غالبية التعقيبات على مقالي يوم أمس الأول، رفضت بشكل قاطع أي حوار مع العلمانيين!.. انطلاقا من رفض "العلمانية" ذاتها كفكرة أو عقيدة سياسية او نظرية اجتماعية!! رغم انني بدأت مقالي بالتنبيه على الفارق بين ان تكره عقيدة أو فكرة ما وبين القبول بالتعايش مع من يعتقدون بها.. رفض الفكرة لا يعني "ذبح" من يتبناها.. أو من يؤمن بها .. غير أن مرارة التجربة مع العلمانيين المتصدرين المشهد المصري، ربما لم تدع أية مساحة في الوعي العام المسلم، لأن يأمن شرهم .. وهذه مسألة ربما اتفهمها وأقدرها.. غير ان إعادة طرح سؤال التعايش مجددا قد بات ملحا في الظروف الحالية أكثر من أي وقت مضى.. وإن لم نقرأ حادث كنيسة إمبابة الأخير بشكل جيد يكون أكثر ملامسة للحقيقة، فإن مآلات المشهد في النهاية لن تكون في صالح ما نأمله في المستقبل. لعل البعض يتساءل: وما علاقة الحوار مع العلمانيين باحداث إمبابة؟!.. رغم أن العلمانيين حاضرون دائما في أية أزمة طائفية.. والكنيسة في صيغتها "الانتهازية" موجودة أيضا في أي نشاط سياسي علماني.. وما يجمع الطرفين أكثر مما يفرقهما. واستهلالا أعيد التأكيدعلى أنني أميل بحماس إلى الحوار ومد جسور التواصل مع "العلمانية الوطنية".. وليست "الانتهازية" التي تلتقي مع "الكنيسة" في عملية "تسليع" "أزمات "الوطن.. أي تحويلها إلى "سلعة" للمتاجرة بها.. ولكل قبلته وإمامه. لقد بات من الثابت والمستقر، ان الكنيسة والقطاع الانتهازي المتطرف من العلمانيين المصريين، قد أضيرا ضررا بالغا من نجاح الثورة.. فالأولى ناصبت الثورة العداء، ورفضت المشاركة فيها ولم يشارك الأقباط الأرثوذكس بأي شكل من الأشكال إلا قلة لانكاد نشعر بوجودها في هذا الانتصار الحضاري والإنساني العظيم، بينما شاركت الأقلية المللية الأخرى من المهمشين الكاثوليك والبروتستانت والإنجليين فقط.. بل إن الكنيسة جاهرت صراحة بأنها مع مبارك "الرئيس" ومع نجله "الوريث" من بعده.. وليس بوسع المراقبين أن يتجاهلوا قبول التيار العلماني الانتهازي، بما قدمه مبارك من تنازلات واعتبرها كافية لأن يستمر في الحكم إلى نهاية ولايته وبعضهم اتخذ من شعار"بقاء مبارك من كرامة مصر" الذي رفعه نجيب ساويروس.. اتخذه "إنجيلا" للإصلاح السياسي تحت مظلة "تنازلات" مبارك في ساعاته الأخيرة. الكنيسة "الشنودية" والعلمانيون الانتهازيون .. هما الطرفان اللذان حصلا على امتيازات غير مسبوقة في عهد مبارك.. ويكفي ان نذكر هنا باغرب ظاهرة قد يعجز خبراء علم الاجتماع السياسي في العالم عن تفسيرها.. وهو أن كل من "شتموا" مبارك وعائلته في عهده، هم الذين تحولوا تحت مظلة مؤسساته السياسية وأجهزته الأمنية، إلى مليارديرات وانتقل بعضهم من السكن في مدن الصفيح والإيواء والعشش والعشوائيات ومساكن الزلزال بالمقطم.. ليكونوا من ذوي القصور الفارهة في منتجعات لصوص المال العام والنخب المالية الطفيلية في المدن الجديدة.. في واحدة من أغرب ظواهر "بزنس المعارضة" في التاريخ كله. الكنيسة "الشنودية" من جهة والعلمانية في نسختها الانتهازية من جهة أخرى.. هما الطرفان اللذان أضيرا من اختفاء مبارك وسقوط حكمه.. حيث بدأت الامبراطوريات المالية وبعضها من رجال أعمال اقباط التي تأسست على الفساد في عهد الرئيس المخلوع واستطاعت من تجنيد جيوش العلمانيين "الملطوعين" على المقاهي في التنظير للكنيسة وأحلامها السياسية .. بدأت في الانهيار : منهم من دخل السجن ومنهم من ينتظر.. صحف خاصة سوف تغلق .. فضائيات رجال الأعمال اللصوص أيضا في سبيلها إلى أن تختفي.. الكنيسة التي راهن مشروعها على "التوريث".. تبحث عن مبارك "مستنسخ" يعيد إليها منزلتها الاستعلائية "الخط الأحمر" أو على الأقل يحفظ لها حصانتها التي انزلتها منزلة السلطة الموازية.. كلاهما الكنيسة والعلمانيون الانتهازيون يجمعهما أمل توتير البلد واضطرابها أمنيا، للحيلولة دون اجراء الانتخابات في موعدها المحدد .. وللحديث بقية غدا إن شاء الله تعالى. [email protected]