لم يعد أحد يقتنع بكلام جمال الغندور رئيس لجنة الحكام عن أخطاء الحكام الفادحة والتي استفحلت جدا أخيرا مع ازدياد حساسية المباريات التي تحسم بطولة الدوري ووصفه لها بأنها أخطاء غير مقصودة ، النيات لا يعلمها إلا علام الغيوب ، والذي لنا هو الواقع المحسوس وما نراه بأعيننا ، والحقيقة أن المتابعين للشأن الكروي في مصر أصبحوا يتساؤلون بحق لماذا أخطاء هذه النيات الطيبة من الحكام لا تحدث إلا ضد فرق الأقاليم فقط ، لماذا لا تحدث هذه الأخطاء حسنة النية ضد نادي الأهلي أو الزمالك مثلا ، يبدو لنا أن المسألة زادت حبتين يا كابتن جمال ، ثم إن ما تعرض له نادي كبير مثل النادي الإسماعيلي في أسبوعين متتاليين من ظلم فادح باعترافك واعتراف كل خبراء اللعبة وجمهورها أيضا يحتاج إلى إعادة نظر حقيقية في مجمل أوضاع الكرة في بلادنا ، لأن هذا الذي يحدث يضيع كل قيمة أخلاقية أو تربوية أو حتى جمالية في الرياضة المصرية ويعطي أسوأ انطباع عنها لدى الآخرين كما أنه يفقد البطولات التي يديرها اتحاد الكرة معناها وجدواها طالما أن الاتهامات واضحة وصريحة بأن المباريات تباع وتشترى بدون وجود أي دفاع عقلاني ومقنع من اتحاد الكرة ولجانه ، إن ضياع ضربة جزاء واحدة يكفي لضياع بطولة الدوري كلها وليس فقط خسارة مباراة ، ونذكر جميعا أنه في مباراة الأهلي الشهيرة مع الإسماعيلي في القاهرة والتي انتهت بالتعادل بأربعة أهداف لكل منهما وهي المباراة التي اعتبرت الأعظم في تاريخ الكرة المصرية لروعة أداء الفريقين ، قام الحكم " الأجنبي" باحتساب ضربتي جزاء ضد الأهلي ، وهي حالة يستحيل تكررها مع حكم مصري ، منها ضربة جزاء للإسماعيلي في الدقيقة الأخيرة من المباراة حققت له التعادل ، وهي ضربة الجزاء التي منحت البطولة كلها للإسماعيلي لأنه فاز بالدوري بفارق نقطتين فقط عن الأهلي ، هما النقطتان اللتان منحتهما له ضربة الجزاء ، ومن المؤكد أن هذه المباراة لو حكمها ريشه أو محمد السيد مثلا لاستحال على الإسماعيلي الحصول على ضربة الجزاء في ذلك التوقيت ولذهب درع الدوري إلى الأهلي بكل تأكيد ، نذكر ذلك لننبه إلى أن المسألة خطيرة للغاية في كرة القدم وليست قضية لعبة بسيطة ، إنها قرارات باطلة تنهي البطولات وتنهي معنى المنافسة الشريفة وتهيج الجماهير وتجرئ اللاعبين على الحكام وتجعل قناعة كل أطراف اللعبة أن البطولات تباع وتشترى ، لقد حرم الإسماعيلي من ضربتي جزاء اعترف بهما الجميع ، حرمت الفريق من ست نقاط في أسبوعين ، كما أن إحداهما تسببت في حسم بطولة الدوري تقريبا للنادي الأهلي ، وضربة الجزاء الثانية التي اعترف بها حكم مباراة الأهلي والإسماعيلي بعد ذلك محمد السيد وحمل المسؤولية لحامل الراية كانت كفيلة بتغير وجهة المباراة كلها وربما بطولة الدوري كله بعد ذلك ، فلماذا لا يتخذ اتحاد الكرة قرارا مسؤولا بإعادة المباراة وإعلان وقف الحكم عن التحكيم لإعادة الهيبة للمسابقة والكرامة لاتحاد اللعبة والشرف للمسابقة ، الإعادة مطلوبة ليس فقط لضربة الجزاء التي ادعى الحكم أنه لم يرها وإنما لعدة أخطاء واضحة للغاية وكلها حاسمة في تحديد نتيجة المباراة منها مثلا أنه أنذر لاعب الإسماعيلي محمد جوده واعتبره يمثل رغم أنه يعترف بأنه لم ير اللعبة كما قال فعلى أي أساس اعتبر أنه يمثل ، أيضا امتناعه عن إنذار لاعب الأهلي وائل جمعة الذي رآه الملايين وكل من في الملعب وهو يخنق عمر جمال بكلتا يديه بدون كرة واكتفى بتنبيه اللاعب بعدم تكرارها رغم أنها تستحق الطرد بدون نقاش وليس فقط الإنذار ، ولكن لأنه يعرف أنه لو أنذره لطرده وهو كحكم مصري لا يملك شجاعة مثل هذا القرار ضد لاعب في النادي الأهلي وفي ظل حساسية المباراة ذاتها ، وبالمناسبة وائل جمعة أحرز الهدف الثاني للأهلي ، ولنتخيل شكل المباراة لو نال اللاعب الطرد المستحق ، على كل حال ، أصبح قرار إعادة المبارة يمثل ضرورة قانونية وأخلاقية وإلا فليرفع الأمر إلى الفيفا طالما لا يملك مسؤول مصري سلطة اتخاذ القرار الواجب ، وأعتقد أن من حق النادي الإسماعيلي بل من واجب رئيسه أن يرفع شكوى موثقة إلى الفيفا بما حدث ضده في المباراتين مدعمة بشريط المباراة ، وسوف يقضي الفيفا بإعادة المباراتين بكل تأكيد ، لأن الأخطاء واضحة وضوح الشمس وغيرت نتائج المباراة ، وقد أعاد الفيفا بالفعل مباراة للبحرين في تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم بسبب مطابق لما حدث مع الإسماعيلي ، وسوف يسأل مجلس إدارة النادي الإسماعيلي ورئيسه رأفت عبد العظيم أمام جماهيره وأمام التاريخ إذا لم يفعل ذلك ، لأنه يعلم تمام العلم أن أحدا في اتحاد الكرة لن يعيد لفريقه حقه المغتصب ولن ينصفه ، ولن ينال أكثر من طبطبة على كتفه لجبران الخاطر وتحية هاتفية عطرة على الشكل الجميل لناشئيه ، وغير ذلك من الغزل غير العفيف ولا البريء الذي لا يعني سوى " لملمة " الفضيحة ، ولو حدث وفعلها الإسماعيلي فإنه سيخدم لعبة كرة القدم بكل أطرافها ويعيد إلى الملاعب هيبتها ويصحح الكثير من أخطاء الكرة في المستقبل ويضع خطوطا حمراء أمام أي استهانة بالقانون والأخلاق ، وفي النهاية ستجعل شكوى الإسماعيلي بطولة الدوري معلقة حتى النهاية بانتظار حكم الفيفا الذي يمكن أن يقلب الأمور رأسا على عقب . أعتقد أن ما حدث في المباراتين الأخيرتين للإسماعيلي مع الزمالك ثم مع الأهلي ، قد أصاب بالإحباط ، ليس جماهير الإسماعيلي فقط ، وإنما كل جماهير فرق الأقاليم وأفقدهم الثقة في الحكام وفي معنى وجدوى هذه البطولات من حيث الأصل .