أعرب المشاركون في مؤتمر عن الدولة المدنية، ومن بينهم دعاة إسلاميون وناشطون أقباط عن رفضهم لما تسمى ب "الدولة الدينية"، معتبرين أن التوترات الطائفية الراهنة لا يعكس عمق العلاقة بين المسلمين والأقباط التي شكلت نموذجًا للتعايش المشترك، محملين النظام السابق المسئولية عن الوضع المحتفن الذي تشهده العلاقة بين جناحي الوطن، بعد أن قام بتغذية الطائفية على مدار سنوات حكمه. جاء ذلك خلال ندوة تدعيم الدولة المدنية في مواجهة الدينية مساء الجمعة التي نظمها اتحاد المنظمات القبطية في أوروبا بمشاركة مركز "ابن خلدون للدراسات الإنمائية" وحزب "الجبهة الديمقراطية" وشبكة "الأزمة الإخبارية". وقال الداعية الإسلامي الدكتور عمرو خالد إن "الدولة الدينية" لا تصلح لإقامة نظام سياسي صحيح، فضلاً عن أنها تقصي المعارضة وتعطي الحاكم قدسية باعتباره مفوضًا إلهيًا، بعكس الدولة المدنية التي أرساها النبي صلى الله عليه وسلم، إذ كان الحكم شورى. وأعلن رفضه أيضًا استخدام الشعارات الدينية في العمل السياسي، بدعوى أنها لا تحقق تكافؤ الفرص، وضرب مثالاً بالتجربة التركية حيث يحكم حزب "العدالة والتنمية" ذي الجذور الإسلامية البلاد منذ تسع سنوات، فحينما سألوا الرئيس عبد الله جول: لماذا لم تستخدم الدعاية الدينية؟، أجاب قائلاً إن "الإسلام دين عظيم، ونحن تجربة بشرية ولا يصح تحميل الإسلام أخطاء حزبنا". وشاطره الرأي عوض شفيق أستاذ القانون بسويسرا، مؤكدا أنه "لابد من سيادة الدولة المدنية الخالصة، وفصل الدين عن الدولة". ودعا السلطات إلى الإفراج عن 18 موقوفًا قبطيًا محتجزين منذ التاسع من مارس الماضي. وطالب بتقديم المتهمين فى أحداث كنيسة صول بأطفيح واشتباكات المقطم إلى المحاكمة، وتحويل المتهمين في قضية أحداث أبو قرقاص إلى محاكم مدنية، والشروع في فتح وبناء مطرانية مغاغة وباقي الكنائس المغلقة. من جانبه، أكد هاني عزيز، الأمين العام لجمعية "محبي مصر السلام"، أن المجلس العسكري التقي أقباط المهجر، تأكيدا على التآلف الوطني كمصريين جميعًا وإن كان البعض يعيش خارج المحروسة. وهون الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر السابق من تداعيات الأزمات الطائفية التي تطل برأسها في مصر من وقت لآخر، قائلاً إن "مصر محسودة بسبب قيام ثورة 25 يناير المباركة، فقد كانت مضرب الأمثال لروعة وحضارة ووحدة الشعب المصري". وأكد أن تاريخ الاسلام لم يشهد أي اعتداء على دور العبادة، معتبرًا أن من قام بهدم كنيسة صول وحرق كنيستي إمبابة ليسوا من الإسلام، مدللاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم لجيش محارب: "ستجدون قومًا يتعبدون فى الصوامع فدعوهم وما يعبدون". بدوره، أكد مدحت قلادة، رئيس اتحاد المنظمات القبطية في أوروبا أن هناك جملة من التحديات الكبيرة أمام الدولة المدنية في مصر، مدعيًا أن هناك 59% من المصريين "يناصرون الأصولية التى تجر البلاد إلى خطوط العنف". بينما رأى منير فخري عبد النور وزير السياحة- الذى أكد على أن حضوره بصفته الشخصية وليست الرسمية- أن "مصر تمر بمرحلة صعبة ودقيقة وعلى حافة الهاوية وتحتاج الى فكر وجهد كل أبنائها حتى يتم بناء دولة مدنية عادلة وحديثة تقوم على الأسس الديمقراطية وتداول السلطة". وتحدث عبد النور عن "الدور الوطني" للمصريين في الخارج من خلال الضغط على الدول التي يقيمون بها من أجل التعامل مع الحكومة المصرية ودعم الاقتصاد المصرى وتشجيعهم للسياحة في مصر. في حين طالب الدكتور سعد الدين ابراهيم رئيس مركز "ابن خلدون" بضرورة تنفيذ التقرير الذى أصدره مجلس الشعب عقب حادث الخانكة الشهيرة عام 1971 ولم يتم تنفيذ توصياته حتى الآن وتدريس التاريخ القبطي في المواد الدراسية لأنه جزء من تاريخ مصر. وحمل الدكتور أسامة الغزالى حرب رئيس حزب "الجبهة الديمقراطية"، النظام السابق المسئولية عن هجرة الأقباط والمشاكل الطائفية، وطالب اتحاد المنظمات القبطية في أوربا بتغيير مسمياتها إلى اتحاد المصريين بالخارج. وأشار إلى ثورة 19 التي شهدت تلاحمًا بين المسلمين والأقباط في مواجهة الاستعمار البريطاني آنذاك المصر مؤكدًا أنها قامت على الوحدة الوطنية ورفض الاستعمار.