يواصل مجلس الأمن الدولي عقد اجتماعه الطارئ - أثناء صدور عدد "المصريون" ليوم الأحد– وذلك لبحث فرض عقوبات على النظام الليبي بسبب القمع الوحشي الذي يمارسه الزعيم معمر القذافي ضد المحتجين، والذي أسفر عن سقوط آلاف القتلى والجرحى في الاحتجاجات التي اجتاحت المدن الليبية المختلفة. يأتي هذا فيما يخشى المراقبون الليبيون أن يصدر مجلس الأمن قرارا بفرض مناطق حظر جوي فوق الأراضي الليبية بعدما لجأ القذافي إلى استخدام الطيران الحربي في ضرب المحتجين المطالبين بتنحيه، أو فرض حصار بحري، أو أن يقرر التدخل العسكري تحت غطاء حماية الشعب الليبي، وهو ما يرفضه بشدة الشعب الليبي، الذي أعلن سيقاوم أي تدخلات عسكرية غربية فى ليبيا تحت أي مسمى. كانت بريطانيا، والولاياتالمتحدة، وفرنسا، وألمانيا طلبت عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن للبحث فى إصدار قرار بفرض عقوبات على ليبيا. وجاء ذلك بعد أن بعد أن وقع الرئيس الأمريكي باراك أوباما مساء الجمعة على أمر تنفيذي يجمد أصول الزعيم الليبي معمر القذافي وعائلته وكبار مسئوليه، بالإضافة إلى الحكومة الليبية والبنك المركزي الليبي وصناديق الثروة السيادية. كما أيد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وزعماء أوربيون آخرون ضرورة اتخاذ الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي إجراء عاجل للتعامل مع الأزمة الليبية، بما في ذلك فرض عقوبات صارمة. وقال متحدث مكتب كاميرون، إن رئيس الوزراء أجرى محادثات بشكل منفصل مع كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية حول تطورات الوضع في ليبيا. وأضاف "كان هناك اتفاق واضح بأن تصرفات النظام الليبي غير مقبولة تماما وأن الوحشية والترويع لا يمكن التسامح معهما"، موضحا أن كاميرون اتفق مع نظرائه على ضرورة اتخاذ الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة "إجراء عاجل بما في ذلك حزمة عقوبات صارمة تستهدف النظام مباشرة". من جانبه، قال رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكونى ان العقيد معمر القذافي "على ما يبدو لم يعد يسيطر على الوضع" فى ليبيا. وأضاف: "إذا كنا نتفق جميعا على وضع حد لحمام مروع من الدم فلا بد من القول أننا أمام مستقبل مجهول، حيث يمكن أن نرى بلادًا حرة وديمقراطية أو مراكز خطر للأصولية الإسلامية"، وفقا لما أوردته وكالة آكى الإيطالية للأنباء. وخلص إلى القول أن بلاده ربما تواجه ''كارثة إنسانية غير مسبوقة " من خلال تدفق المهاجرين علاوة على القلق إزاء "العلاقات التجارية ومستقبل الطاقة" التي تستوردها من شمال أفريقيا وختم داعيا القوى الوطنية الإيطالية "إلى الوحدة ونبذ المعارك الكلامية" الدائرة حول تعامل برلسكونى مع الأزمة الليبية. وقال الخبير العسكري الإيطالي فرانكو انجوني إن "القوات المسلحة الليبية منقسمة كما هو حال السكان فبينما ثارت القبائل فى المناطق الشرقية ما زال الفريق الآخر يجد صعوبة في الانفصال بعيدا عن العقيد' معمر القذافي". وأضاف القائد السابق للقوات البرية التابعة لحلف شمال الأطلسي في جنوب أوروبا في حوار مع وكالة (آكي) الإيطالية للأنباء إن "المرتزقة هم جزء من فريق سري مكون من قوات افريقية، أنشئت على وجه الخصوص بناء على رغبة اثنين من أبناء القذافي كانا قد أرادا تكوين جيش صغير خاص بهما" و"على حد علمي لا وجود لإيطاليين بينهم فالإيطاليون من ناحية السلوك لا ينتمون لهذه الثقافة" العسكرية. وعن أكبر خطر موجود على الأرض الآن، قال القائد السابق للقوات الإيطالية في لبنان لإن "الغطرسة والعناد لمن يحكم منذ أكثر من أربعين عاما مثل القذافي قد تجعله يظن أنه معصوم ومن ثم المضي قدما حتى النهاية وهو شئ مرعب"، وفق تعبيره. وقال إن "عمليات إجلاء الرعايا الإيطاليين تسير بصورة طيبة، لكن يجب حماية أولئك الذين قرروا البقاء هناك حتى لا نسمح ان يقعوا رهائن" فى يد النظام الليبي. ودعا وزير الخارجية الاتحادي النمساوي ميشائيل شبندليجر "المجتمع الدولي بأسره إلى الرد بشكل واضح على الوضع في ليبيا"، وأضاف "لا بد أن يعرف القذافي بوضوح أننا لن تتسامح مع وحشيته ضد شعبه"، حسب تعبيره. وشدد على "أهمية أن يتخذ مجلس حقوق الإنسان في الأممالمتحدة ومجلس الأمن الدولي بسرعة إجراءات واضحة" وأضاف "يجب محاسبة المسئولين عن هذه الأعمال" التي وصفها بأنها "جرائم ضد الإنسانية"، مشيراً إلى أن مجلس الأمن الدولي "لا ينبغي عليه النظر في عقوبات فقط، ولكن أيضا في الخطوات التالية لعرضها على المحكمة الجنائية الدولية"، على حد قوله وأكد شبندليجر أن "النمسا تدعم التزام فرض عقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي" وذلك "في شكل فرض قيود على السفر، وإغلاق الحسابات المصرفية، وحظر بيع الأسلحة"، وأضاف "يجب على الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي الضغط على نظام القذافي لكي يتوقف عن عمليات القتل الجماعي والاعتقالات التعسفية والتعذيب بحق المتظاهرين". وكشفت وزارة الداخلية الاتحادية النمساوية أن الأسلحة التي تم تصديرها إلى ليبيا في عام 2009، لم يتجاوز عددها ثلاثة آلاف قطعة ذخيرة فقط. يأتي هذا الإعلان الذي نشرته صحيفة "ديرشتاندارد" الصادرة السبت، غداة نشر قائمة أوروبية حول حجم صادرات السلاح لليبيا، والتي تصدرتها كل من ألمانيا ومالطا وإيطاليا . فى غضون ذلك، كشفت صحيفة تايمز البريطانية على صدر صفحتها الرئيسية أمس عن تمكنها من اكتشاف عملية تحويل أموال قام بها معمر القذافي، نقل بموجبها ثلاثة مليارات جنيه استرليني (ما يعادل خمسة مليارات دولار) إلى حساب لدى مؤسسة استثمارية في لندن. وبحسب الصحيفة، فإن العملية تأتي ضمن خطوات أوسع شملت مبالغ طائلة، كان الهدف منها إخفاء ثروة القذافي وعائلته في ظل التطورات الجارية بليبيا ، والتي تهدد نظامه المستمر منذ أكثر من أربعة عقود. وذكرت الصحيفة أن الأموال جرى نقلها إلى حسابات شركة استثمارية في حي "ماي فير" المالي بلندن، بالتزامن مع تفكير الولاياتالمتحدة بفرض عقوبات مالية على النظام الليبي. في حين نقلت صحيفة "الجارديان" البريطانية عن الباحث تيم نيبلوك إنه من الصعب تحديد حجم ثروة القذافي وأبنائه، إذ أن من المتوقع أن تكون مخبأة في حسابات سرية بالخليج وجنوب شرق آسيا. وأكدت الصحيفة أن عائلة القذافي أنفقت خلال السنوات الماضية أموالا طائلة لدعم حكومات أفريقية من بينها حكومة زيمبابوي، أكبر المتلقين لهذا الدعم .