الإخوان والجيش في مصر سبب فشل تحقيق مطالب الثورة حركة النهضة ساهمت في نجاح ثورة تونس السلفيون غير مؤثرين.. وفلول الأنظمة السابقة تحاول العودة تحت عنوان "النهضة" والجيش في تونس يحدثان الفارق مع مصر، نشرت الإذاعة الألمانية "دويتش فيله DW" على موقعها الإلكتروني على شبكة الإنترنت أسباب فشل الثورة المصرية، حتى اللحظة الحالية، ونجاح نظيرتها في تونس. يعتقد الخبير الألماني لوتز روغلر، أن التوافق حول الدستور في تونس- التي بدأت فيها الثورة 17ديمسبر 2010، وبعدها بأيام في 25 يناير اندلعت الثورة في مصر- جاء نتيجة وعي القوى العلمانية والإسلاميين في تونس بمخاطر الفشل في التوصل إلى توافق. وفي حوار معDW يبرز روغلر، الخبير الألماني المتخصص في شئون الجماعات والأحزاب الإسلامية، اختلاف حركة النهضة التونسية عن جماعة الإخوان المسلمين، ويقول: إقرار تونس لدستورها الجديد بعد ثلاث سنوات من ثورتها وعبورها فترة أزمات صعبة، يعتبر حالة نادرة في دول الربيع العربي حتى الآن. ويضيف: الدستور الجديد تضمن حلولًا توافقية لقضايا شائكة كالعلاقة بين الدين والدولة وحرية المعتقد.. أعتقد أن الفاعلين السياسيين في تونس كانوا أكثر وعيًا بالصعوبات والمشاكل التي تواجه بلدهم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كانوا مدركين للمخاطر التي تحدق ببلدهم إذا لم يتوصلوا إلى توافق وطني حول أساسيات الحياة السياسية في المرحلة المقبلة، والمتمثلة خصوصًا في الدستور وقواعد تنظيم الانتخابات المقبلة. ويتابع روغلر: بفضل الوعي السياسي الكبير لدى أوسع فئات الطبقة السياسية التونسية، تمكنت تونس من الوصول إلى هذا التوافق، وينبغي أن أشير أيضا إلى أن حركة النهضة بالمقارنة مع حركات إسلامية أخرى في المنطقة، هي أكثر مرونة على المستوى الفكري والسياسي. ويمضي قائلًا: مرونة "النهضة" إزاء عدد من النقاط الخلافية مع القوى اليسارية أو ما يسمى بالعلمانية، وبالتالي لم تكن هنالك عوائق كبيرة في سبيل الوصول إلى هذا التوافق. ويشير الخبير الألماني، إلى أن الدستور التونسي الجديد يضمن الطابع المدني للدولة واستبعاد الشريعة كمصدر للتشريع ومنع التكفير. وبشأن الوضع في مصر، فإنها بالنسبة للخبير الألماني يختلف كثيرًا عن الوضع في تونس؛ "لذلك لا أعتقد أن التوافق في تونس حول التفاصيل سيؤثر مباشرة على السياقات السياسية في البلدان العربية الأخرى، وهنا أشير إلى التفاصيل المتعلقة بمسألة وضع الشريعة في الدستور، أو التنصيص على منع التكفير في الدستور التونسي مثلا"، وفق قوله. الجيش و"النهضة" يحدثان الفارق كما يرى الخبير الألماني أن تجربة الإخوان المسلمين في مصر تختلف كثيرًا عن حركة النهضة التونسية، "فهذه الأخيرة نشأت في نهاية الستينات وبداية السبعينات، وتطورت عبر مراحل إلى أن صارت حركة النهضة التي نعرفها اليوم، بينما نشأت الجماعة في مصر منذ أكثر من ثمانية عقود، وعاشت قمعًا متواصلًا لمدة أكثر من ستين عامًا، وأعتقد أن التجربة الفكرية والسياسية للإخوان في مصر مختلفة كثيرًا عن حركة النهضة التي تتسم بانفتاح أكبر على قوى سياسية أخرى بما فيها قوى يسارية وعلمانية، وقد يعود ذلك إلى تواجد قادتها ولفترة معينة في المنفى". أما بالنسبة لدور الجيش في البلدين فيقول الخبير: رغم وجود تجربة تحديث سياسي عريقة ومتشابهة في البلدين، إلا أن دور الجيش يختلف، فبينما يلتزم الجيش التونسي الحياد إزاء العملية السياسية، تعتبر المؤسسة العسكرية عنصرًا محوريًا في النظام السياسي في مصر. ويتابع: المشكلة أن مصر ظلت تحت سيطرة الجيش منذ عقود طويلة، وما يمكن أن نرصده من اختلاف بين مصر وتونس فيما يتعلق بالاستقطاب السياسي، فقد قام الجيش بحسم هذا الخلاف الحاد في مصر على الأقل في مستوى الظاهر؛ لكن في حقيقة الأمر فإن الخلاف ما يزال قائمًا سواء في مصر أو تونس وغيرها من البلدان العربية. ومضى روغلر يقول أيضًا: حتى الآن لا يمكننا أن نعرف كيف سيكون المستقبل السياسي لمصر، ولكن أعتقد أن التجربة الحالية في مصر ليست ملائمة لإنجاح عملية انتقال ديمقراطي سريعة في البلاد. السلفيون غير مؤثرين وعن دور السلفيين، يقول الخبير: لا أعتقد أن بإمكانهم أن يسببوا الفشل لعملية الانتقال الديمقراطي إذا ما نجحت أطراف العملية السياسية، أي القوى الديمقراطية، في التوصل إلى توافق، وبالعكس فإذا فشلت عملية الانتقال الديمقراطي فإن الحركات الجهادية السلفية ستلعب دورًا أكبر وخطيرًا جدًا. ويختتم الخبير رؤيته للوضع التونسي والمصري بالتأكيد أن "الفلول" أو القوى القديمة تبرر عودة نفوذها للحياة السياسية وتصدر المشهد في البلدين بمكافحة الإرهاب ومحاربة الحركات الجهادية.