1 / لقد استبان لى أنه حين تشتد الأزمة على المسلمين وحين يجل الخطب وحين تتكالب الأمم علينا فان هناك فئة عاقلة تعرف دربها ، وتعرف هدفها ، وترى أن حياتها أنشودة صيغت على لحن الكفاح ، وإن لها لدربا هو درب الأبطال درب الكفاح درب العمل الصادق،وتعرف العيون التى تترصدها لكنها تعجز عن القعود تعجز عن الصمت قد تتلعثم شفاهها لكن جراحها تتكلم ، شجونها تصرخ دون ضجيج : نحن أمة لن تموت . من سمات هذه الفئة أنها عاقلة،لا تسعى للظهور، تعمل فى صمت، تدعو العاقلين إليها ببصيرة وحكمة، لا تعرف اليأس مهما خابت ظنونها فى بعض الناس ذلك أنها تمدد بسبب إلى السماء. 2 / لقد استبان لى أن هناك فئة من الناس يعيشون على الكذب : لا يلوون على شىء يكذبون مرة ويتخلصون من كذبهم بكذبة أخرى وإنه لأمر مؤسف أنهم يحسبون أنفسهم على شىء .. ومثال ذلك بعض العاملين بالصحافة وبعض الذين يسوقون الكذب لبعض الوجهاء نظير احتقار العاقلين لهم .. يا له من ثمن باهظ ليس له جزاء إلا الازدراء فى الدنيا أما فى الآخرة فإن لها شأنا آخر . 3 / لقد استبان لى أن بعض الناس يرفضون الحق لأنه صدر عن أشخاص لا يرتاحون إليهم ولو صدر من غيرهم لتقبلوه ومدحوه ...ونريد للذين يعقلون ألا يحرموا أنفسهم من حق جاء من وعاء لا يستوسمونه فإن الذهب الخالص لا يرفض لأن صائغه رث الثياب. 4 / لقد استبان لى أن هناك فئة من الناس رضوا بأن يكونوا من الدواب ذلك حين عطلوا عقولهم عن التفكير وحواسهم من الإحساس وقلوبهم من المشاعر أو حين أرادوا أن يخرجوا على طبيعتهم ويقلدوا أناسا آخرين..وقد تُعْذَر القردة حين تقلد الأناسي ولكن ما عذر الإنسان حين يعطل عقله ويطمس مشاعره ويتوقف فعله وهو يقلد آخرين لا أسوة و إقتداء ولكن خشية النقد واللوم.؟! 5 / لقد استبان لى أن هناك فئة ليست بالقليلة تصر على الأخذ بما تقوله ساعة غضبها وهى تعلم أنها مخطئة لكن منعها أنفة التراجع فهذا قمين بوصف حالتها بحالة انتقالية من غضب أهوج إلى حمق دائم..... لقد استبان لى أن هؤلاء على كثرتهم ضعفاء فالشديد الذى يملك نفسه عند الغضب ...والذكى من يعرف متى يتراجع عن غضبته، وكيف.. أما الداهية والحكيم فهو من لا يورد نفسه تلك المواطن أساسا. تدبر معى هذا الحوار بين داهيتين من دهاة العرب : قال معاوية بن أبى سفيان: ما سر دهائك يا عمرو؟ قال عمرو بن العاص : ما دخلت أمرا إلا وعرفت كيف أخرج منه. فقال معاوية: أما أنا فما دخلت أمرا وأحببت أن أخرج منه. 6 / لقد استبان لى أن من العبودية أن تتشتت بك السبل ويذهب بك قلبك نحو أمور شتى كالأكل أو الجنس أو المال ...أو كما يرى د/ يحي الرخاوى: إنه لا ينبغى لك أن تزعم الحرية وأنت عبد لرمش أو كرش أو قرش... والحق أن من العبودية أيضا أن يصير المرء عبد كل جديد دون استبصار عقلى مميز كشأن من هو عبد كل قديم دون تمييز وتفكير ... إن الفعل وعكسه قد يجنحان جهة اليمين أو جهة اليسار وعندئذ لا سبيل إلى التلاقى....ولكن حين تكتمل عبوديتك لواحد (هو الله) ولا تتشتت بك السبل فقد استكملت مقوماتك كإنسان تعقل وتحس وتتحرك بتحرك واع بصير ومن ثم تكون حرا .....ولكن أنى لنا بعبودية كاملة؟! 7 /لقد استبان لى أن كثيرا من الناس يحكمون على الآخرين بما فى نفوسهم منهم لا بمعيار يتسم بالشفافية والمصداقية و ينال التقدير فمثلا قد يكره بعض الناس من يظهر بينهم بالفضل ويحسبون أن ذلك تحقير لهم ويرون فى فضل الآخرين تحديا لما يفعلونه من آثام ولما يرتكبونه من حماقات...ألا إنه ليس لديهم وسيلة للحكم عليهم- اللهم إلا ما تحمله نفوسهم منهم- وكيف وهم مختلفون عنهم؟! سيد يوسف