يوم أمس 16 مارس 2014، أعلن خالد علي، في مؤتمر صحفي، انسحابه من خوض الانتخابات الرئاسية، التي وصفها ب"المسرحية". وقبله في 11 فبراير 2014، أعلن د. عبد المنعم أبو الفتوح، عدم خوضه الانتخابات أيضا، رافضا ما وصفه ب"التدليس" على الشعب. لم يبق على الساحة من المرشحين المدنيين المحتملين إلا الصحفي حمدين صباحي، ولا ندري ما هي حساباته التي شجعته على التمسك برغبته في منافسة وزير الدفاع على المقعد الرئاسي. لم يسلم أبو الفتوح وعلي، من التجريح وما نفكا يتعرضان لحفلات الإيذاء الليلية على الفضائيات، بالتزامن مع اعلان الفريق سامي عنان انسحابه بعد ضغوط كبيرة مورست عليه، من جهات سيادية أو من شخصيات صحفية قريبة من الأجهزة الأمنية التابعة للجيش.. فيما يتلقى صباحي تهديدات مشابهة، وتوزيع "ملفات" له على صحفيين، في سياق الترتيب لحملة "كسره" خلال أقل من شهر من الآن، بحسب معلومات متواترة ومؤكدة. من الواضح إذن أن "المنافس" الذي لا ينسحب برغبته، أو لا يدرك مغزى ودلالة الضغوط "السرية" التي تمارس عليه.. وتمسك بحقه في الترشح.. فعليه أن ينتظر "عقابه" خاصة وأن أدوات الدولة الباطشة، كلها في يد مؤسسات القوة، التي تدير فعليا حملة المشير عبد الفتاح السيسي الانتخابية. الأجواء كلها إذن غير مشجعة .. وعلينا أن نتفهم خلو الساحة، من المرشحين الجادين الذين يتمتعون بالصدقية والجماهيرية، التي تكفل توفر الندية للمرشح المسنود بامكانيات الدولة كلها.. والانسحابات منطقية ولها ما يبررها.. غير أن المسألة تحتاج إلى مراجعة، فالوقت لا يزال مبكرا، والمشير لم يعلن رسميا موقفه، والمستقبل القريب مفتوح على كل الاحتمالات.. وتآكل تحالف 30 يونيو، يتجه نحو رسم خريطة متحركة وغير مضمونة، لشكل اصطفاف الخنادق والفصائل على تضاريس المشهد السياسي إلى ما قبل الاستحقاق الرئاسي بساعات. حمدين صباحي في طبعته الجديدة يعتبر أبرز تجليات تآكل تحالف 30 يونيو، بل أنضم إلى حملته شخصيات سياسية كبيرة، مثل د. وحيد المجيد، الذي كان إلى وقت قريب مؤيدا للجيش، وهي خطوة لا يمكن تجاهلها، في طريق مفتوح ربما ينتهي بمفاجآت، قد تربك كل الحسابات التي تقطع بأن النتيجة محسومة قبل الانتخابات بشهور. ويبدو لي أن القوى المدنية، تحتاج إلى مراجعة لمواقفها غير المتفاءلة، وعليها أن تصحح أخطائها في انتخابات 2012.. عندما تهكمت على فكرة المرشح التوافقي، وتفككت أوصالها، وتبعثرت أصواتها، ومنيت بهزيمة أعادت ذات القسمة التي أبقت على ثنائية "الجيش الإخوان" الموروثة منذ انقلاب يوليو 1952 . لن يتسامح التاريخ مع التيار المدني وأنصار الدولة المدنية، إذا تخلى عن مسؤليته، في أكثر مراحل التاريخ المصري خطورة على هوية مصر السياسية.. فالوقت لا يحتمل الاستسلام لمرارات الصراعات الأيديولوجية، أو الاستسلام لعمليات اخلاء الساحة من المنافسين بالرضا أو بالإكراه.. بل يحتاج إلى تنسيق جديد وبشكل مختلف.. وكما قلت فإن مستقبل المقعد الرئاسي، مفتوح على كل الاحتمالات ومن بينها ما لا يخطر على بال أحد.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.