يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدأ يدفع سريعا ثمن مغامرته العسكرية الفاشلة في قطاع غزة, حيث طالب يحزقيل درور, عضو لجنة "فينوجراد" الإسرائيلية للتحقيق في حرب لبنان الثانية عام 2006, بتشكيل لجنة مشابهة حول ما سماها "الإخفاقات المريرة" على يد حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى. وأشار درور في تصريحات لصحيفة "يديعوت أحرونوت" في 12 أغسطس إلى معرفة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية بكل حقائق الأنفاق في غزة مسبقا، دون أن تدرك دلالاتها، معتبرا أن ذلك يدل على خلل خطير في تفكير المسئولين, وعلى عجزهم عن ترجمة حقائق عينية لرؤية تغيير استراتيجية. واتهم عضو لجنة "فينوجراد" الجيش الإسرائيلي باعتماد "تكتيكات" قتالية متقادمة، وقال :"إن الحرب على غزة تبرهن على أن قسما من الطرق المعتمدة من قبل إسرائيل لا تتناسب مع الظروف الجديدة المتمثلة في حركة حماس", وتابع "أظن أننا لا نفهم بعمق جوهر حركة حماس وما يمكن أن يردعها". واتفق المحلل الإسرائيلي يوسي ميلمان أيضا مع درور في الدعوة لتشكيل لجنة تحقيق بشأن الحرب على غزة, وأضاف في تصريحات لقناة "الجزيرة" أن حكومة نتنياهو ارتكبت عدة أخطاء، أبرزها عدم الاستعداد للتحديات التي كشفت عنها الحرب على غزة. وبدوره, قال رئيس جهاز "الشاباك" الإسرائيلي السابق يوفال ديسكين إنه يجب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة على نسق لجنة "فينوجراد", للتحقيق في حرب تدحرجت إسرائيل نحوها دون جاهزية كافية. وفي حسابه على "تويتر" في 11 أغسطس, شدد ديسكين على ضرورة مساهمة لجنة التحقيق في استخلاص, مشيرا إلى أن هناك مواضيع كثيرة تتطلب من إسرائيل تعلما وتجددا بهدف تطوير قدراتها لمواجهة تحديات جديدة لأمنها القومي. ومن جانبه, أشار المعلق السياسي في القناة الإسرائيلية العاشرة رفيف دروكر إلى سلسلة تقديرات خاطئة أكدت أن حماس حركة ضعيفة ومحاصرة وغير راغبة في الحرب حتى "فاجأت إسرائيل بقوة بتماسك مبناها القيادي وبالقدرة على إطلاق صواريخ لأكثر من شهر". كما قال المحلل الإسرائيلي أرييه شفيط في تصريحات للقناة الإسرائيلية الأولى :"كأن إسرائيل لم تشهد لجنتي تحقيق في حروب سابقة كلجنتي فينوجراد وجرانات". وبدورها, نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في 11 أغسطس مقالا للمحلل السياسي والعسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية رونين بيرغمان برهن فيه على أن حماس هي التي انتصرت, وهي التي هزمت إسرائيل في الحرب الأخيرة على غزة. وأضاف بيرغمان " لو كان عدد القتلى بالأسلحة المدمرة من الطرف الثاني هو معيار الانتصار، فإن إسرائيل هي المنتصرة، ولكن حجم القتل ليس هو المعيار الأهم في تقرير من هو المنتصر"، بحسب تعبيره. وتابع "المعيار الأهم لتحديد المنتصر هو مدى تحقيق الأهداف التي وضعها كل طرف قبل بدء الحرب، ومن هذه الزاوية, وعلى ضوئها, فإن حماس هي المنتصرة". وأشار إلى أن حماس حافظت على قدرتها على إطلاق الصواريخ والقذائف على معظم أنحاء إسرائيل، وعلى استخدام الأنفاق بنجاح للوصول إلى داخل الأراضي الإسرائيلية ومهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية. وأسفر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الذي بدأ في الثامن من يوليو الماضي عن استشهاد نحو ألفي فلسطيني, معظمهم أطفال ونساء، وجرح نحو عشرة آلاف آخرين، في حين اعترفت إسرائيل بمقتل 64 من جنودها وثلاثة مدنيين جراء صواريخ المقاومة الفلسطينية وهجماتها.