إذا كان بعض غير المسلمين في الشرق والغرب رأتهم أعيوننا في رحلاتنا المتعددة، يعمدون إلى تغطيه رؤوسهم في شهر رمضان احتراما لمشاعر المسلمين المجاورين لهم في المسكن أو العمل، فإن ثمة أمور ملفتة للنظر في مجتمعاتنا الإسلامية وتدعونا للدهشة والاستغراب.. فهذه طائفة من النساء أخذن على عاتقهن محاربة ما جاء به الشرع الحنيف بخصوص الحجاب، بدعوى أن الواحدة منهن غير مقتنعة بالحجاب!! ولا يراعين حرمة التبرج بلبس قصير الثياب وشفافِه، ولا يعبأن بحرمة شهر رمضان ولا حتى البرد الشديد..!! وكأن الحجاب، بل لبس الثياب الطوال محرمة في رمضان..!! والطائفة الأخرى يلبسن الحجاب في شهر رمضان ويخلعهن بعد رمضان، وكان الحجاب ليس مفروضا إلا في رمضان...لقد جاء الإسلام الحنيف بالتشريعات التي حافظت على كرامة المرأة وصانتها ووضعها في المقام اللائق بها.. لذا نهانا الإسلام عن التبرج الذي هو مكمن الداء.. فالتبرج وكشف الزينة من المنكرات العظيمة والمعاصي الظاهرة التي عمت بها البلوى في الكثير من البلدان الإسلامية.. وهو سبب في حلول العقوبات ونزول النقم لما يترتب عليه من ظهور الفواحش وارتكاب الجرائم وقلة الحياء.. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً) (الأحزاب:59). إن التبرج وكشف الزينة يفضي إلى الفتنة بالمتبرجة وبالناظر إليها.. فالواجب على العبد المسلم أن يحذر ربه، وأن يستحي منه أن يراه على معصيته. فيجب علينا أن نأخذ على أيدي نسائنا ونمنعهم عمَّا حرَّم الله _تعالى_عليهن من التبرج والسفور وإظهار المحاسن والتشبه بغير المسلمين.. ولنعلم أن السكوت عن تبرجهن مشاركة لهن في الإثم..فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ (رضي الله عنه) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) (أخرجه مسلم) ففي هذا الحديث تحذير شديد من التبرج والسفور، ولبس الرقيق والقصير من الثياب، والميل عن الحق، وإمالة الناس إلى الفاحشة.. إن الحجاب ولبس الثياب المحترم يصونك ويحفظك من النظرات المسعورة المسمومة الصادرة من مرضى القلوب، ويقطع عنك الأطماع المسعورة.. فتمسكي به حتى تفوزي وتحوزي رضا الله وتنعمي بالسعادتين في الدنيا والآخرة، وفي هذا السياق أدعو القائمين على أمر القنوات التليفزيونية (الفضائية والأرضية) أن يراعوا الله تعالى فيما يقدمونه للمسلمين، ويجب عليهم أن يحذفوا مشاهد التبرج والسفور من الأعمال التي يقدمونها للجماهير.. ويعلموا أن هناك يوما للحساب.. وأن الإنسان سيقف أمام الله يوم القيامة.. فطوبي لمن وقف ورأسه في عنان السماء..
المدير التنفيذي لرابطة الجامعات الإسلامية – عضو اتحاد كُتَّاب مصر
