بدأت جامعات الاخلاق في فتح قاعاتها ومدارس الايمان في فتح ابوابها ومراتع الذكر في استقبال زوارها ، فيدخل العباد الزهاد ، الصائمين القائمين ، المنفقين القانتين ، والركع السجود ، ليجمعوا امرهم ويغسلوا ذنوبهم ويطيعوا ربهم ويسعدوا بدينهم في موسم الطاعات ومنهل الخيرات " شهر رمضان الذي انزل فيه القران هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان " ( البقرة )
ها هي لايام تتوالي والليالي تتسارع ،الزمن يدور والحياة تسير ، من عام إلى عام تنقل الانسان و تحمل لنا البشرى بقدوم شهر رمضان ، تزيد الصائم من الايمان وتدفعه الي البر و الاحسان و تاخذه الي الرحمة والغفران و وترشده الي العتق من النيران .. يقول الحسن البصري رحمه الله: إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا! فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون! ويخسر فيه المبطلون !!
ويقول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم : اتاكم شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب الدعاء ويري تنافسكم في الخير فارو الله من انفسكم خيرا فان الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل ... نعم فالجنة مفتحة والنيران مغلقة والشياطين مصفدة والحسنات مضاعفة ، نفحات يجب ان نستعد لها ورحمات يجب ان نتاهب لها ، ليس هناك حدث يقبل على الانسان - وهو يعلم به - إلا ويستعد له فالطالب حين يقترب الامتحان تراه يستعد..والمقبل على زواج تراه يستعد..والمريد سفراً تراه يستعد.فالاستعداد أمر فطري،وجميع المسلمين يستعدون لرمضان من عام الي عام ! كيف ؟ إن صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم ، كانوا يدعون الله عز وجل ستة اشهر اللهم بلغنا رمضان ، فاذا جاء رمضان دعوا الله تعالي اللهم مبلغنا ليلة القدر ، فاذا جاءت ليلة القدر سالوا النبي صلي الله عليه وسلم اذا جاءت ليلة القدر ماذا نقول فيها ،عن عائشة قالت قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها قال قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني قال الترمذي : حديث حسن صحيح
!!.كيف لا وهو شهر العفو ، والعفو من الاعمال التي اجرها علي الله - }فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَح َفَأَجْرُهُ عَلَى الله " الشوري لم يحدد الاجر، وروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث يومئذ ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم و العفو شيمة الابرياء الاصفياء الذين كانوا يصلون من قطعهم، ويعطون من حرمهم ، ويعفون عمن ظلمهم ،عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سره أن يشرف له البنيان وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه ويعط من حرمه ويصل من قطعه . الترغيب والترهيب ، والله يقول "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجاهلين " ( لأعراف199 ( ..انه صفة من صفات عباد الرحمن "وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ")الفرقان63 (…اذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ، مع انهم يقدروا ان يردوا الصاع صاعين واللطمة لطمتين ، وانما يعفوا ويصفحوا ، لاينطقون الا حقا ولا يفعلون الا حقا ولا يقولون الا سلاما " وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً" عندما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة منتصرًا، جلس صلى الله عليه وسلم في المسجد، والمشركون ينظرون إليه، وقلوبهم مرتجفة خشية أن ينتقم منهم، أو يأخذ بالثأر قصاصًا عما صنعوا به وبأصحابه. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: )يا معشر قريش، ما تظنون أني فاعل بكم؟(.قالوا: خيرًا، أخ كريم، وابن أخ كريم.. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء ... سيرة ابن هشام. طلب أحد الصالحين من خادم له أن يحضر له الماء ليتوضأ، فجاء الخادم بماء، وكان الماء ساخنًا جدًّا، فوقع من يد الخادم على الرجل، فقال له الرجل وهو غاضب: أحرقْتَني، وأراد أن يعاقبه، فقال الخادم: يا مُعَلِّم الخير ومؤدب الناس، ارجع إلى ما قال الله -تعالى-. قال الرجل الصالح: وماذا قال تعالى؟! قال الخادم: لقد قال تعالى: "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ ")ال عمران134( قال الرجل: كظمتُ غيظي قال الخادم: " وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ")ال عمران134( قال الرجل: عفوتُ عنك، قال الخادم: " وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ")آل عمران134( ". قال الرجل: أنت حر لوجه الله... !
والصوم نصف الصبر والصبر نصف الايمان والايمان ما وقر في القلب وصدقه العمل ، والصبر من الاعمال التي اجرها بلا حساب كيف ؟ ” انما يوفي الصابرون اجرهم بغير حساب ” قال العلماء يغرف لهم من الحسنات غرفا ، الصائم يصبر علي الجوع والعطش وحقه من زوجته في نهار رمضان ، يصبر علي الطاعة فيصلي ويزكي ويقرا القران ويصل الرحم ، يصبر علي المعصية فلا يرتكبها ، والصيام نفسه من الاعمال التي اجرها علي الله وحده كيف؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا اجزي به رواه الشيخان لم يحدد الاجر ، و ينادي مُنادٍ يوم البعث اين الذين أجرهم على الله ؟ ف يقبل الصابرون و الصائمون و العافين عن الناس ...الصوم اذن عفو وصبر ، وفوق كل ذلك فالصوم سعة في الارزاق حيث قال المصطفي عليه افضل الصلاة واتم التسليم عن شهر رمضان : وفيه يزاد رزق المؤمن ، اذن الصوم مضمار سباق " كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم " ( البقرة : 183) وجامعة اخلاق ( لا رفت ولا سباب ولا فسوق : فان سابه احد او قاتله فليقل اني امرئ صائم ) وسعة في الارزاق...الخصلة من الخيرفي رمضان كالفريضة في غيره والفريضة فيه كسبعين فريضة فيما سواه ، والصائم في ديار المسلمين حاليا في حاجة ماسة لهذه الاخلاق خاصة بعد انتشار الظلم والقمع وازدياد الفقر والاذي ، وان يكون العفو في موضعه الصحيح لا يجرح كرامة مظلوم ولا يسوغ لظالم ولا يمهد لطاغيىة ولا يمرر لمستبد وان يكون الصبر صبر الاستعلاء لا صبر الاستسلام ، صبر النهوض لا صبر القعود ، صبر العمل والامل لا صبر الخمول والكسل ، فصوموا واصبروا واصفحوا وتسامحوا وتصالحوا تجبروا وتنصروا وتفلحوا
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.