مع مشرق شمس كل يوم جديد تتكشف حقائق وجرائم مثيرة ارتكبتها زبانية وقيادات النظام السابق فى مصر طوال السنوات الماضية .وقبل أن نتطرق الى الحقائق التى سنكشف النقاب عنها فى هذه السطور .. اسمحوا لى أولا أن أعترف بأننى عندما تم فتح ملف ما يسمى ب (التعذيب بالوكالة ) تحت قبة مجلس الشعب فى السنوات الماضية عن طريق استجوابات وأسئلة وطللبات احاطة تقدم بها نواب المعارضة والمستقلون .. تصورت أن هذا الكلام ليس الا مزايدات سياسية من جانب المعارضة للهجوم على النظام السابق – الذى لم أنتمى له أو لحزبه غير الوطنى فى يوم من الأيام .الا أن وجهة نظرى تغيرت بعدما سقط النظام السابق وبدأنا نقرأ ونسمع عن جرائم قد لا يتصورها عقل بشر لأسباب سياسية ودينية وانسانية . من بين هذه الجرائم ما يسمى ب(التعذيب بالوكالة ) أى أن تقوم احدى أجهزة الأمن أو المخابرات بتعذيب أعداد من السجناء والمعتقلين داخل أراضيها لحساب مخابرات دولة أخرى وهو ما حدث بالفعل من جانب السلطات المصرية ممثلة فى جهازى المخابرات العامة وأمن الدولة (المنحل ) لحساب المخابرات المركزية الأمريكية . هذه الحقيقة المؤلمة والمفزعة كسشفها كتاب مثير صدر فى العاصمة الأمريكيةواشنطن منذ أيام بعنوان ( «مبدأ الواحد بالمائة للصحفى الأمريكى اامعروف ( رون سوسكيند) . . . هذا الكتاب حافل بالمعلومات والوقائع المثيرة التى تشكل جرائم ضد الانسانية بصفة عامة والشعب المصرى بصفة خاصة . من بين هذه الوقائع اللقاء الذى جمع بين عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العامة السابق ، وبين رئيس عمليات السى أى إيه فى مصر فى نهايات عام 2002.. ومما جاء فى هذا اللقاء قول عمر سليمان لرئيس المخابرات الأمريكية : «ليس هناك مشكلة، نحن لدينا إخوة، سنقطع ذراعه ونرسلها إليكم». ورد عليه مسئول عمليات وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA): «يا للهول، لا، نحن نريد فقط عينة من دمه، هذا كل ما نريد، فقط عينة دم». .. تجد ر الأشارة الى أن هذا اللقاء تم بعد قيام وفد من كبار زعماء القبائل الأفغانية بالادعاء أنهم تأكدوا من مقتل أيمن الظواهرى، الرجل الثانى فى تنظيم القاعدة، وأن لديهم أجزاء من جسده، من ضمنها الرأس. وطالب الوفد الأفغانى الجانب الأمريكى بمكافأة ال25 مليون دولار نظير قتل أيمن الظواهرى. وإزاء هذه المعلومات الخطيرة، لم تجد السى أى إيه وسيلة للتأكد من صدق الادعاء الأفغانى إلا الاتصال بالمخابرات المصرية طلبا للعون. وكان كل ما يريده الجانب الأمريكى يتمثل فى عينة من دم من محمد الظواهرى، الأخ الصغر لأيمن الظواهرى، المعتقل فى مصر للتأكد من هوية الحامض النووى DNA للأشلاء الموجودة لديهم، إلا أن الجانب المصرى كان شديد الكرم مع الأمريكيين، وعرض عليهم قطع ذراع محمد الظواهرى، وإرسالها لهم. . ورغم أن القوانين الأمريكية تتطلب الحصول على ضمانات من حكومات الدول الأخرى على عدم تعرض المعتقلين للتعذيب، تشير وثائق وزارة العدل الأمريكية إلى أن تعهدات الحكومة المصرية السابقة لم تكن ذات أى قيمة لمعرفة الجميع بحدوث تعذيب فيها. وأوضح الكاتب أن الولاياتالمتحدة عندما كانت تبحث عن دولة من دول العالم الثالث للقيام باستجواب المشتبه فيهم، بحيث تتمكن من تجنب تعقيدات النظام الأمريكى، كانت مصر الخيار الأفضل بأعتبار أن مصر أكبر متلق للمساعدات الخارجية من الولاياتالمتحدة بعد إسرائيل، كما أنها حليف إستراتيجى. بالإضافة إلى أن أجهزتها الاستخباراتية مشهود لها بالكفاءة والوحشية- وفقا لرأى الجهات الأمريكية- . وكشف الكتاب أن الحرب الأمريكية على الإرهاب جعلت من مصر المقصد الرئيسى للمعتقلين الذين ينقلون سرا وبدون أى ضمانات قانونية»، وقدر تقرير للمنظمة أن ما بين 150 و 200 معتقل نقلوا من دول أخرى بينها الولاياتالمتحدة إلى مصر منذ هجمات 11 سبتمبر 2001. هذه الحقائق التى كشفتها مصادر أمريكية ولا تقبل الشك أو التأويل والتكذيب ... ألا تستحق أن تفتح السلطات المصرية عامة والنائب العام المستشار عبدالمجيد محمود تحقيقات عاجلة بشأنها ليعرف الرأى العام كيف كانت مصر تدار على مدى أكثر من ثلاثين عاما ؟ وكيف كان هناك عملاء وجواسيس وأيضا – خدام – للولايات المتحدة يتحكمون فى مصير الشعب المصرى المطحون .وليعرف الناس ايضا أن جرائم هذا النظام الفاسد لم تقتصر فقط على كونها داخل مر بل تخطت كل الحدود الجغرافية والأعراف الأنسانية والمواثيق والقوانين الدولية . أننا نطالب النائب العام بسرعة استدعاء كل المتورطين فى هذه الجريمة غير الانسانية وفى مقدمتهم اللواء عمر سليمان لأنها تسيئ الى مصر داخليا وخارجيا .. ونؤكد أن السكوت عليها حتى الأن وعدم فتح ملفها لن يكون له تفسير سوى أن المتورطين فيها ما يزالون فوق القانون وأن السلطات المصرية حتى الأن توم بارتكاب مثل هذه الجرائم لحساب المخابرات المركزية الأمريكية وربما لأجهزة استخباراتية فى دول أخرى .