فى ظل شيوع الأحاديث الجانبية التى باتت فى غاية السخافة بين الأصدقاء على الفيس بوك او حتى فى الجلسات المعتادة تجد الكثيرين يتكلمون ويثرثرون بناء على ما يسمعونه ويشاهدونه من الاعلام المرئى دون ذرة تفكير ويبنون آرائهم _ أن كانت لهم آراء من الاساس _ على ما يُقال لهم وليس نتيجة لفحص وتمحيص ما يدور على الساحة ومحاولة التحليل بعيداً عن حب أو كره تيار بعينه كما اسلفت فى أكثر من موضع ، لكن الغالب هو أن كل فريق يحفظ ما يسمعه ويردد كالببغاء ومن هنا تبدأ المعضلات الجسام التى دائما ما تقف للحيلولة دون الوصول إلى حلول.
لنلقى نظرة على خطر الدعاية الحكومية على تفكير الشعب الغير واعى وقد أشار " نعوم تشومسكى " الناشط السياسى وأستاذ اللغويات فى كتابه (السيطرة على الاعلام ) إلى هذه النقطة بالذات فيقول ( لنبدأ أولاً بالاشارة إلى أول عملية دعائية حكومية فى العصر الحديث حيث كانت ادارة الرئيس " وودرو ويسلون " الذى انتخب رئيسا لامريكا وفق برنامج انتخابى بعنوان " سلام بلا نصر " فى تلك الاثناء كان المواطنون مسالمين لاقصى الدرجات ولم يروا سبباً للانخراط فى حروب اوروبية بينما كان على ادارة ويسلون التزامات تجاه الحرب ومن ثم كان عليها فعل شئ ما حيال ذلك الأمر ، فقامت الادارة بانشاء لجنة للدعاية الحكومية أطلق عليها لجنة " كريل " وقد نجحت هذه اللجنة خلال ستة اشهر فى تحويل المواطنين المسالمين إلى مواطنين تتملكهم الهيستريا والتعطش للحرب ")
وواصل تشومسكى حديثه قائلاً " وتم توظيف ذلك التكتيك لاثارة هيستريا ضد الرعب الشيوعى - كما كان يطلق عليه وقد نجحت إلى حد كبير فى تدمير الاتحادات العمالية ، والقضاء على حرية الصحافة وحرية الفكر السياسى وكان هناك تاييد قوى من وسائل الاعلام وكذلك من قبل مؤسسة رجال الاعمال التى نظمت بل وشجعت جل هذا العمل "
الهدف من ذكر ذلك المثال أن الشعب الغير واعى يبنى أفكاره ومعتقداته ويشكل وعيه بناء على ما يتم ترويجه فى الاعلام والشعب المتلقى الكسول لا يمكن له صناعة شىء فالوعى المجتمعى لا يمكن بناؤه إلا ببذل المجهود وكسر حالة الكسل التى تتملكنا والجرى وراء الحقائق ولو كانت تخالفنا .
أخيراً لا يمكن بأى حال انكار التباين فى الرؤى ووجهات النظر لكن بشرط أن يكون قائما على أسس منهجية لكن أن نثرثر بكل ما نسمعه ونشاهده فهذا لن يفيد قيد أنملة بل يضعنا على أول طريق التيه .