء عليه وعلى من حوله . هذه الخواطر والتأملات هي التي كانت هاجس رجال الفكر والثقافة في المجتمع العربي ، وقد جاءوا يستلهمون من جرح معاناتهم ، لوحات وصورا ، يرسمون عمق الذات العربية الجريحة فشرحوا وجرحوا ، من شدة ما يحسون به من ثقل المسؤولية وما يكابدونه من عجز الأداة الرسالية . تشعبت إذن في وعي المثقف العربي اليوم مناحي المعاناة ، فلم تعد تقتصر على جانب دون آخر أو على فئة دون أخرى .. إنها معاناة يطبعها التخلف في أعمق دلالاته والتخلف كما يقول فقهاء الحضارة : كل لا يتجزأ ، فهو إذا أصاب عضوا من الجسم تداعى له سائر الجسم بالألم والأسى . إن تخلف المجتمع العربي ، وباء شمل كل القطاعات ، فهو يتجسد في هذا الشباب المنسلب ، المغرد خارج السرب ، وهو يتجلى في عقل هذه المرأة العربية الممزقة بين العقل والعاطفة ، النزاعة إلى التطور على أنغام اللحن الغربي فتصدها نكهة المشرق المرتبطة بالتراث والأصالة ، وحفظ الذات . إنك تصطدم في كل مجالات الحياة العربية بهذا التمزق وهذه الازدواجية التي تدفع بك إلى نشيد التغيير في أوسع صوره فيمنعك من ذلك أنه تغيير من خارج الذات يرفضه الجسم العربي لأنه مصاغ من جسم غريب في مظهره . ولقد عجبت والله لمن يحشد أفضل الطاقات ويعبئ خيرة الكفاءات في محاولة لإصلاح نمط حياة الفلاح الريفي الفقير ، أو العمل على تغيير لغة الطفل في المدرسة ومنطق معلمه في التفكير ، كما تساءلت عن جدوى الإلقاء بمنهج إصلاحي يعمل على إخراج المرأة العربية من حضن دفئها الأسري واستقرارها العائلي ، ويدعوها إلى شارع ملوث ، بكل الآفات دونما عدة أو تحضير .. تلك لعمري هي علامات الاستفهام والتعجب التي يخرج بها الراصد لعملية الإصلاح العربي ، فلا يجد لها ردا شافيا أو جوابا كافيا .. وأخشى ما نخشاه من عواقب أن يحكم علينا زماننا بأن نعيش كالدجاج المحاصر في الخم ، يمكن القضاء عليه بمجرد إشاعة عن وجود انفلونزا الطيور ، يطلقها الثعالب المكلفون بحراستنا ، وتلك هي أوخم العواقب . [email protected]

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.