كلما شاهدت أو سمعت أو قرأت تصريحات لوزير الشئون القانونية والمجالس النيابية ، د. مفيد شهاب .. ينتابني شعور بالشفقة ! وتذكرت كلاما أحسبه شطرا من بيت شعر يقول :" وكم أذل الكرسي أعناق الرجال" . تجربتي مع د. مفيد شهاب في فترة التسعينيات أثناء توليه وزراة التعليم العالي والبحث العلمي ، كانت تفرض على وعلى كل من اقترب منه أن يحترمه وينزله منزلته مهما اختلف معه أو انتقد سياساته . كنت في تلك الفترة مكلفا من "صحيفتي" التي أعمل بها "الشعب" بتغطية وزارتي التعليم العالي والتعليم ما قبل الجامعي .. واقتربت من الوزيرين شهاب والثاني د. حسن كامل بها الدين . كان الفرق بينهما شاسعا .. كان الثاني يكرهني كراهية العمى .. بسبب سلسلة تحقيقاتي التي كشفت من خلالها "دوره الأمني" في إدارة سياسات الوزارة أو في وضع سياسات أمنية لمناهجها التعليمية ، حتى أني اطلقت عليه لقب "سيادة اللواء" . وكم شكاني للمهندس ابراهيم شكري رئيس حزب العمل متعه الله تعالى بالصحة وطول العمر . وكنت كلما نشرت تحقيقا ، أوعز بهاء الدين إلى صديقه "ناجي الشهابي" رئيس حزب الجيل حاليا وكان أنذاك يشغل منصبا حزبيا بحزب العمل ، ليكتب مديحا وثناء على سياسة الوزير "الحكيمة" و"المستنيرة" !. ضرب حسين كامل بهاء الدين طوقا من السرية على انشطة وزارته ومنع أيا من مشتشاريه أو مساعديه من الادلاء بأية تصريحات صحفية قبل الرجوع إليه والاستئذان منه ، وأذكر أني دعيت لحضور ندوة بمركز دراسات الجنوب بجامعة القاهرة ، حول "الديمقراطية في مناهج التعليم " وكان صديقنا العزيز واستاذ السياسة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ومدير المركز د. مصطفى كامل السيد حريصا على دعوتي في كل ندواته ، وفي الاستراحة بين الجلسات اقترب مني واحد من مستشاري بهاء الدين ، أثنى على ملاحظاتي بما يتعلق ب"ديكتاتورية" الوزير ، وتحويل الوزارة في عهده إلى ما يشبه فرعا من فروع مباحث أمن الدولة ، وفي المقابل عاتبت المستشار على تزلفه للوزير وتزييف الحقائق على المنصة اثناء تعقيبه على احدى المداخلات . .. حينئذ تغير وجه الرجل والتفت يمنة ويسرا ونظر خلفه ثم التفت إلى وقال متخافتا : لو قلت غير ذلك لطردني الوزير ب"الشلوط" خارج الوزارة !، وتوسل الرجل الذي كان في العقد السابع على الاقل من العمر إلى طالبا مني أن لا أنشر هذا الكلام وإلا سيجد نفسه طريدا خارج جنات حسين كامل بهاء الدين ! كانت تغطية انشطة وزارة التعليم الجامعي في عهد هذا الوزير .. كانت شيئا مقززا وتبعث على التقيوء ، واعتذرت فيما بعد لرئيس التحرير عن هذه المهمة .. واكتفيت فقط بمتابعة انشطة التعليم العالي . إذ كان د. مفيد شهاب رجلا نبيلا ، يؤمن حقا بحق الاختلاف .. كان يزعجه فعلا أي نقد لسياسات الوزارة في عهده .. ولكنه كان يتصل بالصحفي ويشرح له أو أن يبادر بارسال رد وتعقيب .. وكان من المسئولين القلائل الذي يتصل بالصحفي ويتبادل معه أطراف الحديث فيما كتب أو نقد . ترك الرجل في النفوس انطباعا جيدا عنه .. إلى أن قرر النظام "تقريبه نجيا" وانزاله "مكانا عليا" في لجنة السياسات . إذ بدأ الرجل يصدر تصريحات "خجولة" أحسب أنها من العيب أن تصدر من رجل في مثل مكانة د. مفيد كان آخرها تصريحاته الصحفية بأن "الحكومة تحاول لعب دور الوسيط للتوفيق بين نادي القضاة والمجلس الأعلى للقضاة" ! يادكتور عيب .. الحكومة ليست طرفا "محايدا" .. فهي أصل هذه الفتنة وهي التي دفعت بمجلس القضاء الاعلى ليخوض معاركها مع جموع القضاة نيابة عنها .. فالمجلس ليس منتخبا ولا مستقلا إنما هو هيئة معينة من قبل السلطة التنفيذية وهو جزء منها وليس منفصلا عنها .. وهو وضع يناضل القضاة لتغييره انتصارا للعدل والحيدة والاستقلالية .. عيب يا دكتور .. انت رجل قانون كبير .. وعارف الذي اعرفه وكل الناس عرفاه .. واني اربأ بك أن تشارك متواطئا فيما يرتب من سيناريوهات لخصخة القضاء المصري .. وتحويله إلى مؤسسة ملحقة بلجنة السياسات تمهيدا لاضفاء الشرعية على الرئيس القادم اللي انا وانت والدنيا كلها تعرفه قبل الانتخابات الترشيحات وتمثيلية ازهى عصور الديمقراطية [email protected]