أولئك الذين يعتقدون أن مستقبل سورية سيكون أفضل في ظل الاستبداد وتعطيل الحريات واحتكار السلطة إنما يعيشون وهماً يكذبه ما يحدث في العراق كل يوم. إن سبب وصول العراق إلى شفير الحرب الطائفية هو حالة الاستبداد التي عاشها المجتمع العراقي طوال عقود من الزمن فالاستبداد هو الذي جاء بالاحتلال الأمريكي إلى العراق وهو الذي ربى الناس على الإيمان بالقوة والعنف أسلوباً لحل خلافاتهم وعلى الكفر بلغة الحوار والعقل والمنطق وهو الذي بذر في المجتمع بذور الفتنة والكراهية. هناك قوانين إلهية تحكم هذا الكون والذين يتجاهلون هذه القوانين يدمرون أنفسهم تماماً كالذي يرمي بنفسه من الطابق العاشر متجاهلاً قانون الجاذبية! أحد هذه القوانين هو أن (العدل أساس الملك) فالدول تُبنى على العدل والذين يعيشون فيها ينعمون بالرفاهية والأمن والسلام بمقدار ما يتوفر فيها من عدالة. والجدال الذين يدور بين السوريين اليوم حول هل سيزول النظام السوري أم أنه سيبقى لأن مصالح أمريكا مرتبطة ببقائه هو في رأيي هراء لا معنى له والأجدى بالسوريين أن يفكروا بكيفية استعادة حريتهم وحقوقهم، فلا النظام السوري ولا أمريكا يستطيعان تجاوز ذلك القانون الإلهي الذي يقول (العدل أساس الملك) وبالتالي فإن أمن واستقرار سورية والمنطقة ليس بيد النظام السوري وليس بيد أمريكا وإنما بيد الشعب السوري فقط ولا مستقبل لهذا الشعب ما لم يختر الكفاح من أجل إقامة نظام سياسي عادل يحتكم لصندوق الاقتراع ويستند لدستور يفصل بين السلطات ويكفل حقوق الإنسان وحرية تشكيل الأحزاب وتداول السلطة لجميع المواطنين دون تمييز. إن إيماني بالشعب السوري يدفعني إلى الاعتقاد بأنه سيخوض معركة استعادة حريته وكرامته وإنسانيته بكل شرف وشجاعة وذكاء. كاتب سوري مقيم بلندن