المسلمون في فرنسا يواجهون مشكلة حقيقية في كيفية تدبير الموارد المالية اللازمة لزيادة أعداد المساجد بمعدل الضعف على أقل تقدير للقضاء على ظاهرة افتراش المصلين للشوارع الفرنسية لأداء فريضة الصلاة لا سيما في يوم الجمعة. فقانون العلمانية الذي أنهى تماما سلطة الكنيسة يحظر على الدولة الفرنسية منذ صدوره في عام 1905 تمويل بناء أي دور للعبادة سواء كانت كنيسة أو معبد يهودي أو مسجد. كما أن قبول التبرعات الخارجية للمساهمة في بناء المساجد في فرنسا دون رقابة يمثل مشكلة أكثر تعقيدا نظرا للمخاوف من خضوع هذه المساجد لجهة التمويل سواء كانت دولة إسلامية أو تيار إسلامي متشدد. وقد منحت الحكومة الفرنسية إستثناء للمسلمين لبناء المساجد على الرغم من أن قانون العلمانية يحد تماما من بناء أي نوع من أنواع دور العبادة نظرا لقلة عدد المساجد في فرنسا مقارنة بأعداد المسلمين إلا أن صعوبة توفير الموارد المالية اللازمة ما تزال تحول دون زيادة مساحة المساجد في فرنسا من 250 ألف متر مربع حاليا إلى 500 ألف متر مربع. ويشدد محمد موسوي، رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، على ضرورة زيادة عدد المساجد في فرنسا من 2368 مسجدا حاليا إلى 4800 مسجد لإنهاء ظاهرة لجوء المسلمين لإغلاق بعض الشوارع الفرنسية لأداء الصلاة. ويرجع موسوي المشكلة إلى أن 40 في المائة من مساجد فرنسا تقل مساحتها عن 100 متر مربع مما يجعل من إغلاق الشوارع المحيطة بهذه المساجد الصغيرة وافتراش أراضيها للصلاة بمثابة الحل الوحيد لاستيعاب المصلين. وتحاول الحكومة الفرنسية الالتفاف على القوانين العلمانية التي تحظر تمويل بناء دور العبادة من خزينة الدولة بتأجير قطعة أرض مملوكة للدولة بمبلغ رمزي للجالية المسلمة لمدة 99 عاما حتى يظل المسجد من ممتلكات الدولة الفرنسية على أن يقتصر تمويل بناء المسجد على مساهمات أبناء الجالية المسلمة إذا أمكن ذلك. وقد أثارت هذه الطريقة الالتفافية حفيظة بعض النواب المحليين الذين لجأوا للمحاكم الإدارية لوقف ما سموه بتبديد أموال دافعي الضرائب الفرنسيين بقبول إيجارات زهيدة لا تتناسب مع الإيجارات المرتفعة للأراضي في فرنسا. ولجأ العمد في بعض الأحياء الفرنسية إلى حيلة ذكية لتبرير تمويل بناء المساجد من أموال الدولة بالاستناد على الجانب الثقافي الذي يقدمه المسجد بتزويده بقاعة للمؤتمرات وأخرى للمعارض إضافة إلى مركز لتقوية اللغة الفرنسية للمهاجرين الجدد إضافة إلى دار للمناسبات.