باتت ظاهرة ما يسمى بشاب الفيس بوك الحدث الأبرز المتناقل بين الناس، من هم؟ وكيف تجمعوا بهذا الشكل المنظم بحيث حققوا إنتصارات لم تستطع الأجيال الماضية تحقيقها؟ وأخذت الدول الأخرى تحذو حذو هذه التجربة. وإذا ما إقتربنا جليا من هؤلاء الشباب وجدناهم أناس عاديون من عامة المجتمع فيهم الغني والفقير، وصاحب التعليم العالي والبسي؛ لكن الذي يجمعهم هو رفضهم لما آلت اليه أحوال بلدانهم من تخلف وفساد وظلم من قبل الحكومات، فثاروا لتغير واقهم وقد كان. ورغم ما سبق إلا أن الذي يميز هؤلاء الشاب هو الرؤية الواعية والأهداف الواضحة التي تجمعهم ، وأعني بذلك أنهم أعادوا برمجة أفكارهم وفق ما تطور من علوم وتكنلوجيا ومعرفة يستطيع أي إنسان اليوم أن يطور نفسه من خلالها وينمي مهاراته وقدراته نحو النجاح والرقي في هذه الحياة مقترنا بالتخطيط المنظم للوصول الى تلك الأهداف، وقد أجمعت العلوم جميعا تؤيدها النواميس الكونية على أن التخطيط المنظم لتحقيق الأهداف يقود الى إحداث المعجزات والإنجازات المبهرة وهذا الذي حدث . لقد أتى على أمتنا حين من الدهر لم تكن شيئاً مذكورا . فقد وصلت حالة اليأس في مجتمعاتنا الى أقصى حد، واقتنعوا بأن هذا الحال لا يمكن تغيره، وعلينا أن نرضى به ونتعايش معه؛ لا بل أن بعض المتواكيل زعموا أن التذمر من هذه الأحوال هو إعتراض على قضاء الله وقدره، بل الأدهى من ذلك أن يفتي بعض المشايخ بحرمة الخروج في المظاهرات بحجة أنك تشكو الخالق الى المخلوق، وقد تناسوا أن هذا قياس مع الفارق، فالذي يخرج في التظاهرات إنما هو يرفض تصرفات الحاكم و المسؤول وسوء إدارته لشؤونهم ويعترض على الفساد والسرقات التي أصبحت سمة الحكومات اليوم ويصرخ عالياً رفعا للظلم الذي طاله. الم يقل ربنا جل وعلى في كتابه العزيز ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وها هي الناس تغير حالها من الخنوع والإستكانه الى رفع الصوت بوجه الظلم والإستبداد وهذا مؤشر عالي الجودة لا ياتي بسهولة فقد تحتاج الأمة لسنوات طوال يجهد علماؤها ومفكروها لإخراج جيل يرفض الإذعان ويتربى على مبدادئ العزة والكرامة التي سلبت منه، ولعل الله إطلع على صدق نوايا هذه الشعوب المتمثلة بشبابها الواعي فأصلح حالهم في هذا الوقت القياسي. لقد عاشت أمتنا عقوداً من العذاب تحت وطأة أنظمة فاسدة ظالمة تفتك بالبلاد والعباد لأتفه الأسباب وتحرق الحرث والنسل إن إمتدت لها نسمة تجرح خدها المتنعم بأموال الشعب المسكين، كل ذلك لأن الشعوب وقتها سكتت على ذلك الظلم حين رأت قسوة الانظمة وبطشها فشملهم بذلك حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك الله أن يعمهم بعذاب من عنده). اليوم تجلى لنا معنى حديث النبي عليه الصلاة والسلام حين قال: ( سيد الشهداء حمزة، ورجل قام الى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله). نعم هذه هي بعينها كلمة الحق عند سلطان جائر لأن هذا الشهيد أشعل بموقفه البطولي ثورة ضد هذا الظالم، وسيتحرك بعده طوفان لن تستطيع أي قوة في هذا العالم وقف زحفه ولا صد غضبه حتى يحقق أهدافه ويصل الى مبتغاه فالله جل وعلى هو خالق النفس البشرية وهو اعلم بحالها وتكوينها ومالذي يحركها وكيف يتم استنهاض همتها. فالمجد كل المجد للشهداء الذين أناروا بدمائهم طريق العزة والكرامة.. والفخر كل الفخر للأمهات التي أنجبت وربت وضحت وصبرت.. الفخر كل الفخر لكم ولأبنائكم.. وهنيئا لكم الحرية .. وكل ثورة وأنتم بخير. كاتب واعلامي عراقي