في أول اختبار حقيقي للسلطة الحالية، لم تنجح مصر حتى الآن في وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي أدى إلى استشهاد 23 فلسطينيًا حتى الآن، في الوقت الذي لم تستجب فيه السلطات المصرية حتى الآن للدعوات بفتح معبر رفح على الأقل لتخفيف المعاناة عن الشعب الفلسطيني. وفيما وعد فيه الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ب"استمرار بذل الجهود المصرية لوقف إطلاق نار فوري وبأسرع وقت"، ذكر أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بموقفه من عملية "عامود سحاب" في نوفمبر 2012، والذي أوفد رئيس وزرائه آنذاك، هشام قنديل إلى غزة، على رأس وفد يضم عددًا من مساعدي الرئيس ومستشاريه والوزراء، وهو ما فتح المجال لأن تقوم دول عربية وإقليمية أخرى بإيفاد وزراء خارجيتها إلى القطاع. وأعلنت السلطات المصرية وقتها فتح معبر رفح بين مصر وقطاع غزة على مدار الساعة، والسماح بعبور المساعدات الغذائية والطبية للقطاع، وفتح مستشفيات مدينة العريش المصرية لعلاج الجرحى الفلسطينيين وكان هناك تثمين كبير للموقف المصري، من جانب حكومة غزة على لسان رئيس الحكومة المقالة، إسماعيل هنية، ووزراء آخرين. كما تحدث مرسي بلهجة حازمة، على وقوف مصر إلى جانب قطاع غزة مؤكدًا أن "مصر اليوم مختلفة عن مصر الأمس، وأن الثمن سيكون باهظًا في حال استمرار العدوان. وفي هذا السياق، أكد خبراء سياسيون وعسكريون أن الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة يعد بمثابة جس نبض للجانب المصرى فى أول عهد لحكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، مشددين على ضرورة تدخل الجانب المصرى لوقف العدوان على غزة وإرسال رسالة لإسرائيل بان مصر ستظل دائمًا وأبدًا مساندة للقضية الفلسطينية ولن تسمح بهذا العدوان. وقال مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية ل "المصريون"، إن "الاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة جزء منه هو جس النبض المصرى من قبل إسرائيل للدور المصري، بشكل خاص والعربي بشكل عام تجاه القضية الفلسطينية في بداية حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي". وأوضح غباشي، أن "السياسة الخارجية لمصر لم تتضح بعد حتى الآن، فهل ستقوم بدور الوسيط بين الطرفين وتعمل على التهدئة لوقف إطلاق ضرب النار، أم تعلن مصر انحيازها التام والمطلق للقضية الفلسطينية من خلال اتخاذ عدة إجراءات من شأنها إجبار لإسرائيل على وقف العدوان على غزة". وأضاف غباشي أن "الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تعانى منها مصر حاليًا ربما يكون لها تأثير على الدور المصري"، مشددًا على أنه "لابد من تدخل سريع من قبل الجانب المصري، وتحديدًا المخابرات العامة لوقف العدوان على قطاع غزة لإرسال رسالة إلى الجانب الإسرائيلي بأن مصر لن تتخلى عن دورها العربي والإقليمي فى نصرة القضية الفلسطينية، وأن النظام الجديد بقيادة السيسي لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا العدوان". من جهته، أكد اللواء سامح أبوهشيمة الخبير العسكري والاستراتيجي، أن مصر لن تصمت أمام العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وتابع: "الكيان الصهيوني مارس هذا الإرهاب في عهد الرئيس اللأسبق حسنى مبارك والرئيس السابق محمد مرسي، والآن يفعل ذلك في بداية عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي". لكنه أوضح أن "مصر لن تقبل على الإطلاق هذا الإرهاب في ظل أي نظام وستعمل على مساعدة أهالي غزة وفك الحصار عنهم من خلال إمدادهم بالمساعدات الإنسانية". وأشاد أبوهشيمة بدور "كتائب القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس" في التصدي للعدوان الإسرائيلي، قائلاً إن ما تقوم به "خطوة على الطريق الصحيح لبناء قوة عسكرية للدفاع عن أرض فلسطين". وشدد على "ضرورة أن تعي "حماس" خطورة أي عملية عسكرية ضد العدو الإسرائيلي وحجم المكاسب والخسائر التي من الممكن أن تلحق بالشعب الفلسطيني قبل أي عملية". في غضون ذلك، وعد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ب"استمرار بذل الجهود المصرية لوقف إطلاق نار فوري وبأسرع وقت" على غزة. وأكد السيسي، خلال اتصال هاتفي مع عباس، "حرص مصر على سلامة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتجنيب القطاع هذا الهجوم الخطير ووقف التصعيد من أجل العمل على التوصل لوقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن، وأن جهود مصر لم تتوقف منذ بدء العدوان"، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية. من جانبه، قدّم عباس للسيسي شرحًا حول "التصعيد الإسرائيلي الخطير ضد قطاع غزة، وكيفية احتواء ما يجري، وسبل إنقاذ شعبنا من ويلات هذا التصعيد". وثمن الرئيس الفلسطيني "دور مصر التاريخي في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني"، مؤكدًا على "ضرورة التزام الأطراف باتفاق 2012 الذي يجب أن يكون الخطوة الأولى لوقف العدوان والعمل على هذا الأساس". وقالت مؤسسة الرئاسة المصرية إن السيسي تلقى اتصالاً هاتفيًا من الرئيس الفلسطيني تم خلاله استعراض آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية والتدهور الحالي في الأوضاع على الأرض. وأشارت الرئاسة، في بيان لها، إلى أن مصر تجري اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف المعنية الفاعلة بهدف تجنيب الشعب الفلسطيني ويلات ومخاطر العمليات العسكرية الإسرائيلية، والعمل على تحميل الجانب الإسرائيلي مسؤولياته كاملةً عن تأمين أرواح المدنيين الفلسطينيين بوصف إسرائيل قوة احتلال، طبقاً لاتفاقيات جنيف الأربع وقواعد القانون الدولي. كما طالبت ب"وقف الإجراءات الاستفزازية بهدف خلق الظروف المواتية لسرعة استئناف مفاوضات السلام طبقاً لمرجعياتها بهدف التوصل إلى تسوية سلمية عادلة وشاملة ونهائية للقضية الفلسطينية؛ اِستناداً إلى حل الدولتين، وبما يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو1967 وعاصمتها القدسالشرقية. وأبرم اتفاق تهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل بوساطة مصرية، في 22 نوفمبر الثاني عام 2012، تم بموجبه وقف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة الذي استمر لمدة 8 أيام، وأدى إلى استشهاد عشرات الفلسطينيين. وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس عن بدء عمليته العسكرية على قطاع غزة، تحت اسم "الجرف الصامد" ضد حركة "حماس"، لوقف ما أسماه "إطلاق الصواريخ من القطاع على جنوبي إسرائيل". واستهدفت الغارات الإسرائيلية المكثفة منازل فلسطينية وأراضي زراعية وأخرى خالية وسيارات ودرجات نارية، ما أسفر عن مقتل 23 فلسطينيًا وأكثر من 100 مصاب حتى الساعة 21: 10 تغ، بحسب مصادر طبية فلسطينية. وبخلاف هذه الحصيلة قالت كتائب عز الدين القسام إن مجموعة من عناصرها اقتحمت قاعدة "زيكيم" الإسرائيلية، وكبدتها خسائر كبيرة في صفوف جنودها، فيما قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن 5 فلسطينيين قتلوا لدى محاولتهما التسلل إلى منطقة "زيكيم" التي تضم منطقة سكنية وأخرى عسكرية.