في تصرف غريب ينم عن عقلية بالية مهترئة من الذين يتولون مقاعد المسئولية في مصر، فاجئنا حسن صقر بدعوة سمير زاهر للاجتماع من أجل تحديد موعد لبدء مسابقة الدوري لعلها تنجح في جذب الناس لكرة القدم وابتعاد شباب ثوار التحرير عن الميدان لمشاهدة المباريات. سمير زاهر عرض الأمر على أندية الدوري بحيث تستأنف المسابقة بدون جمهور، وهو الأمر الذي وفقت عليه أغلب الأندية بما فيها الزمالك، بينما اعترض الأهلي وكان السبب المعلن أن الأهلي يعتمد في موارده على شركات رعاية مرتبطة ارتباط وثيق بوجود الجمهور، بخلاف سبب غير معلن من وجهة نظري نقرأه خلال المقال. التفكير العجيب لصقر وزاهر ينم عن عقلية لا تعرف ولن تعرف ولم تعرف يوما عقلية الشعب المصري، فهم يتصورون أن من ثار من أجل مصر سيلتفت الآن لكرة القدم، هذا التفكير الساذج الذي كان دائما السبب في تخلف مصر في كل المجالات. المضحك أكثر وأكثر على عقلية وتفكير هؤلاء، أن الأسبوع السادس عشر من والذي سيبدأ به الدور الثاني مبارياته سيشهد مباريات: الأهلي مع الشرطة بالقاهرة، وحرس الحدود مع الزمالك بالإسكندرية، وبتروجيت مع الإسماعيلي بالسويس، والمصري مع طلائع الجيش ببور سعيد، الاتحاد مع مصر المقاصة بالإسكندرية، ووادي دجلة مع المقاولون العرب والإنتاج الحربي مع سموحة، إنبي مع الجونة. المباريات الخمسة الأولى تعد مباريات انفجارية من المؤكد أنها ستتسبب في شحن إضافي للشعب المصري المشحون بما فيه الكفاية حتى لو أقيمت المباريات بدون جمهور، فيكفي أن تكون أول مباراة للأهلي صاحب الشعبية الأولى في مصر مع نادي إتحاد الشرطة، ولا تعليق على هذه المباراة سوى أن الطرف الثاني الذي سيلعب مع الأهلي هو... الشرطة. أيضا مباراتي بين حرس الحدود مع الزمالك والإتحاد مع مصر المقاصة بمدينة الإسكندرية المشتعلة كما الحال بالقاهرة، كما أن مدينة بور سعيد ستشهد مباراة المصري مع طلائع الجيش، وأخيراً وعلى مستوى المباريات الجماهيرية سيلعب بتروجيت مع الإسماعيلي بالسويس، وما أدراك ما معنى أن يلعب بتروجيت مع الإسماعيلي بالسويسالمدينة الثالثة التي تشتعل جماهيريا بثورة 25 يناير، أي أن خمسة فرق جماهيرية ستلعب في أكبر أربعة مدن ملتهبة بمصر، القاهرةوالإسكندريةوبور سعيدوالسويس، ومع فرق كلها تنتمي لمؤسسات مرتبطة ارتباط وثيق بأسباب قيام ثورة 25 يناير. الطريف أنه حتى لو فكر إتحاد الكرة في أن يعيد ترتيب أسابيع الدور الثاني للدوري لتلافي هذه البداية الملتهبة فلن يستطيع فكافة الأسابيع بها مباريات ملتهبة جماهيريا مع نفس المؤسسات، فالأسبوع السابع عشر سيلعب فيه إتحاد الشرطة مع الإتحاد السكندري والزمالك مع بتروجيت والجيش مع الأهلي والإسماعيلي مع الأهلي، وهكذا. التفكير في استئناف الدوري الآن سيزيد من تأجج المشاعر الشعبية تجاه الأموال التي تنفق على كرة القدم في مؤسسات الجيش والشرطة والبترول على لعبة كرة القدم، فالشعب المصري يعاني من الفقر وارتفاع الأسعار والفارق الكبير بينها وبين الأجور، في الوقت الذي تذهب فيه أموال الدولة لأندية مؤسسات البترول والشرطة والجيش وهي إنبي وبتروجيت وطلائع الجيش وحرس الحدود والإنتاج الحربي وإتحاد الشرطة في الدوري الممتاز، بخلاف نادي شركة المقاولون العرب. بخلاف أندية هذه المؤسسات في دوري الدرجة الثانية مثل بترول أسيوط والنصر للتعدين وجاسكو وهي تابعة لقطاع البترول، والداخلية التابع لوزارة الداخلية، والمصرية للاتصالات وتليفونات بني سويف التابعين لشركة الإتصالات، والألمونيوم والقناة والرباط والأنوار التابعين لهيئة قناة السويس، وغزل المحلة ومالية كفر الزيات وأبو قير للأسمدة ومياه البحيرة وسكر الحوامدية وسكر أبو قرقاص التابعين لشركة السكر والتكرير المصرية، وكل هذه الشركات إما تملكها الدولة حتى الآن، أو تساهم فيها بنسبة كبيرة بعد بيعها، بخلاف أندية أخرى في الدرجة الثالثة. واضح أن مسئولي الرياضة في مصر مثلهم مثل كل المسئولين في كل مجالات الحياة في مصر غائبين عن الواقع وعن الشعب، يا سادة الشعب في حالة انفجار وغضب على كافة المستويات، وأمواله تذهب لتلميع مسئولي مؤسسات الدولة المختلفة وشركاتها إعلامياً، وتفكرون في استئناف الدوري؟، والآن!!. خلوا عندكم شوية دم... اللي عنده دم أحسن من اللي عنده دوري.