يكتمل الخميس القادم "عام من الأمل والألم" ربما كان أملاً لدى مئات الآلاف من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسى فى عودته لسدة الحكم مرة ثانية، وألمًا فى انتظار ما لم يتحقق بعد سقوط آلاف منهم على مدار تلك السنة منذ فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة وما قبلهما من مجازر التى لم يشهدها التاريخ المصرى فهنا "مصاب وهناك أهل شهيد وآخر معتقل و مطارد" إلى جانب رئيس معزول يحاكم، وأنصاره يهتفون باسمه ويطالبون بعودته. "المصريون" التقت بزوجتى قياديى تحالف دعم الشرعية وعدد من مصابى وأهالى شهداء رابعة ليقصوا تفاصيل لم تنشر من قبل حول 12 ساعة من الرعب.. فى التحقيق التالى..
"لم أكن أتخيل أن تكون نجلتى شهيدة ضمن الشهداء" كلمات ربما أصبحت ذكرى لكنها لا تزال محفورة فى مخيلة الدكتورة سناء عبد الجواد، زوجة الدكتور محمد البلتاجى القيادى بجماعة الإخوان المسلمين، ووالدة الشهيدة أسماء البلتاجى والتى شاهدت عملية فض رابعة فى 14 أغسطس. وتروى "زوجه البلتاجي" الذى يقبع فى سجن طره الآن لاتهامه بالتحريض ع العنف تفاصيل يوم الفض الذى بدأ فى السابعة صباحًا عبر القنابل المسيلة للدموع، أتبعها قنص بالرصاص الحى من العمارات المحيطة بالميدان ومن الطائرات العسكرية. وأضافت "عبد الجواد" فى تصريحات ل"المصريون"، أن الجميع أصيب باختناق شديد، وقامت نجلتها أسماء بالمسح على وجهها، وطلبت منها أن تتوضأ على الرغم من خطورة الأوضاع الجارية، وسط سقوط مئات القتلى والجرحي، متابعة: "كنت قلقة جدًا أن ترى أسماء مناظر الدم والجثث فى عمرها هذا، ولم أكن أتخيل أن تكون هى من ضمن الشهداء، وقالت لى "معايا شوية ميه" وأخرجت الزجاجة من شنطتها وتوضأت، وطلبت منى الذهاب إلى المستشفى الميداني، ولكن كان يقينى أن قوات الفض ستتوجه للمستشفى الميدانى لطمس الأدلة كما جرى فى مذبحتى الحرس والمنصة، وإخفاء الجثث والمصابين حتى يخفوا جرائهم، فكان المكان الأخطر من وجهة نظري، وقولت لها خلينا هنا معتصمين سلميين فى مكاننا، وبعد قليل قامت بتقبيلى واختفت". وتابعت: "حاولت الاتصال بها كثيرًا ولكن دون جدوى، وبعد ما يقرب من ربع الساعة وجدت شقيقها أنس يخبرنى أن أسماء أصيبت بخرطوش، فقلت الحمد لله إنه خرطوش وظننت أن الأمر بسيط فى ظل الجثث التى أمامى والمناظر البشعة والوحشية التى لم يكن ليرتكبها اليهود، ذهبت لأسماء عند المستشفى الميدانى وظللت أمسح على وجهها، حتى بدأ التغيير يطرأ على جسدها بسبب النزيف الحاد، وكانت تردد "يا رب يا الله" وتتمتم بكلمات لم نفهم معناها لا أنا ولا الطبيب المعالج بالمستشفى الميداني، ثم سقطت، وأردفت "أسماء قتلت برصاص حى من قناصة طائرة عسكرية، أصابت الرئة بتهتك وبنزيف حاد، فأرسلوها لمستشفى رابعة، ثم سقطت شهيدة". وأكملت عبد الجواد:"بعد استشهادها حاول أخوها إخراجها من الميدان، ومع الضرب الشديد أمام المستشفى سقطت جثتها، وكسرت عظمة الفخذ على الأرض حتى أخرجوها، ولم يكن هناك أى سيارات إسعاف بمحيط الفض كما ادعوا وجود سيارات إسعاف مجهزة، لم يكن هناك سوى موتوسيكلات المعتصمين التى كانت تنقل الأشلاء والجثث، ورفضت كل المستشفيات استقبالها، ويبدو أن لديهم تعليمات بعدم استقبال المصابين أو الجثث، بعد أن ظلت مع أخيها جثة هامدة لمدة 5 ساعات، لم نكن ننتظر كل ذلك من الجيش المصري".
قتلى ومصابون فى كل مكان.. وأرض ملطخة بدماء من طالبوا بالشرعية ..هكذا وصفت أيناس محمد السقا، زوجة الدكتور صفوت حجازي، لحظة الفض، مشيرة إلى أن أسرة حجازى عادت إلى المنزل فى الواحدة صباحًا، أى قبل الاعتصام بساعات. واتهمت زوجة البلتاجي، القيادات الأمنية بتلفيق قضية شهداء المنصة للمعتصمين، قائلة: "منصة رابعة كانت المساحة أسفلها مترين، ممتلئة بعلب التمر، وجراكن المياه، وبعض الفرش الصغير، وصفوت كان ينام أحيانًا أسفلها، وهى شبيهة بخيام الحج، وهى لا تحتمل وجود أكثر من 4 أشخاص، رغم ادعائهم بوجود ثلاجات وعشرات الجثث أسفلها، قالوا إن صفوت حجازى هو من قتلهم، ولكن الحقيقة أن الجثث تم إحضارها من المقابر القريبة من الاعتصام".
أحد ضحايا فض الاعتصام: "كل شىء راح" كنت معيدًا أصبحت مصابًا وعاطلاً لم يكن يعلم محمد طارق المعيد بكلية العلوم، أنه سيأتى عليه يومًا ويبحث فيه عن عمل ولم يكن يتصور أن إصاباته البالغة لم تشفع له عند رؤساء الجامعات وعمداء الكليات بالإسكندرية الذين قاموا بفصله من التدريس بعد أحداث 3 يوليو. محمد طارق، ذلك الطالب المجتهد الذى عين معيدًا مؤقتًا فى كلية العلوم قسم حيوان بالإسكندرية وحلم بالتثبيت الدائم فى عهد الدكتور المعزول محمد مرسى ولكن كما يقولون فى الأمثال "تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن" فبعد مرور عام أصبح "طارق" مصابًا وعاطلاً وأمله فى الحياة "كله راح". روى محمد ل"المصريون"، قصة فض الاعتصام فجر يوم 14 أغسطس 2013 فقال: صلينا الفجر ونمنا حوالى ساعة وفى حوالى السادسة صباح هذا اليوم هاجمت قوات الجيش والشرطة مقر الاعتصام من كل مكان بكثافة غريبة وأخذت القوات فى الفض بكل عنف وبمنهى الوحشية. مضيفًا: فى البداية بدأوا بالغاز ولم يتركوا منفذ للخروج بل حاصروا الميدان من مختلف النواحى من الشارع الجمهورى وشارع الطيران وباقى مداخل ومخارج ميدان رابعة وأخذوا فى بث خطاب مسجل يقولون فيه اخرجوا قبل الضرب وفى أثناء ذلك كانوا يفضون الاعتصام بمنتهى الوحشية بحسب قوله. ويستطرد "طارق" "كان معايا "شاش" وكنت بعالج من يصاب وفجأة جاءنى رصاص حى متفجر قائلاً: أصبت برصاصتين بالصدر والوجه وأخرى فى الزراع ما أدى إلى "انتفاخ" ببعض أجزاء الجسم، مفيدًا بأنهم خرجوا بأعجوبة ليلة يوم الفض بعد أن قامت القوات بحرق الجثث. وأضاف "أن حالته استقرت بنسبة 60% بعد آخر مرة كشفت على ذراعي، الدكتور قال لى لحم بنسبة 80%. وصدرى للأسف الضلع العاشر تعبنى لأن فقد أغلبه ومش حيتصلح". وعن حقوق المصابين والشهداء بعد الفض أجاب "طارق" بقوله فى مصر "ولى الهوى" فماذا تنتظر من نظام يأمر ذوى المصابين والشهداء بتسجيلهم "منتحرين" حتى يخرجوا لهم تصاريح الدفن. وتابع قائلاً: خارجيًا رفعنا قضايا دولية ولكن دون جدوى تبناها التحالف ولكن بدون استجابة أو صدى دولى. وعن دور المصابين يوم 14 أغسطس الجارى وإمكانية مشاركتهم فى فعاليات ذلك قال إن المصابين مكملين يوم فض الاعتصام ولن يغيب عنا إلا من فقد قدماه أو من عجز على الحراك.
..ومصاب آخر: بعد عام من "الفض" الرصاصة لا تزال فى رجلى "بالرغم من مرور عام على إصابته إلا أنه لا يزال يتألم فالرصاصة التى اخترقت رجله لم تخرج من مستقرها بعد، "أحمد منصور" أحد مصابى فض اعتصام رابعة يروي: عام من الألم فى قدمه بسبب استقرار إحدى الرصاصات بالقرب من مركز العصب جعله غير قادر على المشى بصورة طبيعية. ويقول أحمد"تحملت ألمى عام منذ يوم الفض الذى أصبت فى ساعته الأولى برصاصتين الأولى فى الصدر بجوار القلب بحوالى 3 سم والأخرى فى رجلى بمنطقة الفخذ، والتى أنهكتنى بسبب قربها وملامستها للعصب. وأضاف، "أنتظر الآن استقرار الرصاصة حتى أستطيع إجراء عملية لإخراجها من جسدي، مبينًا أن أمر استمرارها صعب كما هو حال خروجها وأنه لا يعرف ما النتائج المترتبة على ذلك. ويرجع "منصور" بالذاكرة "للمشاهد الأولى لصباح يوم الفض مؤكدًا أن الضرب بالرصاص الحى بدأ فى السادسة والنصف صباحًا دون رحمة، مع وجود القناصة أعلى أسطح العمارات فوجدنا المعتصمين يتساقطون مجموعه تلو الآخر دون أن نكون مدركين لبشاعة ما يحدث من هول الصدمة، إلى أن أدركت فى عز ذلك الضرب نفسى أقع دون أن أدرى ما بى لأجد نفسى غرقانا فى دمى من صدرى ولكنى لم أشعر سوى بالرصاصة التى اخترقت رجلى إلى أن وجدت نفسى بمستشفى رابعة التى ظللت بها أكثر من 12 ساعة أنزف بسبب عدم استطاعتنا الخروج من الميدان لاشتداد الضرب". ويؤكد "منصور" أنه مستمر فى رفضه للانقلاب ومنهج السلطة الحالية فى التعامل مع التظاهرات لحين إسقاط النظام الحالي.