إنتقدت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية في إفتتاحيتها اليوم بيان الخارجية الأمريكية حول المظاهرات التي خرجت في مصر يوم الثلاثاء، واصفة قيامها برمي ثقل الإدارة الأمريكية خلف الرئيس مبارك ب"الحماقة". و قالت الصحيفة أن تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية تظهر أن الإدارة الأمريكية لا تزال متخلفة بشكل خطير عن وتيرة الأحداث في الشرق الأوسط، مشيرة إلى انها لم تستطع توقع أحداث الثورة في تونس عندما خرجت لتعلن أنها تقف على الحياد، قبل أيام من سقوط الرئيس التونسي زين العابدين بن علي. و أكدت على أن مجريات أحداث يوم الثلاثاء تظهر عدم إستقرار الحكومة، حيث قتل ثلاثة أشخاص و اعتصم الآلاف في ميدان التحرير وسط القاهرة، مضيفة بأن الرئيس مبارك لا يحاول الاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة، و بدلاً من ذلك تسعى حكومته لتخليد نفسها في السلطة بالقوة و تمهيد الطريق لتوريث الحكم. و اعتبرت الصحيفة أن الدعم الأمريكي الذي وصفته ب"الأعمي" للرئيس مبارك يرفع إحتمال وقوع كارثة سياسية في مصر، داعية الرئيس أوباما و وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون عن ترك الحديث عن إستقرار السلطة في مصر، و بدء الحديث عن كيفية تغييرها. أما صحيفة الكريستيان ساينس مونيتور الأمريكية فقالت أن المظاهرات الحاشدة التي شهدتها مصر يوم الثلاثاء هي الأضخم منذ أكثر من عشر سنوات، و أكدت على أن المظاهرات التي انطلقت في أكثر من 7 مدن قد هزت النظام المصري. و أشارت إلى أن الناشطين على الإنترنت بدؤا بالفعل في التحضير لمظاهرات أخرى ضخمة منددة بنظام الرئيس مبارك بعد صلاة الجمعة، مؤكدة على أنه منذ الآن و حتى ذلك الوقت فإن الحكومة سوف تفعل كل ما في وسعها لتضييق الخناق على المنظمين و جعل الاحتجاجات على غرار ما يوم الثلاثاء أمراً مستحيلاً. في حين قالت صحيفة التليجراف البريطانية أنه على الرغم من مقتل ثلاثة أشخاص في احتجاجات يوم الثلاثاء و إعلان السلطات المصرية حظر المظاهرات فإن العشرات من الشباب عادوا للتجمهر مرة أخرى في ميدان التحرير يوم الأربعاء. و أكدت على أنهم إذا استطاعوا إحداث تواجد كبير في الشوارع مرة أخرى خلال الأيام القادمة، فإن المتظاهرين سيتمكنوا من البدء في بناء زخم لا يقدر بثمن. و لكنها أشارت إلى أن تكرار ثورة الياسمين التونسية في مصر لن يكون أمراً سهلاً. حيث قالت بأن زين العابدين بن علي تنازل عن السلطة بعدما خسر دعم جيشه، إلا أن الرئيس مبارك يحظى بولاء أكبر بكثير داخل قواته المسلحة. كما أن الشرطة المصرية أكثر ضبطاً للنفس في التعامل مع المتظاهرين –على الرغم من وقوع بعض الوفيات بين المتظاهرن- و أكثر قدرة على إحتواء الاحتجاجات، بحسب الصحيفة. إضافة إلى ذلك فإن المواطنين المصريين العاديين يحظون بقدر قليل من الحرية السياسية أكثر من نظرائهم التونسيين و هو ما يمنحهم متنفساً لإحباطهم. و لكنها استدركت قائلة أن ذلك لا يعني أن بإمكان الرئيس مبارك أن يشعر بالأمان، لأنه إذا بدت الإحتجاجات و كأنها تملك فرصة حقيقية للإطاحة بالرئيس مبارك، فإن العديد من المصريين الذين فضلوا البقاء على الحياد سيبدأون في الإحتشاد خلف قضيتهم. و أكدت الصحيفة على أنه حتى لو تمكن النظام من قمع المظاهرات الحالية، فإن المشاكل التي تواجه الرئيس مبارك لن تنتهي عن ذلك الحد، فالإنتخابات الرئاسية المقرر إقامتها في سبتمبر القادم من المحتمل أن تشهد إما ترشح الرئيس مبارك لفترة رئاسية سادسة أو محاولة توريث الحكم لابنه جمال، و كلا الاحتمالين غير مقبولين بالنسبة للكثير من المصريين، و حدوث أيهما سيؤدي لتصاعد الغضب. و نقلت الصحيفة عن محللين قولهم أنه إذا ضمت المظاهرة أقل من 70 ألفاً من المتظاهرين فإن النظام سيظل واثقاً نسبياً من قدرته على تفريقها، و لكن الأعداد الضخمة ستشكل ضغطاً على موارد الشرطة و ستدفع الرئيس مبارك لاستدعاء الجيش، معتبرين أن ذلك سيشكل بداية السقوط لنظام الرئيس مبارك، فعلى الرغم من أن الرئيس مبارك يحظي بدعم كبار الضباط الآن، إلا أن الوضع قد يتغير إذا صدرت أوامر للجيش باستخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين. قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن المظاهرات التي اندلعت يوم الثلاثاء هي أمر لم تشهد مثله مصر منذ تولي الرئيس مبارك السلطة عام 1981، مشيرة إلى أنها تأتي في وقت يحاول فيه القادة في العالم العربي تهدئة مواطنيهم خوفاً من حدوث "تأثر قطع الدومينو" بعد الأحداث التي شهدتها تونس. و أشارت إلى أن رد فعل الشرطة في مواجهات يوم الثلاثاء كان يبدو مقيداً في بداية الأمر، و ذلك في بلد تتهم فيه الشرطة بالوحشية حيث تقوم بقمع المظاهرات سريعاً، و نقلت الصحيفة عن مصادر أمنية أنهم كانوا تحت أوامر بعد الدخول في صدامات مع المتظاهرين. إلا أن الشرطة سريعاً ما غيرت أسلوبها و بدأت في ضرب المتظاهرين بعد أن اجتاحت الحشود الضخمة ميدان التحرير وسط القاهرة. و لكنها قالت بأنه لم تكن هناك مؤشرات على قدرة منظمي الإحتجاجات في مصر على توجيه غضب المتظاهرين إتجاه سياسي قادر على إسقاط النظام الاستبدادي في وقت قريب، كما قالت بأن النظام في مصر يحظي بدعم الجيش بشكل أكبر بكثير من تونس. أكدت صحيفة النيويورك تايمز الأمريكية أن الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لحظر الاحتجاجات تظهر لأي مدى تمكنت مظاهرات الثلاثاء من هز النظام، في إشارة إلى بيان الداخلية المصرية الذي أعلنت فيه أنه لن يتم السماح بتنظيم أي مسيرات أو مظاهرات. و لكنها قالت بأنه من غير الواضح حالياً إذا ما كان بإمكان المنظمين إعادة حشد مثل هذه المظاهرات الضخمة و التي صدمت المتظاهرين أنفسهم في حجمها، إلا أنها استدركت قائلة أن اللقاءات التي أجراها مراسلوها مع المحتجين تعكس واحده من أعمق مخاوف الحكومة، فهي تظهر أن المعارضة لنظام الرئيس مبارك تجاوزت الخطوط الأيديولوجية لتشمل المواطنين العاديين الغاضبين من الفساد و الأوضاع الإقتصادية الصعبة، فضلاً عن العلمانيين و الإسلاميين، و هذا الدعم الواسع يجعل من الصعب على الحكومة إستمالة أو حتى سحق المحتجين. و قالت بأن المؤشرات كانت متضاربة حول كيفية تخطيط النظام للتعامل مع هذه الاضطرابات، حيث بدت قوات الأمن في حالة غير معهودة من ضبط النفس، و لكن كانت هناك مؤشرات عن تكتيكات أخرى لاحتواء الأوضاع، حيث تم حجب شبكات الإتصالات و جعل التواصل غير متاحاً للمتظاهرين في ميدان التحرير، كما تم حجب موقع التويتر الذي ساعد على نشر أخبار الاحتجاجات. إلا أن الأمن بدا عازماً على إخلاء الشوارع من المتظاهرين يوم الأربعاء، و هو ما أدى إلى صدامات عنيفة مع المتظاهرين، بحسب الصحيفة. من جانبها قالت صحيفة الجارديان البريطانية أن مراسلها في القاهرة، جاك شينكر، قد تعرض للضرب و الإعتقال من قبل قوات الأمن أثناء تغطيته للإحتجاجات في التحرير، حيث قالت بأن مراسلها تم إعتقاله من قبل قوات أمن متخفيه في زي مدني، الذين قاموا بجره من المظاهرة إلى صفوف الأمن، و أشار شينكر إلى أن كل محاولاته لشرح كونه مراسلاً صحفياً دولياً بالعربية و الإنجليزية قابلها المزيد من الضرب. و نشرت مقطعاً صوتياً قام شينكر بتسجيله أثناء ترحيله في احدى شاحنات الأمن المركزي مع العشرات من المعتقلين. و قال شينكر في التسجيل أنهم يتجهون إلى جهة غير معلومة في الصحراء و معه عدد يتراوح بين 40 إلى 50 شخص، مؤكداً على أن الأمن يقوم بإيقاف السيارة كل فترة ليتأكد من عدم وجود ابن ايمن نور زعيم حزب الغد بين المعتقلين، مشيراً إلى أنه من الواضح أنه توجد تعليمات لديهم بإطلاق سراحة نظراً لكون والده شخصية سياسية بارزة تهتم بها واشنطن و عواصم غربية أخرى، و لكنه قال بان ابن أيمن نور و المتواجد معه في الشاحنة رفض الخروج و اكد على انه اما يرحل مع الجميع أو يبقى معهم. و نقل شينكر عن المحتجزين توقعاتهم بإنهم إما سيتم التحقيق معهم و تعذيبهم أو سيتم إطلاق سراحهم في الصحراء بدون أموال أو وسائل إتصال، و قال شنكر في نهاية التسجيل أنهم توقفوا أمام المقر الرئيس للأمن المركزي في وسط الصحراء. و ذكر التقرير الذي نشرته الصحيفة في اليوم التالي أنه بعد توقف الشاحنة بفترة تم فتح الباب و أخذ ضابط الشرطة في البحث عن ابن ايمن نور، و عندها قام المحتجزون بدفع انفسهم خارج الشاحنة، حيث تم نقل أحد المحتجزين و الذي أصيب بغيبوبة سكر للمستشفى في حين أخذ الباقين يبحثون عن كيفية العودة إلى المدينة مرة أخرى.