شعارات وهتافات المصريين خلال ثورتهم الأبية .. قطعا ستعيش في قلوبهم وقلوب العالم العربي والإسلامي أبد الدهر، هذه الشعارات التي ألهبت حماس الشباب "الثائر" وكانت من ضمن أسباب النصر. فقد رفع المتظاهرون في جميع أنحاء مصر شعارات منها "الكوميدي" ومنها "المأساوي"، ومنها ما يعبر عن الواقع ب "سخرية شديدة"، وتعوّد المصريون على هذه الأمور؛ فهم في أحلك ظروفهم "ينكتون" و"يسخرون"، وكأنهم يعلمون أن الغد دائمًا أفضل بإذن الله. وليس غريبًا على المصريين أنّ يوجدوا الدعابة حتَّى في الأزمات، حيث تفيد الدراسات التي اهتمت بالتعمق في سيكولوجية الشخصية المصرية بأنها عبارة عن مستودع بشري, أو ينبوع للألم والغضب والانفعال العميق, فضلاً عن تمتعهم بالذكاء المرتفع وسرعة البديهة، التي تمكنهم من المبادرة ب "الإفيهات" تعليقًا على مختلف المواقف. "عايز استحمى وأحلق" خرج الشباب بهتافات تنتزع الضحكات من القلب، مثل ذلك الذي حمل لافتة كُتب عليها: "ارحل الولية عاوزة تولد والولد مش عايز يشوفك"، بينما كتب آخر: "ارحل بقى ايدي وجعتني" ويقصد طبعًا "وجعتني" من حمل اللافتة، التي كُتب عليها الشعار، أما اللافتة الأكثر فكاهة فهي لمتظاهر بدا بشعره "المنعكش" يقول فيها: "هتمشي هتمشي انجز عايز أروح أحلق"، وكتب آخر: "عايز أروح أستحمى". فكرة أخرى لأحد الشعارات التي حملها أحد المتظاهرين، حيث رسم على لوحة كبيرة شهادة تخرج جعل فيها الرئيس محمد حسني مبارك طالبًا متخرجًا في مدرسة الجمهورية، ولكن الشهادة حملت أصفارًا عديدة في "الصحة" و"الثقافة" و"الداخلية" و"الخارجية" و"التعليم" و"التجارة" و"الاقتصاد" و"الصناعة" و"الزراعة"، وذُيلت الشهادة بملاحظة أن الطالب راسب وليس له فرصة في الإعادة. وحملت لافتة أخرى تساؤلاً من "رابطة نجاري مصر" عن نوع "الغراء" الذي يستخدمه الرئيس. وظهرت صورة للرئيس يحمل لافتة كُتب عليها الرئيس يريد تغيير الشعب، وكتبت فتاة على لافتة "باي مبارك.. موبايلات بقى"، وكتب متظاهر "مبارك طير انت"، في إشارة إلى رحيله. معندوش تليفزيون "I dont think Mubarak has a tv "، "هو ما عندوش تليفزيون ولا إيه؟"، دونها أحد المتظاهرين بخط يده، وزين لافتته بألوان علم مصر الذي علا جبهته، إذْ لون بعض كلمات اللوحة باللون الأحمر، واستخدم قلمًا أسود في كتابتها وترك خلفية اللوحة بيضاء. وعلى بعد أمتار جلست مسنة فوق كرسيها المتحرك بصحبة حفيدتها لتضيف شكلاً آخر من أشكال اللافتات في ساحة الميدان، عبارة عن تاج مصنوع من الورق المقوى، وضعته فوق رأسها، وكتبت عليه بخط يدها "الشهيد في الجنة"، باللون الأخضر، وكأنّ قلبها كأم يدعو إلى كل شهداء الثورة بنعيم الجنة. واستغل المتظاهرون اللافتات للتعبير عن مشاعرهم الشخصية، وربطها بمواقف إنسانية تعرضوا لها بعد الثورة، مثل اللافتة التي علقها أحد الشباب معبرًا فيها عن موقف خطيبته منه بعد أن عرفت أنه يحب مصر أكثر منها، حيث بادرت ودعت أهلها لإحضار المأذون، كما تضرع آخر إلى الله، طالبًا الغفران في لافتة كتب فوقها "سامحني يا رب أنا كنت خايف وساكت". ولم تهدف اللوحات فقط للتعبير عن مطالب المتظاهرين، بل حرص بعضهم على حمل لوحات تعبر عن الواقع الذي يعيشه المصريون، والذي دفعهم للثورة، ومنها اللافتة التي حملها طفل كان جالسًا فوق كتفي والده، ومكتوب عليها "9 ملايين مصابون بفيروس C في مصر". خوذ من الحِلل ليست الأقوال وحدها التي عكست كوميديا المظاهرات، ولكن الأفعال أيضًا والتي ظهرت من خلال الوسائل التي استخدمها المتظاهرون لتأمين وحماية أنفسهم من انهمار الطوب على رؤوسهم، حيث قام فريق منهم بالدفاع عن نفسه بالتفرغ لتكسير طوب الأرصفة من أجل الحصول على حجارة للرد على الهجمات، بينما كان هناك بعض الأفراد مشغولون بالبحث عن أفكار لصناعة الخوذات الواقية، وما أعجبها. الخوذات المبتكرة الجديدة كليًا كانت من أكثر ما يثير ضحكك في موقف تحولت فيه منطقة التحرير إلى ساحة للمعارك، وتؤكد بالدليل القاطع على أنّنا شعب "يعشق الضحك". وكانت "الحلة" من أبرز الأفكار التي أفرزتها الثورة الشبابية لخوذات حماية الرأس في مواجهة طوب البلطجية، حيث ارتدى أحد الشباب الحلة في رأسه وربطها بخيط يلف رأسه حتى يضمن ثباتها أثناء الكر والفر، بينما قام آخرون بارتداء سلة مهملات وآخر "قروانة"، واستخدم البعض زجاجات المياه الفارغة لتثبيتها على الرأس بواسطة شال، وعدد من المتظاهرين استخدموا ورق الكرتون. في بيتنا بلطجي عناوين أفلام الثورة كوميديا أخرى ابتكرها المتظاهرون للسخرية من النظام حفلت بها صفحاتهم على الفيس بوك، فمنشئوا صفحة "أي حاجة في رغيف" اقترحوا أسماء لأفلام الثورة في غاية الطرافة منها: أبي فوق الدبابة, عودة النت, رامي الاعتصامي, الرصاصة المطاطية لا تزال في كتفي, في بيتنا بلطجي, كيف تصرف العفريت, حرامية في لندن, لا تراجع ولا استسلام "القبضة الدامية", إسماعيل يس في الثورة, سمير وشهير وبهير في التحرير, بلطجية من جهة أمنية, شعب فوق صفيح ساخن, احنا بتوع التحرير, سكوت هنحرر, هي ثورة، نحن لا.. نصنع المولوتوف, ارحل.. الثورة تطلع حلوة, ثورة هزت عرش مصر. اللجان الشعبية لا شك أنّ اللجان الشعبية التي شكّلها المواطنون المصريون لها أهمية كبرى في حراسة الشوارع، والقضاء على أعمال البلطجة والشغب والخارجون على القانون، ويخشى الناس من أن تتحول إلى قوة وسلطة، ولكنها سلطة "ظريفة". إحدى تلك اللجان التي كونها مجموعة من "الحشاشين" القدامى، وصادف مرور سيارة بها ضابطان من وزارة الداخلية، وما أنْ اكتشف الحشاشون ذلك إلا وقاموا باحتجازهما للتفتيش، انتقامًا من الشرطة التي كانت تفسد عليهم جلسات "الصهللة". ويؤكد عددٌ كبير أن بعض أفراد هذه اللجان لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك يصر على أن تظهر له البطاقة الشخصية ورخصة القيادة. وقال أكاديمي إنّ لجنة أوقفته بشارع السودان، وتقدم إليه أحد أفرادها مطالبًا إياه بخمسين جنيه غرامة؛ بسبب حديثه في الهاتف أثناء القيادة. المصدر: الاسلام اليوم